محاولة لإظهار تواجده.. “داعش يكثف هجماته
ماهر مصطفى – دير الزور
لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يوجه رسائل للعالم بين الحين والآخر، أنه التنظيم الـ “المتماسك والقوي”، والمتواجد على أرض الواقع، إما على شكل مجموعات، أو أفراداً، بتنفيذ هجمات خاطفة.
في الثالث من آذار/مارس 2019، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والتحالف الدولي، السيطرة على آخر معاقل تنظيم” داعش” في الباغوز بريف دير الزور، شرقي سوريا.
تلا هذا الإعلان فيما بعد عدة بيانات تؤكد وجود قياديين وعناصر للتنظيم ضمن الأراضي السورية والعراقية، لازالوا يمارسون نشاطهم، في تأكيد للتحالف الدولي لمواصلة القضاء على التنظيم.
ورغم القضاء على قياديي التنظيم الذين أعلنت عنهم قوات التحالف الدولي، إلا أن التنظيم لايزال يظهر نفسه بمظهر القوي، واستمراريته بمحاولات العودة وبسط نفوذه على المناطق السورية.
خلال الشهرين الأخيرين كثّف التنظيم من نشاطه في سوريا، وخاصة في مناطق سيطرة القوات الحكومية بدير الزور وريف حمص وبادية الشامية، التي نفذ فيها التنظيم مؤخراً عدة هجمات “موجعة” للقوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران.
حيث أعلن التنظيم مسؤوليته عن تلك الهجمات عبر معرفات مقربة منه على وسائل التواصل الاجتماعي، وآخرها الهجوم على حافلتي مبيت للفرقة 17 التابعة للقوات الحكومية، التي أودت بحياة 35 عنصراً بينهم ضباط، وإصابة آخرين في بادية دير الزور الشرقية.
وقبل ذلك، هاجم عناصر التنظيم حواجزاً للدفاع الوطني في منطقة معدان الواقعة على الحدود الإدارية بين دير الزور والرقة، استولى التنظيم من خلالها على آليات وذخائر وأسلحة، وبسط سيطرته على المنطقة لساعات، وانسحب بعدها نحو مواقعه في البادية السورية.
وعقب أي هجوم يشنه التنظيم على القوات الحكومية، تشن الأخيرة حملات تمشيط لمطاردة عناصر “داعش” في البادية السورية، إلا أن ذلك يكلّفها خسائراً كبيرة في الأرواح والماديات، لتبوء جميع تلك الحملات بـ “الفشل”.
وفي الرابع من آب/ أغسطس الجاري، وفي كلمة صوتية لأبي عمر المهاجر المتحدث باسم “داعش”، نشرتها معرفات مقربة من التنظيم، أعلن فيها مقتل زعيم التنظيم أبو الحسين الحسيني القرشي، وتنصيب زعيم جديد بدلاً عنه، وهو “أبو حفص القرشي”.
وبعدها نشرت معرفات التنظيم صوراً لجنوده في سوريا والعراق، تظهر بيعتهم للزعيم الجديد في رسالة يحاول التنظيم إيصالها، أنه “لم ينكسر في مقتل زعيمه وسيواصل القتال والبيعة بقيادة أبو حفص الهاشمي القرشي”.
ارتبط تنصيب الزعيم الجديد، بتصعيد هجمات التنظيم في مناطق سيطرة القوات الحكومية، عن طريق الهجوم المباشر على الدوريات والحواجز والمقرات العسكرية، ولم يتبع أساليبه القديمة في الهجوم من خلال زرع العبوات الناسفة، والألغام كما كان يدير هجماته في السابق.
يُظهر ذلك أن استراتيجية التنظيم تختلف بحسب الزعيم الذي يتولى دفة قيادته، واستلم قيادته خمسة “خلفاء”، منذ الإعلان عنه، أربعة منهم قُتلوا، فيما الزعيم الأخير استلم “الخلافة” منذ نحو أقل من شهر.
وتعتبر البادية السورية المعقل الأكبر الذي يتواجد فيه عناصر التنظيم، وتنطلق غالبية عملياته منها.
ويتخوف سكاناً من عودة التنظيم وفرض سيطرته على بعض الأراضي السورية نظراً لضعف القوات الحكومية في القضاء عليه، وعدم قدرتها على مجابهته.
خاصة أن التنظيم بات يُنفذ هجمات ويستولي على نقاط ويصادر عتاداً من النقاط العسكرية الحكومية والفصائل الموالية لها، إذ يتخوفون أن يستمد قوته من نجاح عملياته في سوريا، وخاصة في مناطق ريف حمص الشرقي ودير الزور.
ويعتمد التنظيم على تنفيذ هجمات خاطفة، الهدف منها إثبات وجوده، كعمليات فردية ضد عناصر ونقاط لـ “قسد” في مناطق شرقي الفرات، أو استهدافات جماعية كالتي نفذها ضد القوات الحكومية.
والفرق بين تواجد التنظيم في مناطق سيطرة “قسد”، أنها تقتصر على عمليات فردية ينفذها شخص أو شخصان عبر دراجة نارية، وغالباً ما تكون إما بطلقات مسدس أو سلاح كلاشنكوف، ولا يوجد لديهم مكان ثابت على أرض الواقع.
بينما تمنح البادية لعناصر التنظيم قوة لتنفيذ هجمات جماعية، ضد القوات الحكومية والفصائل الموالية لها، يشارك فيها مجموعات كبيرة من عناصر التنظيم.
وتكون تلك المجموعات مدججة بالأسلحة والقذائف، ويتنقلون عبر سيارات رباعية الدفع، ويتمركزون بشكل علني في جرود البادية السورية، التي توفر لهم الحماية بسبب طبيعتها الجغرافية.