دير الزور.. كيف تُعامل إيران عناصر فصائلها مختلفي الجنسية والمذهب؟

ماهر مصطفى – دير الزور

بعد سنتين من خدمته بأحد الفصائل الإيرانية، ترفّع علي لـ رتبة آمر فوج، بينما آخرون غيره لم يضطروا لقضاء كل تلك المدة، إذ إن ما حققه بعد سنتين وأكثر بقليل حققه آخرون بأشهر قليلة.

هذا الأمر ارتبط بالنسبة لــ”علي” بجنسيته السورية ومذهبه المغاير عن أولئك، فهو حقق ذلك بعد سنوات من الخدمة والعديد من الدورات، بينما من وصفه بـأن أولئك لم يخضعوا لتلك الدورات، فـ”هم من المذهب الشيعي”.

يشير على الجاسم (اسم مستعار)، لأحد قيادي الحرس الثوري الإيراني من الجنسية السورية، إلى وجود “تمييز على أساس المذهب والجنسية. هذا التمييز يطال الرتب العسكرية وحتى الرواتب”.

ويقول لنورث برس، إن المجموعة التي انتسب لها ضمن الحرس الثوري، كانت تحتوي على عناصر من الجنسية اللبنانية، تم ترفيعهم بعد شهرين من التحاقهم، وزادوا أجورهم.

ويضيف: “اللبنانيون والعراقيون، وخاصة ممن ينتمون للمذهب الشيعي، يحضون بسلطة أكبر ضمن الفصيل، ويحضرون اجتماعات، وبمقدورهم اتخاذ القرارات، على عكس السوريين، وأولئك ممن ينتمون للمذهب السُنّي”.

تعتبر إيران من أكثر أطراف الصراع في سوريا تجنيداً للمقاتلين، وتلعب في ذلك على العواطف المذهبية والدفاع عن المقدسات الشيعية، أو بالترغيب المادي والتمويل، وتسعى جاهدة إلى تشكيل فصائل مسلحة على أرض الواقع من عدة جنسيات عربية وأجنبية. تستخدمهم بحسب الجنسية والمذهب والولاء العقائدي لإيران.

وتشكلت الفصائل المحلية الموالية لإيران، في بادئ الأمر بحجة مساندة قوات حكومة دمشق للقتال بجانبهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، “داعش”، لكن سرعان ما بدأت بالإفصاح عن أهدافها؛ لإحداث تلك الفصائل من الناحية العرقية والمذهبية، ومن ناحية السيطرة العسكرية لتغيير ديموغرافية المنطقة وتحقيق طموحاتها في وضع قواعد عسكرية لها طويلة الأمد ضمن الأراضي السورية.

تمييز مذهبي

يقول “الجاسم”: “حتى في المرتب المادي يوجد تمييز كبير حيث لاتصل رواتبنا كقياديين محليين إلى 150 دولار أميركي، بينما المنتسبين من الشيعة وخاصة من الجنسيات غير السورية فتتجاوز رواتبهم الـ 400 دولار أميركي، ناهيك عن المكافآت والمساعدات التي يتلقونها”.

وتستقطب إيران المقاتلين المحليين ضمن الفصائل، إما بدوافع دينية وعقائدية لدى بعض المقاتلين من غير المذهب السني، وإما بالدافع المادي، وهو أهم أسباب التطوع في صفوف تلك الفصائل.

إذ يصل رواتب العناصر المحليين إلى 100 دولار أميركي، هؤلاء -أي المقاتلين المحليين- يتم وضعهم إما كحرس للمقرات العسكرية، أو الزج بهم في البادية السورية، التي تنشط فيها خلايا التنظيم.

بينما المقاتلون الأجانب من جنسيات عراقية ولبنانية، تختلف مرتباتهم عن العناصر المحليين، لتصل لنحو 500 دولار أميركي، ويتم تسليمهم الأمور الإدارية، كـ إدارة الأفواج العسكرية والفصائل المحلية.

كذلك تُجنّد إيران عناصر من جنسيات آسيوية لا سيما أفغانستان، وغالبية هؤلاء من “الهازارا” وهم أقلية طائفية في أفغانستان تنتمي للمذهب الشيعي، وغالبيتهم عديمي الجنسية، أو ملاحقين قضائياً، وتشترط عليهم إيران القتال مقابل سحب الملاحقات والتوطين.

تستخدم إيران المقاتلين الأفغان كوقود لحربها في سوريا، جنّدتهم مستغلة العصبية الطائفية، والإغراءات بمنحهم الجنسية والمال، ينخرط غالبيتهم ضمن صفوف لواء “فاطميون”، ويقدّر عددهم بالآلاف، بحسب مصدر ضمن الفصائل.

يوجد في سوريا أكثر من ثلاثين فصيل وكتيبة موالية لإيران، أبرزها؛ فاطميون، زينبيون، لواء القدس، هاشميون، أبو الفضل العباس، النجباء، بدر، الأمام علي، عصائب أهل الحق، وحراس القرى.

وتتكون تلك الفصائل من مقاتلين من عدة جنسيات، إما من السوريين المنتسبين محلياً، أو من جنسيات عربية وأسيوية، ووفقاً لـ “الجاسم” أن جميع هؤلاء ليسوا فاعلين، ولا يملكون قرارات حسم جدية على أرض الواقع، إذ يشرف عليهم إما عسكريون من الحرس الثوري الإيراني أو منتسبون من الجنسية الإيرانية، وهؤلاء من يمسكون بزمام الأمور وقرارات الحسم.

يقول ناشطون من دير الزور، إن بعض العناصر المحليين والعراقيين يتم ترفيعهم تدريجياً وتسليمهم مناصب إدارية أو عسكرية، كمكافأة لهم بعد أن يثبتوا ولائهم، لكن تلك المناصب “شكلية” دون أية سلطة سوى على العناصر المحليين.

وفي حال اكتسب القياديين المحليين شعبية في المنطقة التي ينشطون بها، يتم الزج بهم في معارك بالبادية السورية، خوفاً من تمردهم مستقبلاً.

أجور متباينة

وتختلف المرتبات المادية بين فصيل وآخر، إذ يمنح لواء فاطميون الأفغاني الذي ينضوي تحت رايته نحو 3500 مقاتل، عناصره من الجنسية السورية، مبالغ تتراوح بين 100 و200 دولار أميركي، بينما الأفغان تصل رواتبهم على 500 دولار أميركي.

أما لواء أبو الفضل العباس، الذي يعتبر من أوائل الفصائل التي تشكلت في سوريا، لحماية مقام السيدة زينب، ينضوي تحت رايته قرابة 4500 مقاتل، غالبيتهم من العراقيين واللبنانيين الذي ينتمون للمذهب الشيعي، وتتراوح أجورهم الشهرية بين 200 و400 دولار أميركي.

فيما يستقطب لواء زينبيون الإيراني، غالبية عناصره من الجنسية الباكستانية، حيث يتمتعون بصلاحيات عسكرية تختلف عن باقي الفصائل ويتم تأمين منازل لهم، وتختلف رواتبهم بحسب القدم لتصل إلى 350 دولار أميركي.

وبحسب ناشطين، يبلغ العدد الإجمالي للمنتسبين ضمن صفوف الحرس الثوري الإيراني والفصائل الموالية لإيران أكثر من 65 ألف مقاتل.

تحرير: أحمد عثمان