الأسد يطلب دعم العرب في محاربة تركيا “صانعة الإرهاب” في سوريا

حلب – نورث برس

على الرغم من الأحاديث والتصريحات العلنية حول أهمية انسحاب تركيا من الأراضي السورية، إلا أن هذه المطالب لم تترجم إلى خطوات فعلية.

فقد استخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه القضية لصالح حملته الانتخابية ونجاحه فيها، ليرد الرئيس السوري بشار الأسد على هذا الأسلوب بالقول: “تركيا هي من صنعة الإرهاب في سوريا”، ما يشير إلى حالة جمود في العلاقات بين دمشق وأنقرة.

ويرى رؤوف العلي وهو اسم مستعار لمحام وباحث في الشؤون السياسية الدولية بحلب، أنه لابد من الوقوف على كلمات الأسد، “التي كانت تحمل الكثير من العقلانية والواقعية وهو برهن ذلك من خلال العلاقة السورية الروسية والإيرانية بأنهم الاختيار الصحيح للأصدقاء بينما وصفها مع تركيا بالمختلفة والبعيدة”.

ويضيف “العلي”، لنورث برس، أن “الرئيس الأسد لم يظلم الجار التركي ولم يجرّح به وهو يعلم أن لعبة السياسة تتغير وأن الظروف لو اختلفت في المستقبل ستعود العلاقات السورية التركية كما كانت بعد انسحاب تركيا وتغيير تسميتها من محتل إلى دولة مجاورة وتحسين العلاقات”.

ويشير إلى أن تصريحات الأسد حول الوجود التركي وجدت الكثير من الاهتمام على الصعيد الإقليمي والدولي، والنظام التركي يرفض الانسحاب.

ويُعد هذا التصريح تعبيراً عن رفض تركيا للدعوات المتكررة لانسحابها والعودة إلى حدودها، مما يثير تساؤلات حول نيتها في إمكانية استمرار التوتر في المنطقة، بحسب الباحث السياسي.

ويبين أن وصف “صناعة الإرهاب” يثبت بالأدلة أن تركيا كانت “السبب وراء زرع الإرهاب بين الشعب السوري، إذ قام بتمويل وتسليح المجموعات المتطرفة وتهجير المدنيين في البلاد ليست من السياسات العابرة”.

ويشدد “العلي” على أنه في الوقت الحالي يتطلع السوريون إلى تحقيق العدالة والحقيقة وإنهاء “حكم الاحتلال التركي” في أراضيهم، وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي لإنهاء الانتهاكات التركية واستعادة السيادة السورية على أراضيها المغتصبة.

معاكس للتوقعات

وقال عصام السكري وهو اسم مستعار لأمين فرع حزب معارض من الكتلة الوطنية بحلب: “لقد اتهم الرئيس الأسد تركيا بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية في البلاد، مؤكدًا أنها هي التي صنعت ونشرت العنف والفوضى في المنطقة”.

ورغم أن هذه الاتهامات تعود إلى سنوات عديدة، إلا أن تكرارها هذه المرة في لقاء علني مع وسائل الإعلام “أضفى عليها وزنًا أكبر وأثارت ردود فعل قوية، لاسيما من جانب تركيا”، بحسب “السكري”.

وأضاف أن رسالة الأسد المنبثقة من هذه التصريحات والتي يريد إيصالها للعرب هي أنه يعتقد أن على الدول العربية أن تقف إلى جانبه في مواجهة التهديدات الأمنية ومكافحة الإرهاب.

وبين أن “الأسد يرى أن تجميع الدول العربية في محاربة المجموعات الإرهابية سيؤثر بشكل إيجابي على استقرار المنطقة، وسيكون له تأثير كبير على رفع العقوبات التي تفرضها بعض الدول والمنظمات الدولية على سوريا”.

وذكر “السكري” أن هذه الرسالة تواجه تحديات كبيرة، فالعلاقات بين سوريا والعديد من الدول العربية متوترة بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في سوريا. ومع ذلك، “لا يزال الأسد يأمل في تأثير هذه التصريحات على المواقف العربية وإقناع الدول بإعادة التفكير في موقفها تجاه نظام حزبه الحاكم”.

وقال: “حديث الأسد مع استمرار الحرب في سوريا وتأثيرها على المنطقة بأسرها، تظل قضية مثيرة للجدل وتتطلب دراسة وتحليلاً عميقاً لتبيان الأهداف التي يسعى لتحقيقها والتأثير الذي قد يكون له على المنطقة في المستقبل”.

خيوط سياسية

ووصف وديع أزرق وهو اسم مستعار لإعلامي بحلب وباحث في الشؤون السياسية، أن التحرك التركي تزايد، خصوصاً بعد قمة حلف الناتو الأخيرة ومرونة تركيا تجاه انضمام السويد إلى الحلف، وقد تسبب هذا في تناقض المصالح بين تركيا وروسيا.

وبين “أزرق”، لنورث برس، أن هذه التطورات سمحت للدولة التركية بالتراجع عن مزاعم سابقة حول انسحابها من الأراضي السورية، حيث أكدت مصادر مقربة من حكومة تركيا أن هذه القضية غير مطروحة على الإطلاق وتعتبر خطاً أحمر بالنسبة لتركيا”.

وأضاف: “بهذا تواجه تركيا رسالة حاسمة إلى الأطراف السورية التي تأمل في تخلي تركيا عن طموحاتها الاستعمارية في سوريا، وعلى رأسها حكومة دمشق التي تدعو دائماً إلى وحدة الأراضي السورية وضرورة انسحاب الاحتلال التركي”.

وبين أن الأسد شدد في لقاء مع قناة “سكاي نيوز” أن تركيا وأردوغان هم “صناع الإرهاب” في الأرض السورية.

ومع ذلك، بين أن مواقف حكومة دمشق وبعض الأطراف السورية لم تترجم إلى خطوات فعلية، ولا تزال سياسات هذه الأطراف تساعد تركيا على تحقيق أهدافها في سوريا.

واعتبر أن قرار تركيا بدعم الفصائل المسلحة في سوريا يسهم في زعزعة استقرار المنطقة وتأجيج الصراع. ويعكس رؤية وجهات نظر سوريا حول العلاقة مع تركيا، وتحمل رسائل سياسية قوية.

إعداد: آردو جويد – تحرير: محمد القاضي