احتجاجات السويداء.. بين مطالبٍ سياسية واقتصادية

السويداء – نورث برس

عمت احتجاجات واسعة قرى وبلدات في السويداء، في تغيير لخارطة المشهد السوري وصفه مراقبون بأنه “نقلة نوعية للسياسة في البلاد”.

وبين مطالب الشارع السياسية والاقتصادية، يبقى الطابع السياسي هو ما تتسم به هذه الاحتجاجات المستمرة للأسبوع الثاني على التوالي في السويداء.

وهذا ما شدد عليه ناشط سياسي وأحد المشاركين في الاحتجاجات، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لنورث برس، أن الحراك اليوم عبر عن أسبابه بوضوح من خلال الشعارات التي رفعت والمطالبة بتغيير سياسي حقيقي في البلاد.

احتجاجات سياسية

وأوضح الناشط أن مطلب المحتجين “إسقاط النظام” هو الوحيد اليوم في الشارع فالجميع أصبح يعرف أن هذا “النظام” غير قابل للإصلاح والتأهيل مجدداً ورحيله هو الخلاص.

وأشار إلى أن “النظام يحاول تقزيم حراك السويداء بأن مطالبهم اقتصادية وستقيل الحكومة للإصلاح”.

وبحسب الناشط فإن حتى الإصلاح الاقتصادي قد عجز عنه “النظام” اليوم فـ”الفساد منتشر في مؤسسات الدولة، والمخدرات أصبحت تباع على الطرقات”.

ووجهه الناشط خطابه للمجتمع الدولي للتركيز على مظاهرات السويداء التي تعبير عن إرادة جميع السوريين لضرورة تغير مواقفهم للإسراع في الوصول لحل سياسي “فالسوريون قالوا كلمتهم يسقط هذا النظام ولا عودة عن خيارهم”.

“ثورة كرامة لا ثورة جياع”

وقال منيف رشيد ناشط في مدينة السويداء، لنورث برس، إنهم “مستمرون في الاحتجاج والتظاهر والعصيان المدني حتى تحسين الوضع المعيشي وإسقاط النظام”.

وشدد رشيد على “الثبات على مبادئ الثورة السورية”. وأضاف أن “ثورة السويداء ثورة كرامة وليست ثورة جياع كما يقول البعض”.

في حين يرى الكاتب الصحفي فؤاد عزام، أنه “لا يوجد ثورة بالعالم اندلعت إلا وكان أحد أهم عناصرها الوضع المعيشي “لا كرامة لجائع”، بحسب قوله.

ويربط الكاتب، في تصريح لنورث برس، بين الأزمة المعيشية التي تتحول إلى اجتماعية ومن ثم حكماً ستولد أزمة سياسية.

ورغم ذلك يشير عزام إلى أن مطالب سكان السويداء المرفوعة في مظاهراتهم هي مطالب واضحة بـ”إسقاط النظام والمطالبة بحل سياسي على أساس القرار 2254″.

ونوه الكاتب الصحفي إلى أن هذه المطالب السياسية قد طرحها العرب عبر بيان عمان في حين “ماطل النظام في تنفيذها وأوغل في تجويع السكان عبر قرارته برفع الدعم”.

ويرى أن كل ما سبق جعل سكان السويداء يفقدون الأمل بالتزام “النظام” بالحل السياسي الذي هو الأساس لحل القضايا المعيشية وغيرها.

فاقد للتغيير

وقال عزام إن هذا “النظام غير قادر على تنفيذ المطالب السياسية”، وذلك لعدة أسباب أهمها هي “أن قرار النظام ليس بيده بل بيد إيران”.

بالإضافة إلى عدم وجود إرادة لديه لتنفيذ القرار 2254، “لأن هذا القرار المستند على بيان جنيف المتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي ودستور جديد وانتخابات برعاية أممية، يعني سقوطه”.

وبين أن “النظام لا يملك أي حلول، وانتفاضة السويداء جاءت لأن السكان قد أدركوا أنه فاشل وضعيف، ولا يمكنه تقديم الحلول، فسياسته مبنية على نصر زائف كحال الديكتاتورية التي لا ترى بالأساس أن لديها شعب بل عبيد”.

وعي سياسي

وأشاد عزام باحتجاجات سكان السويداء من خلال الشعارات التي رفعوها، “أثبتوا وعياً سياسياً عندما نادوا بالحرية والكرامة، ومطالبتهم بتطبيق القرار 2254 الذي يعد مطلباً للمجتمع الدولي”.

وأشار الكاتب إلى أن نهج المحتجين في السويداء المتبع في خطابهم السلمي المدني، أعاد إلى “الثورة” وجهها الحقيقي بعد أن حاول “النظام” منذ اندلاعها في عام 2011 استخدام الصواريخ والمدفعية ضد المحتجين.

وشدد الكاتب الصحفي على أن الأوضاع تتجه إلى نهاية “النظام” ولكن لا يعني ذلك أنه “سينتهي بشهر أو بعد مدة معينة إنما انتهى على أرض الواقع بعد احتجاجات السويداء”.

ونوه إلى أنه لا عودة إلى الوراء، وهذا ما عبروا عنه المحتجون في هتافاتهم وإغلاقهم للمؤسسات.

وأشار عزام إلى “وجود انسجام ضمني بين مطالب الاحتجاجات في السويداء مع مصالح العرب، “فبدل أن ينفذ الأسد ما طلب منه في بيان عمان قبل أكثر من ثلاثة أشهر، ما كان منه إلا أن اتهمهم بالإرهاب، وبأنهم شاركوا في الحرب ضده وأن المخدرات ليس مسؤولاً عنها ليوقفها”.

وهذا ما عبر عنه الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلته مع قناة “سكاي نيوز”، وما قاله فيصل المقداد لوزراء الخارجية العرب في القاهرة قبل ساعات على اندلاع الاحتجاجات إن “الأردن ومصر بشكل خاص يعملون على إيجاد مناخ الاحتجاجات والضغط على النظام لكي يستجيب لشروطهم”.

إعداد: رزان زين الدين – تحرير: محمد القاضي