دير الزور.. غضب شعبي وتوقف لحركة التجارة بسبب إتاوات تفرضها الفرقة الرابعة

ماهر مصطفى – دير الزور

يفكر أحمد بالتوقف عن تجارته ببيع الخضروات، التي يجلبها من دير الزور إلى ريفها الشرقي، بسبب المضايقات والإتاوات التي تفرضها الفرقة الرابعة التابعة لقوات الحكومة السورية، وسبقه بالتوقف عن العمل تجار.

أحمد العبود (45عاماً)، تاجر خضار من سكان بلدة السويعية بريف دير الزور الشرقي، يعاني من إتاوات تفرضها عناصر الفرقة الرابعة، والتي تنتشر حواجزها بشكل كبير على طول الطريق العام من مدينة دير الزور وصولاً إلى بلدة البوكمال على الحدود السورية العراقية.

تنتشر الفرقة الرابعة في مناطق خطوط التماس بين مناطق السيطرة الثلاث، وتتبع إدارياً للقوات الحكومية، وتفرض الإتاوات أو ما يُعرف بـ “الجمركة” على البضائع والسلع من المواد الغذائية والصناعية وغيرها.

رسوم مضاعفة

يضيف “العبود” لنورث برس: “كنا في السابق ندفع رسوماً بسيطة لحواجز الفرقة الرابعة لا تتجاوز الـ 100 ألف ليرة على الطن الواحد، ونضيف مرابح بسيطة على السلع لنستطيع تغطية تلك الإتاوات أضافة لأجور الشحن وغيرها”.

لكن في الآونة الأخيرة، بحسب التاجر، “أصبحت الحواجز تفرض علينا رسوماً باهظة، تصل إلى 300 ألف للطن الواحد، وحتى لو دفعنا ذلك المبلغ فإنه لايقينا من الدفع على الحاجز التالي، فنضطر للدفع للحواجز من مكان انطلاقنا حتى الوصول إلى محلاتنا”، على حد قوله.

ويعاني سكان دير الزور بمناطق غربي الفرات، في ظل واقع اقتصادي مترد ومرير، وانهيار متسارع لليرة السورية أمام العملات الأجنبية، في مناطق تفتقر إلى مقومات الحياة وانعدام فرص العمل، بالإضافة للفوضى الأمنية.

وأنهكت الإتاوات التي تفرضها حواجز الفرقة الرابعة التابعة للقوات الحكومية، كاهل التجار والسكان في الآونة الأخيرة، حتى بات معظمهم يفضل الجلوس بدون عمل وتجارة هرباً من مضايقات تلك الحواجز.

وبحسب ناشطين من سكان المنطقة، قبل شهرين كان يقتصر وجود حواجز الفرقة الرابعة على مدخل مدينة دير الزور، و”معبار” بلدة بقرص بريف دير الزور الشرقي، إضافة لنقاط عدة على الشريط النهري لنهر الفرات.

لكن بعد عدة خلافات مع فصائل موالية لإيران والحرس الجمهوري وخلافات مع الفرقة 17، تم سحب عناصر الفرقة الرابعة من الشريط النهري إلى داخل المدن والبلدات، وكثفت حواجزها هناك.

ففرضت ضرائب وإتاوات على التجار والسكان “لتعويض الأموال التي كانت تجنيها وتنفرد فيها”، من التهريب على ضفاف الفرات، ما تسبب برفع أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل كبير ليصل بعضها إلى ثلاثة أضعاف.

تشليح

يعمل مروان عبد الرزاق (58عاماً)، وهو تاجر مواد غذائية من بلدة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، مع أشقائه بتجارة المواد الغذائية وتوزيعها على المحال التجارية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ورغم الانهيار المتسارع لليرة السورية والتي تسببت بخسائر فادحة لهم، إلا أنهم لم يتوقفوا عن العمل، لكن مع كثافة حواجز الفرقة الرابعة في الآونة الأخيرة على مداخل البلدات على طول الطريق العام، يقول: “بدأت بتشليحنا بضائعنا علناً ودون أي رادع بحجة الجمركة”.

ويضيف لنورث برس: “البضاعة قادمة من مركز مدينة دير الزور، وننقلها إلى مستودعاتنا في البوكمال، أي ضمن منطقة واحدة وليست بضائع خارجية لندفع ضريبة جمارك عليها”.

وإذا تردد التاجر بالدفع ستوجّه له تهم تودي به إلى السجن، “وقد حصلت مع كثير من التجار قبلنا، فلذلك نخضع للأمر الواقع وندفع المبلغ المطلوب دون تردد”، يقول “عبد الرزاق”.

وحاول التاجر، سلوك الطريق البري على أطراف البادية للابتعاد عن تلك الحواجز، لكن انفجار مخلفات الحرب في سيارات لتجار أثارت مخاوفه، لذا توقف الرجل وأشقائه عن التجارة، للابتعاد عن مضايقات الحواجز وإتاواتهم التي يفرضونها.

ومن الحواجز التي تنتشر، حاجز البانوراما على مدخل مدينة دير الزور، وبقرص، والقورية والميادين، والعشارة، والجلاء بريف دير الزور الشرقي، وتلك أهم وأكبر حواجز الفرقة الرابعة، والتي تعتبر الأكثر مضايقة للسكان والتجار.

وتختلف أسعار المواد من منطقة إلى أخرى ومن تاجر لآخر، بحسب علاقتهم بالفرقة الرابعة، إذ يوجد تجار تربطهم صلة قرابة أو شراكة مع ضباط في الفرقة، لا يدفعون لأي حاجز حيث يحملون بطاقات أمنية تخولهم المرور على الحواجز دون مضايقات.

وفي الآونة الأخيرة، ارتفعت الأسعار بشكل كبير حيث وصل سعر الليتر الواحد من الزيت النباتي إلى دولارين، وكيلو الرز الممتاز إلى دولارين ونصف، وكيلو رب البندورة إلى دولار ونصف (قيمة الصرف 13000 ليرة مقابل الدولار الواحد).

فيما ارتفعت الخضار إلى ضعفي سعرها، ولحوم الأغنام تجاوزت المئة ألف للكيلو الواحد، كل ذلك الغلاء الفاحش لا يعود فقط لانهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع السلع، بل لمحاولة تغطية الإتاوات التي فُرضت من الفرقة الرابعة، وتعويض الخسائر، بحسب تجّار من المنطقة.

تحرير: أحمد عثمان