في عفرين وريفها.. ظاهرة التشليح وقطع الطرق تزداد

أسعد الحاج ـ عفرين

على الطريق الواصل بين مدينة عفرين وبلدة راجو شمالي حلب، حيث تسيطر فصائل الجيش الوطني السوري الموالية لتركيا، أوقف حاجز طيار، يقف عليه العديد من الأشخاص الملثمين، الخمسيني عبد الكريم الحربي، الذي كان يقود سيارته باتجاه منزله في إحدى القرى التابعة لناحية راجو شمال غربي عفرين.

وظن الرجل أنهم عناصر أحد الفصائل العسكرية التي تنشر عشرات الحواجز في المنطقة، ليتفاجأ بأنهم مجموعة من قطاع الطرق، حيث قاموا بالإمساك به ووضع كيس أسود على وجه وتربيط يديه ورميه على جانب الطريق.

وفي ظل الفلتان الأمني، كثرت خلال الآونة الأخيرة في منطقة عفرين شمالي حلب، التي تسيطر عليها العديد من الفصائل العسكرية الموالية لتركيا، وأبرزها السلطان سليمان شاه (العمشات) وفرقة الحمزة وجيش الشرقية وفصائل أخرى، عمليات تشليح المارة على الطرق الرئيسية والفرعية خلال الليل.

لكن الطريق الواصل بين عفرين وراجو كان المسرح الأكبر لمثل هذه العمليات التي غالباً ما يكون من يديرها، أشخاص تابعين أو محسوبين على بعض الفصائل المسيطرة على المنطقة.

يقول عبد الكريم الحربي (51 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من منطقة خان شيخون جنوبي إدلب، في مدينة عفرين شمالي حلب، لنورث برس، إنه وبحكم عمله في تجارة السيارات يضطر للتجوال ليلاً ونهاراً في مناطق مختلفة، وبحكم أن المنطقة بها عشرات الحواجز يظن الجميع أنه لا وجود لقطاع طرق أو ما شابه ذلك نهائياً.

لكن في الحقيقة، بحسب “الحربي”، فإن ما حصل وما بات يسمع الناس عنه في الآونة الأخيرة، أثبت أو كشف حقيقة ما يحصل في ظلمات الليل بمنطقة عفرين تحديداً ومناطق شمال حلب إجمالاً.

وفي الواحد والعشرين من الشهر الماضي، وبعد إيقاف “الحربي”، من قبل حاجز وهمي، وتكبيله “سلبوا سيارتي من نوع سي أم وجوالي ومبلغاً مالياً يزيد عن 500 دولار أمريكي، ومن ثم أزالوا كل شيء كان على الطريق ولاذوا بالفرار تجاه عفرين”.

في وضح النهار

حالف الحظ في هذه المرة، أمجد كازو (43 عاماً) وهو من سكان مدينة عفرين شمالي حلب، وتمكن من الهروب في اللحظات الأخيرة من عصابة كانت قد وضعت حاجزاً في أحد الطرق الفرعية في ناحية راجو بريف عفرين.

يقول “كازو” لنورث برس: “أثناء ذهابي إلى أرضي الزراعية، فوجئت بحاجز عليه ثلاثة شبان وضع على مفرق أحد الطرق الفرعية المؤدية إلى الأراضي الزراعية وكان من الواضح أن الذين أمامي ليسوا بعناصر تابعين للفصائل، لأن أشكالهم لا توحي بذلك حقيقة، إذ أنهم ملثمون وبلباس مدني ولا يوجد بقربهم سوى دراجة نارية”.

واختار “كازو” الهروب وعدم التوقف “سرت بسرعة عالية تجاههم إذ لم يعد بإمكاني العودة لأن الطريق فرعي وضيق، حاولوا إيقافي وعندما قطعت الحاجز قام الذي يحمل السلاح بإطلاق النار على السيارة، لكنهم لم يتمكنوا من إصابتها بسبب الأشجار وقيادتي بسرعة عالية”.

ومنذ ذلك اليوم، لم يتمكن الشاب من العودة إلى أرضه وبات يفكر ببيع السيارة “خوفاً من أنهم حفظوا شكلها مما سوف يعرضني للخطر بشكل دائم”.

يقول أكرم الحلبي وهو اسم مستعار لناشط إعلامي، يقيم في مدينة عفرين شمالي حلب، لنورث برس، إن معظم تلك العصابات تتبع أو تحسب على الفصائل العسكرية التي تسيطر على المنطقة، “وتستغل تلك العصابات بُعد بلدة راجو عن عفرين وكثرة الطرق التي يكون بها السير شبه معدوم لا سيما خلال الليل”.

ووفقاً لـ”الحلبي” فإن عفرين باتت في الحقيقة “بؤرة لقطاع الطرق واللصوص الذين باتوا يدخلون المنازل في بعض الأحيان أمام أعين أصحابها، إذ شاهدنا قبل نحو شهرين مقتل امرأة من سكان عفرين على أيدي لصوص كانوا يسرقون أثاث منزلها ومصاغها الذهبي أمام عينها، ولم تحتمل المرأة ذلك وحاولت منهم مما دفعهم لقتلها بدم بارد”.

تحرير: تيسير محمد