حقوقيين: ترحيل تركيا للسوريين انتهاك لحقوق الإنسان ومخالفة للقانون الدولي

غرفة الأخبار- نورث برس

انتهت الانتخابات الرئاسية التركية وحسمت بولاية جديدة لـ رجب طيب أردوغان، الذي ما انكفأ يرحّل اللاجئين السوريين من بلاده، ولكن مع نهايتها شهدت عمليات الترحيل تلك زيادة في وتيرة بناء المستوطنات في الشمال السوري وخاصة مناطق عفرين.

لا يكاد يمر يوم دون أن تشهد المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، عمليات ترحيل للسوريين بحجة مخالفة قوانين اللجوء، وعدم تعديل بياناتهم الخاصة فيما يتعلق ببطاقة الحماية المؤقتة (كيملك).

تقول الدكتورة فاتن رمضان، رئيسة منظمة “بلا قيود” لنورث برس: “تتم عمليات ترحيل اللاجئين من الأراضي التركية وخاصة السوريين وفق خطة ممنهجة ومقرة من قبل حكومتها، وفق خططها لمحاربة ملف الهجرة وخفض أعداد المهاجرين في تركيا”.

وتشمل الحملة وبحسب الإحصائيات والأرقام، كل الولايات التركية وخاصة المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة وغازي عينتاب.

وشددت الحقوقية على أن “هناك المئات من المرحلين بشكل يومي وغالبيتهم العظمى من السوريين، بالرغم من غياب البيئة الآمنة وانعدام مقومات الحياة الأساسية في المناطق التي يتم ترحيل السوريين إليها”.

“الأعداد في ازدياد”

تقول “رمضان” إن “أرقام المرحلين في ازدياد مستمر والشهادات الموثقة لديهم بوجود انتهاكات وتجاوزات أثناء الترحيل أيضاَ في ازدياد”.

وتشدد “رمضان” على أن “غياب آليات الإصلاح القانونية لتلك التجاوزات، أو إيجاد حلول قانونية لإصلاح أوضاع المخالفين أو السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بزيارة مراكز الترحيل، ما زالت متعثرة حتى اللحظة”.

كما تغيب الإحصائيات الدقيقة والحقيقية لضحايا حملات الترحيل، تضيف رمضان: “هناك أعداد كبيرة من المرحلين وصلوا لمدن سري كانيه/ رأس العين وتل أبيض في عمليات الترحيل الأخيرة وفق سجلاتهم”.

وأعداد كبيرة أخرى يتم ترحيلها بشكل شبه يومي من معابر باب الهوى وباب السلام وحتى من معبر الحمام المنشأ حديثاً في ناحية جنديرس بريف عفرين.

“تشوبها الكثير من الاستفهامات القانونية”

تقول “رمضان” إن “ظروف الاعتقال والاحتجاز والترحيل تشوبها الكثير من الاستفهامات القانونية، وذلك بحسب المئات من الشهادات الموثقة لضحايا تم اعتقالهم وترحيلهم بطرق غير قانونية، من خلال الإجبار والتعنيف والضرب، لإرغام المرحلين على توقيع أوراق العودة الطوعية”.

وتضيف أنها “باتت بحاجة لإجابات قانونية على كم الشهادات الموثقة بوجود مخالفات وانتهاكات لحقوق المحتجزين والمرحلين”.

وبالعودة لفحوى وعدد الشهادات المسجلة، تقول: “نتبين وجود مخالفات واضحة للقانون التركي أولاً و قوانين حقوق الإنسان وحماية اللاجئين الأممية والدولية”.

وبات اللاجئون في تركيا وخاصة السوريون يدفعون ضريبة فاتورة الاختلافات والتجاذبات السياسية للأحزاب التركية، وبات خطاب العداء والكراهية للاجئين أحد نتائج هذا الصراع السياسي.

وتغيب وتنعدم الفرص حتى اللحظة أمام اللاجئين السوريين وتستمر الانتهاكات والتجاوزات بحقهم، وتستمر عمليات الترحيل بوتيرة متزايدة لبيئة غير آمنة أساساً على حياتهم ولوطن يفتقر لأدنى مقومات الحياة حتى اليوم.

“مخالفة للقانون الدولي”

يقول المعتصم الكيلاني وهو مختص في القانون الجنائي الدولي، في عمليات ترحيل السوريين  إن “الاعتبار العام في القانون الدولي هو أن الإعادة القسرية دون مراعاة حقوقهم ووفقًا للإجراءات القانونية المنصوص عليها، تعتبر مخالفة للقانون الدولي، وهذه الممارسة انتهاك لحقوق الإنسان ومعايير اللاجئين”.

ويضيف “الكيلاني” المقيم في فرنسا لنورث برس: “معظم الاتفاقيات الدولية تحظر الإعادة القسرية للأشخاص إلى مناطق حيث قد يتعرضون للتعذيب أو المعاملة القاسية أو الاضطهاد، ومن ضمن هذه الاتفاقيات اتفاقية جنيف لحماية اللاجئين واتفاقية حقوق الإنسان”.

ويشير الخبير في القانون الدولي، إلى أنه هناك تقارير ومزاعم تشير إلى وجود انتهاكات محتملة تتعلق بترحيل السوريين والإعادة القسرية من قبل تركيا، هذه المزاعم تشمل انتهاكات حقوق الإنسان ومعايير اللاجئين.

وقد تشمل: “عدم احترام إجراءات اللجوء، ويمكن أن تنطوي عمليات الترحيل والإعادة القسرية على عدم احترام إجراءات اللجوء وعدم منح الأشخاص الفرصة لتقديم طلب لجوء والحصول على حماية قانونية”.

ومنها أيضاً، “عودة الأشخاص إلى مناطق غير آمنة، إذا تم إعادة الأشخاص إلى مناطق داخل سوريا حيث يمكن أن تكون هناك تهديدات لحقوقهم وسلامتهم، قد يعد ذلك انتهاكًا لحقوق الإنسان ومعايير اللاجئين”.

ومن تلك الانتهاكات، “عدم منح حقوق اللاجئين، إذا تم ترحيل السوريين دون تقديم لهم حقوق اللاجئين المنصوص عليها في القوانين الدولية، فقد يعتبر ذلك انتهاكًا لتلك الحقوق”.

“تغير ديمغرافي خطير”

تواظب تركيا منذ اجتياحها لعفرين وريفها شمالي حلب عام 2018، بمساندة فصائل المعارضة السورية المسلحة، على بناء المستوطنات، في ظل انتهاكاتها المتواصلة ضد المنطقة، لتتركز أغلبها جنوبي شرقي عفرين.

ويقول نواف خليل مدير المعهد الكردي للدراسات، إن “بناء المستوطنات التي تواظب عليها تركيا في الشمال السوري وخاصة مناطق عفرين، تتم بدعم علني وواضح من قطر ومن جماعات الإسلام السياسي في الكويت وفي إسرائيل”.

ويضيف “نواف” لنورث برس، أن “بناء تلك المستوطنات خطر كبير، وتأتي في إطار التغير الديمغرافي الذي يراد له أن يكون مستداماً”.

والمستوطنات التي بنتها المنظمات التركية والكويتية والفلسطينية والقطرية، في منطقة عفرين، أنشأت في 25 قرية، تتوزع في مناطق شيراوا والشيخ حديد وجنديرس وراجو، قرب مدينة عفرين، وذلك حسب ما رصدته نورث برس، في جولتها بالمنطقة مؤخراً.

ويشدد “نواف” على أن “عمليات الترحيل تلك تأتي ضمن المشروع التركي والذي أطلق عليه (إصلاح الشرق) الهادف إلى تغير ديمغرافية المنطقة برمتها”، مشيراً إلى أن “تركيا بالتناغم مع النظام وكقوة احتلال في عفرين تقوم بتغير الطابع الديمغرافي للمنطقة”.

ويشدد على أن “إجبار للاجئين السوريين على العودة إلى غير المناطق التي هجروا منها، يعتبر انتهاكاً لحقوق اللاجئين”.

إعداد وتحرير: مالين محمد