“الخلاص من الاستبداد وبناء سوريا”.. الاحتجاجات الشعبية تعم الجنوب السوري

إحسان محمد/ رزان زين الدين ـ درعا/ السويداء

ما لبثت الاحتجاجات الشعبية التي عمّت درعا والسويداء في الجنوب السوري، أن تحولت إلى انتفاضات مناهضة للحكومة، في تحركات تعبر عن رفض الواقع، تجسدت بعصيان مدني وإغلاق شبه تام في السويداء، واضرابات مشابهة في الجارة درعا.

ووسط تكهنات بتصاعد وتيرة الإضرابات والمظاهرات في ظل صمت حكومي، يتخوف السكان من ردة فعل وعودة للغة العنف من قبل حكومة دمشق، في حين يرى مراقبون أن الاحتجاجات في الجنوب السوري تترافق مع تغييرات سياسية، ستسمح لسكان الجنوب بقول كلمتهم لتحقيق مطالبهم بالوصول لحل سياسي.

واقع الاضطرابات

يرى الناشط السياسي، مهند شهاب الدين، عضو مؤسس للتجمع الديمقراطي العلماني وعضو المكتب الإعلامي للمجلس للسوري للتغيير، أن السبب  وراء الاحتجاجات التي عمت  محافظة السويداء مؤخراً هو “الواقع الاقتصادي والسياسي المزري الذي وصلت له بسبب سياسية الاستبداد والقمع الممنهج وتغول الأجهزة الأمنية مع عدم اكتراث سلطة الأمر الواقع بمطالب المواطنين وحقهم بالحياة”.

ويعتقد “شهاب الدين” في حديث لنورث برس، أن

“الاحتجاجات ستعلو وتيرتها ويزداد زخمها يوماً بعد يوم، لأنه اتخذ قرار بأنه لن تفتر الهمة حتى تتحقق المطالب التي سيصدر بيان عام في محافظة السويداء بشأنها خلال اليومين القادمين”.

حراك السويداء منذ سنوات كان على “شكل مظاهرات ضد نظام الاستبداد، كانت تبدأ بمطالب معيشية ما تلبث أن تتحول لمظاهرات وتطالب بإسقاط النظام”.

نوعية

يقول المحلل السياسي يوسف سليقة، من أبناء السويداء، إن هذا الحراك مختلف “بالشعارات السياسية عالية السقف والبعيدة عن الشعارات المطلبية والمعيشية وعن تردي الوضع المعيشي والاقتصادي للناس، والذي هو الدافع الأساسي لهذه المظاهرات”.

ويرى السياسي في تصريح لنورث برس، أن هذه الاحتجاجات “تعتبر نقطة تحول فارقة في حراك المحافظة سيكون له مفاعيل إيجابية عديدة تسهم وبفاعلية في التغيير السياسي المنشود لسوريا الذي سيقود بالتأكيد لتحسين كل نواحي الحياة المعيشية الصعبة”.

ويعتبر “سليقة” أن تغاضي المتظاهرين  اليوم عن المطالب الاقتصادية بشعاراتهم “هو دليل قاطع بأن المعاناة السياسية من تسلط واستبداد وقمع ونهب خيرات وموارد البلد من قبل هذه السلطة القمعية، هي المسبب الأساسي لما نعانيه من ضائقة اقتصادية ومعيشية”.

ويرى بأن هذا الوعي الشعبي هو دليل أن الشارع “حدد الأسباب والمسبب لما وصل إليه من فقر ولم يعد ينطلي عليه ما يروجه إعلام النظام الكاذب من فكرة أن مؤامرة كونية والحصار هو وراء ذلك”.

مدلولات سياسية

وتزامن الاحتجاجات بين درعا والسويداء، له مدلول سياسي واحد، بحسب السياسي، وهو “الخلاص من الاستبداد وبناء سوريا التي ننشد، بتعاضد وتكاتف جناحي الجنوب السهل والجبل وحث كافة المحافظات للمؤازرة بقلب واحد”.

ومن وجهة نظر السياسي، أن كل تأكيد وعودة الشعب للمطالبة بحقوقه عبر هذه المظاهرات “سيحد من حجم التدخل الدولي ويلزمه أدبيا وأخلاقيا بضرورة تبني مطالب ورغبات الشعب المحقة في بناء دولته المنشودة”.

“فرغم بسط سيطرة النظام والتضيق الأمني على السكان إلا أن الاضرابات والاحتجاجات مازالت مستمرة”.

ليس بجديد على محافظة درعا، الحراك الشعبي، “فرغم بسط سيطرة النظام والتضيق الأمني على السكان إلا أن الاضرابات والاحتجاجات مازالت مستمرة”.

وقال الصحفي والباحث حسام البرم المقيم في فرنسا، لنورث برس، إن الإضراب اليوم درعا  له دلالته السياسية أو رمزيته الخاصة، وقد بدأ لمساندة محافظة السويداء في حراكها السلمي القائم حالياً.

وشدد “البرم” على أنه يجيب أن تتحول هذا الاضرابات والمظاهرات “إلى مظاهرة بكامل المحافظة، ولا نستثني محافظة القنيطرة، ليكون الحراك السلمي ممتداً من القنيطرة إلى درعا ثم السويداء”.

وأعرب عن اعتقاده في أن الانعكاسات السياسية في حال استمرار الحراك السلمي “ستشمل انشقاق عدد كبير في صفوف النظام السوري، فمؤيدوه ليسوا بأفضل حالاً من المعارضين له”.

وشدد على أن هذا الحراك في حال استمر وتوسع “قد يؤدي إلى حل شامل عبر إجبار الأسد على التنحي من المشهد وخلق توازنات جديدة تفرض في المشهد السياسي”.

وبدوره قال أحد الناشطين في الحراك السلمي في درعا ورفض الكشف عن اسمه، إن الحراك السلمي في محافظة درعا بدأ بالتوسع إلى قرى وبلدت جديدة.

وأردف أن المحتجون يطالبون بإسقاط “نظام الأسد” الذي كان سبباً في تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا. وبين الناشط أن “ضباطاً في الأجهزة الأمنية تواصلوا مع وجهاء من بعض البلدات من أجل العمل على إفشال الإضراب وعدم خروج المظاهرات، لكنهم لم ينجحوا في ذلك”.

ولا يستبعد الناشط، أن تنظم محافظات جديدة للإضراب والحراك السلمي وخاصة في مناطق الساحل السوري وريف دمشق.