هربوا من الموت فلاحقهم.. رجل بريف القامشلي يستذكر يوم الفاجعة
نالين علي ـ القامشلي
لا تزال تفاصيل مشهد استهداف طائرة مسيرة تركية لمزرعة عزام, عالقةً في مخيلته, خاصة بعد فقدان زوجته لحياتها نتيجة ذلك الاستهداف.
قبل أكثر من عقد, كان عزام العلي (40 عاماً)، وعائلته قد غادروا منطقة دوما في ريف دمشق, هروباً من الموت, نتيجة الأحداث والحرب السورية التي كانت تدور في تلك المناطق.
وقصد الرجل بلدته تربه سبيه (القحطانية) في ريف القامشلي، إذ كانت المكان الأكثر أماناً واستقراراً له ولعائلته.
لا أحد يهرب من الموت
يقول لنورث برس: “لكن لم نكن نعرف أننا سنقابل الموت أمامنا, هربنا من الموت هنيك, واجينا للموت هون”.
ويعود “عزام” بذاكرته إلى الـ24 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والذي وصفه بـ”يوم الفاجعة”، عندما استهدفت مسيرة تركية مزرعتهم في بلدة تربه سبيه (القحطانية), بريف القامشلي, شمالي شرقي سوريا.
فقرابة الساعة العاشرة صباحاً من ذلك اليوم، كان “عزام”، وأولاده وزوجته، رفقة عدد من العاملات يتناولن الفطور بعد عمل قاموا به في مدجنة للدجاج في مزرعته.
ويقول الرجل لنورث برس: “بعد ثوانٍ معدودة من جلوسنا للطعام، قصفت طائرة تركية المكان وحولت تلك اللحظات إلى أخرى مؤلمة, لا تزال عالقة في ذهننا”.
تسبب قصف لحوش المدجنة، بـ”إصابة زوجتي ثورة مطر (32 عاما), وثلاث عاملات أخريات ضمن المدجنة”.
ويضيف: “لكن إصابة زوجتي كانت خطيرة ودخلت في غيبوبة نتيجة إصابتها بشظية في عينها اليسرى, ويسار الرأس, وبقيت قرابة عشرة أيام بالمشفى, وتوفيت نتيجة حدوث نزيف داخلي”.
وألحق الاستهداف أضراراً مادية في المدجنة وسيارة “عزام” ومنزله نتيجة الشظايا.
وبعد مفارقة زوجته الحياة، بقي “عزام” وأطفاله الخمسة الكبير منهم عمره 17 عاماً, يعملون ضمن المدجنة, “لنستطيع تأمين وتدبير مصاريف بيتنا”.
وباستغراب يتساءل الرجل: “لا أحد بيننا عسكري أو يحمل السلاح ويحارب في وجه تركيا، إذاً لماذا تم استهدافنا؟
وفي النصف الأول من العام الجاري، وثقت وكالة نورث برس، عبر قسمها الخاص بالرصد والتوثيق، حصيلة الاستهدافات التركية بطائراتها المسيرة على مناطق شمال شرقي سوريا منذ بداية العام 2023.
ونقل قسم الرصد والتوثيق عن استهداف تركيا لمناطق ومدن في شمال شرقي سوريا بـ 34 مسيرة, راح ضحيتها 71 شخصاً (44 قتيل و27 مصاب).
ويطالب “عزام”، الدول الضامنة بحماية المدنيين من الاستهدافات التركية, “نحن نعمل ضمن أرضنا ومنطقتنا, ولسنا عسكريين, كما تدعي تركيا حتى تستهدفنا”.