سامر ياسين – الحسكة
قبل فترة قصيرة، قصد عبدالحكيم الحجي، أحد الشبان كان يقف بجانب خيمة نصبت في الحسكة، ليسأل عما حدث هناك، ليتفاجأ بأن الشاب يحمل سلاحاً ويعبث به دون أي اعتبار لمخاطره أو حتى التفكير في خروج رصاصة طائشة منه تودي بحياة الشخص المقابل، “فهذا الشيء حرام وخطأ كبير”، يقول “الحجي”.
ويشدد “الحجي” (55 عاماً)، في حديث لنورث برس، على ضرورة تواجد “عقلاء لتوعية هؤلاء الأشخاص، حاملي السلاح، حتى يستطيع الشعب العيش بأمان واستقرار”.
وأكثر ما يثير مخاوف الرجل هو أن انتشار هذه الظاهرة بشكل اعتيادي “ستؤثر على الأطفال. الطفل سيحمل أي سلاح يجده أمامه ويعبث به ما يحدث مشكلة كبيرة”.
وأضاف “الحجي”: “كأنهم بانتشار هذه المظاهر المسلحة، يقومون بتعليم الأطفال على حمل السلاح. يجب أن يكون هناك انتباه أكبر وأن يتم منع هذه المظاهر في المدينة”.
وانتشرت في الآونة الأخيرة حالات لحمل السلاح بشكل عشوائي من قبل بعض الأشخاص في مدينة الحسكة، عقب التوتر الذي حصل بين قبيلة الجبور في المدينة ومجموعات الدفاع الوطني التابعة للقوات الحكومية، عقب تعدي قائد المجموعات “عبد القادر حمو” على وجيه من قبيلة الجبور “الشيخ عبد العزيز المسلط”، مما أدى إلى استنفار أفراد وشبان القبيلة، عن طريق حمل السلاح بشكل عشوائي ومحاولتهم الهجوم على المربع الأمني وطرد الدفاع الوطني منه.

وفي مناطق آهلة بالسكان وساحات عامة تكتظ فيها الحركة، دارت اشتباكات بشكل مباشر بالرصاص الحي بين القوتين، وجرح على إثرها 4 أشخاص من قبيلة الجبور، وفقد عنصر من القوات الحكومية حياته بعد إصابته بعدة أيام، الأمر الذي أحدث خوفاً وذعراً بين السكان خلال الأسبوعين الماضيين.
ويؤيد أحمد المحمد وهو شاب من مدينة الحسكة، ردة فعل قبيلة الجبور تجاه تصرف الدفاع الوطني، ولكنه يرفض ظاهرة الهجوم بالسلاح الحي وبشكل عشوائي.
ويقول “المحمد” لنورث برس: “حمل السلاح بهذا الشكل العشوائي، يودي بحياة الناس الأبرياء داخل المدينة، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأشخاص المدنيين الأبرياء أصيبوا في الاشتباك الذي حدث مؤخراً بين أفراد العشيرة والدفاع الوطني، فالمظاهر المسلحة العشوائية لها تأثير كبير على سكان المدينة، حيث انتشر الرعب والخوف في قلوب السكان، حتى وصلت لمرحلة أن بعض السكان كانوا خائفين حتى من المشي في الشارع”.
وشهد الستيني عبد الكريم البشير وهو من سكان حي تل حجر، الاشتباك الأخير بين الدفاع الوطني وقبيلة الجبور، يقول لنورث برس: “المظاهر المسلحة من أي جهة كانت هي عبء على السكان، لأنه وبعد التوتر الأخير فقد الأمان داخل المدينة، عداك عن الضحايا التي ممكن أن يخلفها أي اشتباك عشوائي من المدنيين العزل الأبرياء”.
ويضيف: “استمرار وجود هكذا مظاهر داخل المدن، يؤثر على حالة الاستقرار العامة للسكان. ونحن نتأمل من أن تنتهي هذه الظاهرة السيئة جداً”.
وقال الناشط الحقوقي والمدني خالد جبر، لنورث برس: “لوحظ في الفترة الأخيرة ظهور حالات لمظاهر مسلحة عشوائية مجدداً، والسبب الرئيسي لهذه الحالات هي الحرب والنزاع المسلح الذي تمر به البلاد منذ أكثر من 11 عاماً، حيث رسخت ثقافة السلاح في الشارع بشكل عام”.
وبغض النظر عن أحقية التوتر الحاصل مؤخراً في مدينة الحسكة، وتعدّي الدفاع الوطني على رمز من رموز القبائل العربية، “لكن من ناحية أخرى، المظاهر المسلحة العشوائية هي ظاهرة سلبية في المجتمع، لذلك يقع عاتق الجهات المختصة حل هذه المظاهر ومنعها، وفرض القوانين في المدن، وهذا يعتبر من ضرورات ضبط الأمان والتثبيت الاجتماعي”.
ويضيف “جبر” لنورث برس: “المظاهر المسلحة تؤثر سلباً بشكل مباشر على نفسية الطفل، وعلى الحالة الاجتماعية الموجودة، وعلى الحالة الطبية في المدن. لاحظنا إغلاق بعض الطرق التي تؤدي للمشافي في فترة انتشار المظاهر المسلحة في الأيام الأخيرة في المدينة”.
ويعّول الناشط المدني، على التوعية المجتمعية بشكل أساسي، ومن ثم التوعية القانونية، فهناك قوانين صادرة من الإدارة الذاتية، وهي في حيز التنفيذ والتفعيل، “ولكن يتطلب من الجهات المختصة تثبيت هذه القوانين على الأرض بشكل أكبر، لأن هذه المظاهر المسلحة ليست بحضارية، ولا ترتقي للمستوى المجتمعي الذي نعيش به في مدننا، وتؤدي إلى سلبيات كثر داخل المجتمعات”.