كوباني.. بين الضرائب ورفع دمشق لأسعار الأدوية المرضى يعانون

فتاح عيسى – كوباني

يضطر محمد إلى اللجوء للمراكز الصحية على أمل الحصول على أدويته مجاناً -في حال توفرها- بسبب عدم قدرته على شرائها من الصيدليات الخاصة، بعد رفع أسعار الأدوية أكثر من مرة منذ بداية العام الجاري.

يقول محمد أحمد (42 عاماً) وهو موظف من سكان كوباني، إن أسعار الأدوية ارتفعت مرتين خلال العام الجاري، إذ قاربت نسبتها الـ 150 بالمئة.

وفي الثامن من آب/ أغسطس الجاري، أعلنت وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية، رفع أسعار آلاف الأصناف الدوائية المحلية بنسب تجاوز بعضها الـ 50%، وسبقها في بداية العام الجاري، زيادة في أسعار آلاف الأصناف الدوائية وصلت نسبة بعضها إلى 80 بالمائة.

اللجوء للأدوية المجانية

يقول “أحمد” إن علبة الدواء التي كان ثمنها ألفي ليرة، وصلت إلى عشرة آلاف أو خمسة عشر ألف ليرة، إذ أنه كموظف لا يستطيع تحمل تكاليف شراء الأدوية، ولذلك يتوجه غالباً للمراكز الصحية والمشافي المجانية التابعة للإدارة الذاتية.

ويحصل الرجل على بعض الأدوية المتوفرة لدى هذه المراكز الصحية والمستشفيات، بينما يضطر لشراء غير المتوفر منها من الصيدليات، رغم عدم قدرته على تحمل تكاليف شرائها.

ويعاني “أحمد” من داء السكري ويحتاج لأدوية بشكل مستمر، ويشكو من ارتفاع أسعار الأدوية التي يحتاجها، إذ إنها في الغالب غير متوفرة في المراكز الصحية.

لذا، يطالب الرجل بافتتاح صيدلية خاصة للموظفين، بحيث تكون أسعار الأدوية فيها مقبولة، لأن الموظفين يتقاضون راتباً وسطياً قدره 550 ألف ليرة ولا يستطيعون تحمل تكاليف شراء الأدوية بسعر يتراوح بين 200 أو 300 ألف شهرياً.

ويعاني هؤلاء من صعوبة تأمين أساسيات معيشتهم، لا سيما بعد وصول سعر صرف الدولار إلى ما يقارب الـ16 ألف ليرة، لذا فإن ارتفاع أسعار الأدوية يثقل كاهلهم، ويجبرهم على عد شرائها.

صيدليات تابعة للإدارة

من جهته يقول إسماعيل إبراهيم (60 عاماً)  وهو من سكان كوباني، أنه اشترى في الشهر الماضي علبة الدواء بسبعة آلاف ليرة، لكن نفس علبة الدواء أصبح سعرها 12 ألف ليرة خلال الشهر الجاري.

يطالب “إبراهيم” الإدارة الذاتية بافتتاح صيدلية لبيع الأدوية بسعر مخفض، لأن الرواتب لا تكفي الموظفين.

ويقول، إن زوجته بحاجة إلى أدوية بمبلغ 200 ألف ليرة سورية في كل شهر، عدا تكاليف المشافي والأطباء.

ويرى أن على الإدارة إنشاء معامل أدوية في المنطقة، من أجل تأمين الأدوية بأسعار مناسبة لدخل السكان.

إلى ذلك يوضح محمود كردي وهو صاحب مستودع أدوية في كوباني، أنه يوجد ثلاث مستودعات للأدوية في المدينة، وأن المستودعات الثلاث تجلب احتياجاتها من الأدوية من مدينتي منبج والرقة.

ويضيف أنهم لا يستطيعون جلب هذه الأدوية من حلب، بسبب عدم توفر الإمكانيات لديهم، لافتاً إلى أن المستودعات التي يعتمدون عليها في تأمين الأدوية للمنطقة تقوم بجلب الأدوية من مناطق الحكومة السورية.

ضرائب مجحفة

يقول “كردي” إن مناطق الحكومة تفرض ضريبة بمقدار 600 دولار على كل متر مكعب من الأدوية، بينما الإدارة الذاتية تعفي الأدوية المستوردة من الضرائب.

ويضيف لنورث برس، أن معامل الأدوية تقوم باستيراد المواد الأولية بالدولار، ولأن حكومة دمشق لا تدعم أصحاب المعامل بالدولار فترتفع سعر الأدوية.

ويشير إلى أن الفرق في أسعار الأدوية بين مناطق الإدارة ومناطق الحكومة؛ سببه الضرائب التي تدفع بمقدار 600 دولار عن كل متر مكعب من الأدوية، إضافة إلى أجور النقل.

“من جيب المواطن”

يقول “كردي” إن السكان هم من يتحملون تكاليف هذه المبالغ الإضافية لأسعار الأدوية، إذ أن علبة الدواء التي كان سعرها خمسة آلاف قبل الأول من شهر آب/ أغسطس أصبح سعرها 12 ألف ليرة للمستهلك.

فالارتفاع الأخير كان بنسبة 50 بالمئة وسطياً، إضافة لـ 28 بالمئة نسبة مرابح الصيدلية، و7 بالمئة كربح لأصحاب مستودعات الأدوية، إضافة إلى 15 أو 16 بالمئة كأجور تكلفة إيصال الدواء من مناطق الحكومة إلى مناطق الإدارة.

ويضيف أن الأدوية التي يتم استيرادها من منطقة إدلب يتم تسعيرها بالدولار و”أسعارها ثابتة لا ترتفع ولا تنخفض”، ولكن هناك ضرائب عليها من قبل فصائل المعارضة عندما تدخل إلى المنطقة من معابر جرابلس وأعزاز.

ويوجد ثلاثة معامل للأدوية في المنطقة، في منبج والطبقة والرقة، وهي معامل (سكاي فارما وفارما لاند ولايت فارما).

ويقول “كردي”، إن أسعار الأدوية التي تنتج في مناطق الإدارة الذاتية، هي نفس أسعار الأدوية في مناطق الحكومة السورية كون المواد الأولية تأتي بالدولار من الخارج.

يضيف “كردي”، أن هناك نسبة 40 بالمئة من الأدوية مفقودة في الأسواق، لأن معامل الأدوية التي تعمل في مدن دمشق وحلب وحمص وحماة، توقفت عن إنتاج الأدوية، رغم رفع أسعار الأدوية بنسبة 50 بالمئة، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.    

وتوقفت عدة معامل دوائية عن الإنتاج، بسبب انخفاض قيمة الليرة واعتماد سعر صرف البنك المركزي الصادر بتاريخ 17 كانون الثاني/ يناير من العام الجاري.

تحرير: أحمد عثمان