ما أهداف تركيا من ترحيل السوريين إلى تل أبيض وسري كانيه دون غيرهما؟

مؤيد الشيخ ـ إدلب

منذ أن بدأت حملتها ضد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، تجبر السلطات التركية، السوريين الذين تعتقلهم بهدف ترحيلهم إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام، على توقيع أوراق الترحيل إلى منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) تحديداً دون غيرهما من المناطق التي تسيطر عليها تركيا في ريف حلب وإدلب.

وهو ما جعل الكثير يتساءل عن أهداف تركيا من ذلك لا سيما وأنها تتحدث عن بناء مئات الكتل الإسمنتية في مناطق إدلب وحلب من أجل إسكان اللاجئين السوريين العائدين “طوعاً” كما تسميهم.

ووفقاً لسكان وناشطين، فإن أهداف تركيا من ذلك واضحة، وهي “إحداث التغيير الديمغرافي” لتلك المنطقة كما تفعل اليوم في منطقة عفرين شمالي حلب والتي تسيطر عليها منذ العام 2018، مستغلة عدم تواجد أي طرق برية تربط بين منطقة تل أبيض وسري كانيه، والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها المعارضة السورية.

ولن يتمكن من تقوم بترحيله إلى تلك المنطقة من الخروج منها إلى ريفي إدلب وحلب، وسيجبر على السكن في سري كانيه وتل أبيض، وهو ما تريده تركيا وتسعى له منذ سنوات.

يقول يزن الحوراني، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي يقيم في ريف حلب، لنورث برس، “في الحقيقة لا أجد مبرراً لترحيل السوريين إلى تلك المناطق سوى رغبة تركيا بملء المنطقة بسكان جدد وتغيير هوية المنطقة وسكانها ديمغرافياً”.

ويضيف: “ربما قد يكون المبرر المعلن وراء اختيار هذه المنطقة بالتحديد هو بناء تركيا مساكن بتمويل قطري ولكن هذا المبرر لا ينفي نية التغيير الديمغرافي بل يؤكدها”.

وتستغل تركيا طبيعة المنطقة وعدم اتصالها جغرافياً بمناطق ريف حلب الشمالي، ما يجعلها كانتوناً محاصراً يسهل السيطرة عليه وضبط حدوده مع تركيا أمام حالات التهريب.

ويشدد سليم ريحان وهو ناشط إنساني يقيم في إدلب، في حديث لنورث برس، على أن أهداف تركيا من ترحيل السوريين إلى منطقة “نبع السلام” المحاصرة من قبل قوى مختلفة، “هو بالتأكيد ليس بمحض صدفة، إذ تريد أن تجبر من تقوم بترحيلهم على السكن هناك وبالتالي نجاح مشروعها وهو تغيير ديمغرافية المنطقة أو على الأقل جعل الفئة الأكبر من سكانها من العرب”.

وأشار “ريحان” إلى أن تركيا ورغم ترحيلها للسوريين قسراً إلا أنها تظهر نفسها أمام العالم أنها “المنقذة لهم وأنها لم تقم بإعادة أي أحد قسرياً والجميع يعود طوعاً إلى المنطقة الآمنة التي أنشأتها على طول حدودها”.

وعن عمليات إجبار السوريين على اختيار منطقتي تل أبيض وسري كانيه، يقول أسعد العمر (32 عاماً) وهو من نازحي ريف دمشق، إن السلطات التركية قامت مطلع الشهر الفائت، بمداهمة المعمل الذي يعمل فيه بمنطقة اسنيورت بمدينة إسطنبول، حيث ألقت القبض عليه وعلى جميع اللاجئين السوريين معه ويزيد عددهم عن 30 شخصاً، “رغم أن معظم الشباب كانوا يحملون بطاقة الحماية المؤقتة إلا أنه تم نقلهم إلى مركز الترحيل القريب من المنطقة”.

ومنذ نهاية عام 2018، خرج “العمر”، للعمل في الأراضي التركية، لمساندة عائلته التي تركها خلفه في إدلب، إلا أنه الآن يتواجد في مدينة تل أبيض شمالي الرقة، بعد أن رحلته السلطات التركية.

وبعد حجزهم لأكثر من أسبوع، في مركز بالقرب من منطقة اسنيورت، “جاء ضابط مسؤول يخبر جميع من في المركز، ويزيد عددهم عن 100 شخص بأنهم سوف يرحلون تباعاً صباح اليوم التالي إلى شمالي سوريا، وأن الجميع مخير بالمنطقة التي يريد أن يذهب إليها”.

ويضيف لنورث برس: “لكن في الحقيقة لم يكن ذلك، فوجئ الجميع عند الذهاب لتوقيع الأوراق بأن هنالك خياران لا ثالث لهما إما تل أبيض أو رأس العين والخيار الثالث السجن لستة أشهر، وهنا أجبرنا جميعا على اختيار تل أبيض”.

تحرير: تيسير محمد