أمبيرات الحسكة والقامشلي شبه غائبة ولكنها ترهق جيوب السكان

غرفة الأخبار – نورث برس

واقع كهرباء الأمبيرات المتردي وتحكم أصحابها بساعات وصلها، خلق تذمراً غير مسبوق بين سكان مدينتي الحسكة والقامشلي، وما زاد الطين بلة، ارتفاع سعر الأمبير وحسابه على سعر صرف الدولار الأميركي، ما أثقل كاهل السكان، وشكّلَ عبئاً كبيراً عليهم، نتيجة عدم تكافؤ ميزان الدخل مع المصاريف اليومية.

يوجد مولدات كهربائية في جميع أحياء المدينتين ويتم مد شبكة كهربائية (أسلاك، قواطع وفيوزات) بحيث يتم تخصيص كمية الكهرباء لكل منزل من خلال القواطع، ويسجل السكان اشتراكاً لدى أصحاب المولدات بحسب حاجة كل منزل من الكهرباء.

وتتراوح نسبة اشتراك المنزل حسب الحاجة وكمية الأدوات الكهربائية المراد تشغيلها وتتراوح بين 2و4 أمبير من الكهرباء، وتعمل المولدات الكهربائية على مادة المازوت التي يقوم صاحب المولدة بتأمينها.

“حبر على ورق”

يمر الصيف كما الفصول الأخرى، قاسياً على السوريين في شمال شرقي سوريا، ويفاقمه مشكلة الكهرباء وعمليات، وهو واقع مرير يعيشونه منذ سنوات. كما يعاني سكان الحسكة والقامشلي من قلة ساعات تشغيل مولدات الأمبيرات، على الرغم من ارتفاع أسعار الاشتراك، في الوقت الذي تعاني منه شبكات الكهرباء النظامية من اهتراء وتلف نتيجة “السرقات” والتخريب في خطوط الأبراج، على طريق الطبقة – الحسكة، والتي تغذي المدينتين.

ولا تنتهي المشاكل هنا، بل وعلى الرغم من وجود قرارات، وتعاميم تنظيمية بشأن المولدات، والتي توجب تحديد تسعيرة موحدة نظامية للمولدات كلها، وهي تصدر من قبل لجنة المولدات التابعة للإدارة الذاتية، إلا أن هذه القرارات تبقى “حبراً على ورق”.

ومعظم أصحاب المولدات يسعّرون على هواهم، ولا يلتزمون بالتسعيرة، فعلى الرغم من أن ثمن المحروقات موحد للمولدات كلها، إلا أن لكل واحد منهم تسعيرته وطريقته في احتساب قيمة الأمبير، كما أن السعر يختلف من حي لآخر، ولكن سعر الأمبير الواحد يبدأ من تسعة آلاف ليرة، ويصل في بعض الأحياء إلى 15 ألف ليرة.

ومن أبرز أسباب ارتفاع سعر الأمبيرات، هو زيادة سعر مادة المازوت وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، كما أن كثرة أعطال المولدات تجبرهم على رفع التسعيرة، بحسب أصحاب المولدات، وبالتالي ينعكس ذلك على سكان المدينتين.

وارتفعت أسعار المحروقات في مناطق الإدارة الذاتية، في 16 تموز/ يوليو الجاري، وبلغت نسبة رفع بعضها أكثر من مئة بالمئة، وسط توقعات بارتفاع أسعار الخدمات المعتمدة على المحروقات كالنقل وكهرباء المولدات والأفران.

وفي السادس من حزيران/يونيو الماضي، رفعت هيئة الإدارة المحلية في مناطق الجزيرة شمال شرقي سوريا، تسعيرة اشتراك الأمبيرات من كهرباء المولدات التي تعمل لثماني ساعات، لتصبح بمبلغ 9000 ليرة سورية للأمبير الواحد، بعد أن كانت 8000 ليرة.

وقبل يومين، شهدت بلدة تل تمر شمال الحسكة، ظلاماً دامساً، جراء إيقاف أصحاب المولدات الخاصة بتوليد الكهرباء “الآمبيرات”، 7 مولدات عن العمل بشكل تام كإضراب عن العمل، بسبب عدم إصدار تسعيرة جديدة من الإدارة الذاتية.

وقال صاحب إحدى المولدات في بلدة خوشين صبري، لنورث برس، إنهم “قاموا بإيقاف مولداتهم عن العمل بسبب عدم الرد على المطالبات المتكررة برفع تسعيرة الأمبير الواحد من قبل بلدية تل تمر”.

وعمد أصحاب مولدات في مناطق بشمال شرقي سوريا إلى رفع تسعيرة الأمبير الواحد ما بين (12 ألف إلى 15 ألف ليرة) دون قرار رسمي بهذا الخصوص، في ظل مطالبات أصحاب المولدات برفع تسعيرة الأمبير بشكل رسمي بما يتناسب مع سعر صرف الدولار الأمريكي.

وبعد ورود عدة شكاوى من قبل سكان القامشلي، خالفت لجنة المولدات في بلدية المدينة، عدداً من أصحاب مولدات الاشتراك “الأمبيرات” ، لرفعهم أسعار الأمبير دون قرار رسمي.

وقال خالد جمعة إداري في لجنة المولدات بالقامشلي، لنورث برس، إنهم خالفوا 25 مولدة لرفعهم أسعار الأمبير وخالفوا قرار لجنة المولدات، بغرامة مالية تبلغ مليون وخمسمائة ألف ليرة لكل مولدة.

وأشار إلى أن الكشف مستمر على المولدات الأخرى في أحياء المدينة، موضحاً أنه “تتم الدراسة الآن لرفع سعر الأمبير الواحد بما يتناسب مع قيمة الدولار في الوقت الراهن، على أن يتم إصدار القرار خلال الأيام القادمة”.

وبلغ سعر صرف الدولار بالقامشلي في مداولات أمس الأربعاء، 13,100 ليرة شراء، و13,200 ليرة مبيع، بحسب صرافين لنورث برس.

أزمة ذات نطاق واسع

وفي ظل الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه السكان في الحسكة والقامشلي وغيرهما من مناطق شمال شرقي سوريا، تتعدد التحديات أمامهم وتزيد الأعباء المادية وسط حالة من الفقر وانعدام فرص العمل وغلاء الأسعار.

بالإضافة لصوت المولدات والمخلفات النفطية السّامة التي تنفث في الهواء، وتعود بالضرر على السكان، فالدخان والروائح الكريهة التي تنتج عنها، تتسبب بانتشار أمراض سرطانية.

وقال الطبيب سعد حسو، أخصائي في الأمراض الصدرية، لنورث برس، “ازدادت نسبة هذا الأمراض في العقد الأخير بين السكان، إلى جانب الأمراض التنفسية كالربو وضيق التنفس وأمراض الرئة، والتهاب القصبات المزمن وازدياد حالات تليُّف الرئة، خاصةً عند الشباب رغم أنهم لا يدخنون”.

وأضاف أن “هناك منازل قريبة من المولدات ويدخل الدخان إليها، يوجد فيها مرضى، مع العلم أن معظم الحالات لا يدخنون، ولا يعملون في أماكن قد تسبب لهم مشاكل في الصدر أيضاً، أو يتعاملون مع مواد كيماوية”.

ومن جانب آخر، تتسبب المولدات بارتفاع درجات الحرارة خاصة في المدن، وبالتالي تنتج عنها أمراض، بحسب الطبيب.

وباتت هذه المشكلة تؤرق السكان مع حلول الصيف، نتيجة انتشار الأمراض جراء ارتفاع درجات الحرارة ولا سيما بين الأطفال، إلى جانب عدم استطاعة الكثيرين تخزين المؤن ضمن الثلاجات المنزلية.

إعداد وتحرير: روبين عمر