بعد أن نال “زخماً”.. عام على العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية دون مصادقة؟
الرقة – نورث برس
قبل حلول منتصف العام الماضي، كانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تستعد لجمع الملاحظات والتعديلات على مسودة العقد الاجتماعي، من خلال عرضه على مختلف فئات المجتمع، وشرائحه وكذلك المؤسسات والقوات الأمنية والعسكرية.
بمراحل عدة وعبر لجان مصغرة لمناقشة مسودة العقد في مناطقها إدارتها السبع، كانت الإدارة تعرض العقد الاجتماعي الجديد الذي سيصادق بعد أخذ الملاحظات وإجراء تعديلات عليه.
زمن المصادقة المنتظر بعد التعديلات كان من المفترض أن يكون قبل نهاية العام الماضي، لكن مضى على آخر جلسة مناقشة أكثر من عام، ولم يبصر العقد الاجتماعي النور بعد.
عُرضت مسودة العقد الاجتماعي بعد إنجازها من جانب اللجنة المصغرة، على اللجنة الموسعة التي تضم نحو 160 عضواً، للموافقة عليها قبل تقديمها للمجلس العام للمصادقة عليها بشكل نهائي.
وفي الخامس عشر من تموز/ يوليو 2021، تم تشكيل لجنة مصغرة من 30 عضواً لإعداد مسودة للعقد الاجتماعي والذي يعد بمثابة دستور ينظم عمل الإدارة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعقب انتهاء اللجنة المصغرة من أعمالها بدأت جلسات اللجنة الموسعة.
وتتألف اللجنة الموسعة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي من ثلاثين عضواً يمثلون الإدارة الذاتية، بالإضافة لثلاثين عضواً ممثلين للأحزاب السياسية في شمال وشرق سوريا.
تم تمثيل الاتحادات والمنظمات النسائية بعشرين عضواً، وثلاثين عضواً لمنظمات المجتمع المدني من اتحادات ونقابات ومنظمات إنسانية، وعشرة أعضاء يمثلون المؤسسات الشبابية، ويمثل باقي الأعضاء شخصيات من المستقلين في المنطقة.
ما هو العقد الاجتماعي؟
في منتصف العام 2021 أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عن نيتها تعديل ميثاق العقد الاجتماعي المعمول به، وذلك كخطوة استباقية لإجراء انتخابات محلية في عموم المناطق التي تديرها.
وتُعرف الإدارة الذاتية العقد الاجتماعي على أنه مجموعة الأسس النظرية والعملية والقوانين والقواعد التنظيمية، التي توضع لتحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتبين حقوق وواجبات الأفراد والمسؤولين داخل المجتمع.
ووضعت الإدارة الذاتية أول عقد اجتماعي إبان تأسيس الإدارات الذاتية في مقاطعات الجزيرة، وكوباني وعفرين في العام 2014، قبل أن يتم تعديله إلى ميثاق الإدارة الذاتية في العام 2018 عند إعلان الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
ووحدت إدارة شمال وشرق سوريا الإدارات الذاتية والمدنية في كل من دير الزور، والرقة، والطبقة، ومنبج، ومنطقة الفرات، والجزيرة، وعفرين.
وتأتي الحاجة لتعديله وسط انتقادات وُجهت للعقد الذي طُبق في 2014، كونه أغفل عدة مبادئ حقوقية أساسية، مثل حظر الاعتقال التعسفي، والحق في المراجعة القضائية دون إبطاء، والحق في محامٍ خلال الإجراءات الجنائية، بالإضافة إلى عدة ملاحظات أساسية ضمن ديباجة “الميثاق”.
كذلك يرى حقوقيون أن الأمر بات ضرورياً للإدارة، خاصة بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من مناطق واسعة، فاتساع الجغرافية وتعدد الأعراق يحتاج لدستور يضمن حقوقهم.
ويحدد العقد الاجتماعي “الجديد” شكل الإدارة وهيكليتها، وسيشمل مفوضية الانتخابات، التي ستشرف على الانتخابات المزمع عقدها.
ويشتمل على 99 مادة تتوزع في أربعة أبواب رئيسية، وتبدأ بـالديباجة التي تشرح الأسباب الموجبة لصياغة عقد اجتماعي خاص. كما تتحدث المسوّدة عن طريقة الحكم في المنطقة، والقوانين، والمؤسسات وسلطتها، وفصل السلطات، ومنح الشارع إمكانية إدارة مناطقه عبر الحكم الفيدرالي.
ما الحاجة لعقد جديد؟
عن الحاجة إلى تعديل العقد الاجتماعي، صرحت أمينة أوسي، وهي نائبة رئاسة المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، في وقت سابق لنورث برس، إن “الإدارة الذاتية تأسست في ظروف بالغة الحساسية (..) مما يستدعي هذا اللحظة عد ما كتب هو الأساس ومحاولة معالجة جذرية للأخطاء والنواقص التي اعترت التجربة خلال هذه السنوات.”
فيما اعتبر ياسر سليمان، وهو نائب الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن العقد الاجتماعي يُعد نقطة تحوُّل جذرية وحقيقية وبوابة للانفتاح على جميع السوريين من أجل كتابة دستور موحَّد يضمن سلامة ووحدة الأراضي السورية.
ويتألف العقد الاجتماعي، من؛ الديباجة والمبادئ الأساسية والحقوق والحريات ونظام العدالة الاجتماعية، ويمهّد للانتخابات القادمة والتي ستطال جميع مفاصل الإدارة الذاتية.
ويرى حقوقيون حاجة ضرورية للعقد الاجتماعي من أجل توسيع المشاركة الاجتماعية في الإدارات للوصل إلى الحكم الرشيد.
وتطمح الإدارة الذاتية من خلال تعديل العقد الاجتماعي إلى وضع اللبنة الأساسية لإجراء انتخابات محلية في عموم مناطق شمال شرقي سوريا، وفقاً لتصريحات سابقة لمسؤولين في الإدارة.
وبحسب تصريحات سابقة لـ فريد عطي الرئيس المشارك للمجلس العام في الإدارة الذاتية، إن العقد الاجتماعي الجديد سيحدد هيكلية الإدارة الذاتية وشكلها وصلاحيات المؤسسات التابعة لها.
وأضاف أن التصديق على العقد الجديد، سيكون إما عن طريق المجلس العام في الإدارة الذاتية، وإما باستفتاء شعبي يشارك فيه السكان بشمال شرقي سوريا.
ويهدف العقد الاجتماعي إلى خلق نظام إداري لا مركزي في مناطق شمال وشرق سوريا، ترى فيه دمشق دستوراً “انفصالياً” رغم تأكيدات مسؤولية الإدارة على وطنية المشروع.
ويبقى السؤال الأهم لماذا تأخرت الإدارة الذاتية بالمصادقة على العقد الاجتماعي كل هذه المدة؟ وهل سيُبصر النور قريباً؟