عمال في القامشلي يعملون رغم الحرّ ولا قوانين تحميهم

دلسوز يوسف ـ القامشلي

في صيف هو الأشد قيظاً خلال السنوات الأخيرة، يعمل هاني صالح برفقة مجموعة من العمال في بناء قيد الإنشاء بمدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، وسط ظروف عمل قاسية.

ولعمله في مهنة الحدادة، عليه أن يتحمل درجات الحرارة، كما حال أقرانه، بكل طيب خاطر، لإعالة أسرهم في ظل الغلاء المعيشي في بلد ينهشه الانهيار الاقتصادي.

ويقول الشاب العشريني الذي يرتدي قبعة بيضاء وهي الوسيلة الوحيدة لحماية نفسه من أشعة الشمس، لـنورث برس: “نعاني من ارتفاع درجات الحرارة، ولا سيما أننا نعمل من الساعة 7 صباحاً وحتى الرابعة مساءاً، نحن مجبرون على العمل لأن كل عامل هنا يعيل أسرة”.

ويضيف: “لدينا مخاوف كثيرة من الحرارة وخاصة ضربة الشمس، وإذا ارتفعت درجات حرارة الجسم يحتمل أن يصاب الإنسان بالاختلاج الذي بدوره يؤدي إلى إصابات مختلفة”.

سوق العمال

ويحل صيف هذا العام ضيفاً ثقيلاً على السوريين بعدما لامست درجات الحرارة مؤخراً الـ 50 مئوية، وسط تحذيرات من الأرصاد الجوية من التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر خاصة وقت الذروة.

إلا أن سوء الوضع المعيشي يدفع بالكثير من السوريين للعمل في هذه الظروف الصعبة، ولا سيما أن الليرة السورية تواصل الانهيار بعدما يتفاوت سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد بين الـ15 والـ16 ألف ليرة سورية في السوق السوداء مؤخراً.

وفي سوق القامشلي المركزي، يجلس مجموعات من العمال من مختلف الأعمار، قذفت بهم الأوضاع الاقتصادية المتردية إلى الشوارع، ينتظرون تحت أشعة الشمس على آمل فرصة عمل قد لا تأتي.

ويشدد هؤلاء العمال على أنهم يتحملون ظروف العمل الشاقة تحت درجات الحرارة الحارقة مقابل توفير فرص عمل تسد في نهاية يومهم رمق عوائلهم.

ويأتي خالد فهمي وهو من حي الهلالية، صباح كل يوم إلى ما يسمونه “سوق العمال” للحصول على فرصة عمل مهما تكن، لإعالة أسرته المؤلفة من خمسة أفراد إلى جانب والديه المصابين بأمراض مزمنة.

ويشكو الشاب الثلاثيني من عدم توفر العمل بشكل دائم، ويقول لـنورث برس: “لا يتوفر فرص عمل بشكل مستمر، نعمل يوماً و 10 أيام بطالة”.

ويضيف: “أعمل في أي مجال يأتيني أجني منه المال، رغم أنني أعاني من مرض دوار دهليزي بسبب ارتفاع درجات الحرارة ولكن رزقنا على العمل الحر”.

بينما يراقب العمال المارة، لعل أحدهم يأتيهم بفرصة عمل، ينهي فهمي حديثه عن المعاناة بالقول: “نأمل أن تتحسن فرص العمل كونه لا نستطيع تأمين متطلبات الحياة لأسرنا”.

شكاوى وقانون غائب

وبينما يواجه العاملون خطورة كبيرة على حياتهم، تغيب القوانين لدى المؤسسات المعنية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لحماية العمال في هذه الظروف رغم الشكاوي.

ويشير شيرو شرو، الرئيس المشارك لاتحاد الكادحين لشمال شرقي سوريا، بأن شكاوى وردت إليهم من قبل العمال لتحسين ظروف العمل.

وقال في تصريح لـنورث برس: “أكثر الشكاوي هي لورشات اللحام والحدادة والنجارة فهم يعانون أكثر لاستعمال مادة الحديد، وخاصة مع درجات الحرارة التي تصل لـ 45 درجة”.

وأضاف: “ليس هناك لوائح رسمية لدى الاتحاد تطالب أرباب العمل بمنح العمال ساعات استراحة في وقت الذروة”.

إلا أن الرئيس المشارك للاتحاد، طالب الإدارات الموجودة ضمن مناطق الإدارة الذاتية بالنظر في أوضاع العمال وتخصيص ساعات للاستراحة لهم في شدة الحر.

تحرير: تيسير محمد