رغم إثارتها الجدل بالخصوصية والجودة.. غياب البديل يُجبر سكاناً في الرقة على “آرسيل”

فاطمة خالد – الرقة

منذ ساعات الصباح الباكر، خرج عبد الرزاق وزوجته من منزلهما في مزرعة الرشيد غرب الرقة، علهما يدركان تسجيل دور متقدم في الطابور أمام “شركة آرسيل”، في مركز المدينة.

وعلى الرغم من الخروج باكراً، إلا أن الرجل وجد جمعاً غفيراً أمام مبنى “الشركة”، فهب مسرعاً بينهم لمحاولة تسجيل اسمه وزوجته لدى الموظف الماثل عند الباب.

وبعد محاولات عدة، استطاع عبد الرزاق إبراهيم (60 عاماً)، أن يسجل اسم زوجته التي أصرّت على البقاء، وإن تأخر الوقت في العودة إلى المنزل، حتى تستكمل تسجيل شريحة الـ “آرسيل” خاصتها.

و”آرسيل” هي شركة خاصة توفر خدمات الإنترنت بتقنية 4G، مرخصة من قبل الإدارة الذاتية لتوزيع الإنترنت في مناطق شمال شرقي سوريا، بدأ تأسيسها منتصف عام 2017، لتبدأ خدماتها بشكل رسمي بداية عام 2019.

حيرة وتردد

إلا أن “الإبراهيم قرر في ذلك الوقت؛ تأجيل تسجيل الشريحة خاصته، إلى وقت لاحق، أو ربما إلغائها بشكل نهائي، والاعتماد على شبكة “سيرتيل”، التي تقدم هي الأخرى خدمات ضعيفة وخاصة الأنترنت.

أجبرت شركة “آرسيل” مستخدميها على تسجيل الخطوط بأسمائهم عبر تطبيق أطلقته، لكن ذلك أثار استياء المستخدمين، واعتبروه أشبه إلى “أسلوب أمني” لطلب المعلومات الشخصية، فضلاً عن رداءة جودة خدمة الأنترنت التي تقدمها.

أثار تطبيق تطبيق “أنا ANA”، الذي فرضته شركة “آرسيل” للاتصالات في شمالي سوريا، موجة غضب وسخرية لدى مستخدمين وروّاد تواصل، اعتبروه “انتهاكاً” لخصوصيتهم.

يقول ” الإبراهيم” أنهم مجبرين على استخدام “آرسيل” لكونها الشبكة الأقوى في المنطقة، ولا يوجد بديل لها، إلا أن التطبيق الذي فرضته على مستخدميها؛ جعلهم يترددون فيما إذا أرادوا الاستمرار أم المقاطعة.

وأعلنت الشركة عن تسجيل خطوطها عبر التطبيق، إذ ستسجل كافة خطوط مستخدميها، وستوقف تسجيل الدخول التلقائي عبر تطبيق “My.rcell.me”.

وطلبت الشركة عند تسجيل الدخول الوصول إلى أستوديو الصور وجهات الاتصال والموقع، وقالت إنها ستستخدم بيانات المشتركين لتوفير الخدمة ومراقبتها، إدارة حساب المستخدمين والاتصال بهم عن طريق البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية أو الاتصال.

ولا يزال “الإبراهيم ” في حيرة من أمره إزاء الأمر على عكس زوجته التي حسمت أمرها، وقالت لزوجها “ليس عندي شيء أخاف منه ليراقبني من يريد”.

وبعد حالة الاستياء التي اجتاحت المستخدمين، نفت “آرسيل”، في بيان، صحة ما تم تداوله بخصوص أن تطبيق “أنا ANA” يقوم بجمع معلومات مستخدمي المنصة، وأن الشروط والقيود تمت ترجمتها بطريقة تلقائية، ما أحدث خطأ في صيغة النصوص، لذا أزالوها من المنصة، لإجراء التعديلات اللازمة.

وذكرت أنها لا تسجل أو تحفظ سوى المعلومات التي يتم تقديمها من قبل المستخدم أو يسمح للتطبيق بالوصول إليها وذلك بعد موافقة المستخدم، وأنها تستخدم الكاميرا لتحميل صورة إلى الحساب، وتطلب الوصول إلى معرض الصور لتحميل صورة الهوية أو جواز السفر، بحسب البيان.

سيء لا بديل له

استمر عبد الوهاب الحسين (30 عاماً)، من قرية كسرة عفنان جنوب الرقة، بالمجيء لمدة ثلاثة أيام على التوالي إلى مركز الشركة لتسجيل شريحة الـ “آرسيل” الخاصة به، ليعود في نهاية اليوم دون جدوى.

وفي كل يوم من الأيام الثلاثة، يترك الرجل أشغاله في قريته، ويجبر على الانتظار لساعات أمام الباب، علّه يحصل على دور ويدخل ليسجل بطاقته بعد أن توقفت عن العمل.

وحين إعلانها عن التطبيق الجديد، وضرورة تسجيل الخطوط، قالت “آرسيل” أن جميع الخطوط غير المسجلة سيتم إيقافها في الأول من آب/ أغسطس الجاري.

يقول “الحسين” إن الازدحام أمام الباب، سبب للسكان معاناة كبيرة إذ يضطر الكثير للانتظار ليوم كامل، وربما أكثر، حتى يستطيع الدخول إلى الشركة واستكمال إجراءات التسجيل “لا يوجد تنظيم في عملية التسجيل، ولا يستطيع الكثير منا الانتظار دائماً”.

وشهدت مراكز شركة “آرسيل” في الرقة وباقي مناطق شمال شرقي سوريا؛ ازدحاماً، بسبب قصر المدة التي منحتها للمستخدمين.

آراءٌ متضاربة

لتخفيف الازدحام، أتاحت شركة “آرسيل” مراكز معتمدة لها في محلات قريبة من مقرها بشارع الوادي وسط المدينة، على أن يأخذ صاحب المحل 10 آلاف ليرة، مقابل كل خط يقوم بتسجيله.

هذا ما قاله مصطفى العلي، وهو صاحب محل جوالات، ومعتمد لدى “آرسيل”، ووفقاً لقوله إن “الشركة” اتبعت هذه الطريقة لتخفيف الازدحام أمام مركزها، ولتسجيل أكبر عدد ممكن خلال اليوم.

يضيف “العلي” أن فرض الشركة للتطبيق الجديد على مستخدميها، أدى إلى قلة عددهم، بعد “الشائعات” التي انتشرت بأنها تنتهك خصوصية المستخدمين، الأمر الذي أثار القلق لدى البعض.

وفي تصريح لنورث برس، استبعد خبير أمن معلومات، قدرة شركة “آرسيل” على حماية بيانات مستخدميها من أي هجمات خارجية.

وقال دلشاد عثمان، وهو خبير أمن معلومات مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، “لا أعتقد بأن آرسيل تستطيع حماية بيانات المستخدمين، فالهكر التركي أو الإيراني أو الروسي يهاجمون مناطقنا عن طريق السايبر، وعندما يعلمون بأن آرسيل تجمع المعلومات، سيحاولون اختراقها للحصول على هذه البيانات”.

رفع السعر لتعويض مستخدمين

بسبب خسارة “شركة آرسيل” لعدد من مستخدميها بعد إطلاقها تطبيق” “ANA، رفعت الشركة أسعار الخطوط من سعر 30 ألف ليرة، إلى 75 ألف ليرة، وهو السعر الذي يشتري به أصحاب المحلات البطاقات، ليبيعوها بسعر يصل إلى 90 ألف ليرة للمستخدمين، وفقاً لـ “العلي”.

وتشهد خدمات “آرسيل” ضعفاً و”رداءة” في جودة الإنترنت الذي تقدمه، وعدم تغطيتها لعموم مناطق الرقة، يُعيد أصحاب محال معتمدين لدى “الشركة” السبب لقلة أبراج البث في الريف، وعدم قدرة الأبراج الموجودة في المدينة على تقديم الخدمة للعدد الهائل من المستخدمين.

تحرير: أحمد عثمان