حينما يطغى الشغف على الظروف.. فنانُ لوحات فسيفسائية يحوّل منزله لمعرض
فياض محمد/ فاطمة خالد – كوباني
يقضي فاروق، معظم وقته في غرفة صغيرة بمنزله، كان قد خصصها لممارسة هواية أسرت قلبه حباً وشغفاً، منذ صغره حتى يومه هذا.
في مدينة كوباني شمالي سوريا، وفي تلك الغرفة بمنزله يروي فاروق عبدو إيبو، قصة بدايته في رسم لوحات الفسيفساء، وكيف استمر بممارسة هذه الهواية، رغم كل الظروف التي مرَّ بها ومنطقته.
بدأ “عبدو” بتعلم الرسم في صغره على يد معلم مسيحي في لبنان، حيث كان يسكن وعائلته هناك، ومنها زاد حبه لتلك الأحجار التي كان يحكي بها عما بداخله من خلال لوحة يرسمها.

والفسيفساء؛ فن وحرفة صناعة المكعبات الصغيرة واستعمالها في زخرفة وتزيين الفراغات الأرضية والجدارية، عن طريق تثبيتها بالبلاط فوق الأسطح الناعمة، وتشكيل التصاميم المتنوعة ذات الألوان المختلفة، ويمكن استخدام مواد متنوعة مثل الحجارة والمعادن والزجاج والأصداف.
ويتخذ الرجل الرسم بالأحجار الملونة، مهنة له ومصدر دخل أيضاً، بعد أن كانت شغفاً، وبالنسبة له تربط هذه المهنة الحاضر بالماضي، لما لها من تاريخ قديم وعريق وحضارة “لوحات لا تنتهي جماليتها”.
لم توقف المعاناة، تعلم الرسم بالأحجار في البداية “عبدو”، ولم يفكر بالعزوف عنها، بل زاده ذلك تعلقاً بها، ليكمل ويستمر حتى مع أبسط المعدات والأدوات.
يقول لنورث برس، إن اللوحات الفسيفسائية ترسم بأحجار ملونة تتوزع هذه الأحجار في مناطق معينة، وتتخصص كل محافظة بلون معين.
إلا أن الحروب والأحداث التي حلّت بالمنطقة، وإغلاق المعابر واختلاف مناطق السيطرة على الجغرافية، صعّب الأمر عليه في تأمين تلك الأحجار.
يذهب “إيبو” إلى الجبال القريبة في مدينته، لانتقاء الأحجار اللازمة لرسم لوحاته “رغم أنها ليست كافية أحياناً ولكني أتدبر أمري بها”.
ويقطّع الأحجار بمنشرته إلى مكعبات، وبعملية يدوية يلصقها ببعضها لتشكل لوحات فنية وهندسية؛ تستخدم في تزيين الجدران أو الأرضيات.
يشعر الفنان بالسرور بالارتياح عند رسم كل لوحة من لوحاته، مستذكراً لوحته الأولى التي رسمها عام 1998، والتي كانت تحمل صورة سمكة ملونة.
يفتقد “عبدو” لإمكانية إنشاء معرض للوحاته، فيكتفي بوضعها في أرضية غرفته، وينتظر حتى يتم طلبها منه ليبيعها، ودفعه حبه وشغفه للرسم بالأحجار لأن يعلم أولاده على أساسيات رسم الفسيفساء، حتى لا يندثر هذا الفن.