واشنطن تجدد عقوباتها ضد دمشق.. ما تأثيرها على الاقتصاد السوري؟

الرقة – نورث برس

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الثلاثاء، انتهاء تجميد العقوبات على حكومة دمشق، والتي علقتها بشكل مؤقت بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، في شباط/ فبراير الماضي.

وانتهى الترخيص العام رقم 23 المتعلق بجهود إغاثة الزلازل في سوريا، الذي يجيز جميع المعاملات المتعلقة بهذه الجهود، وكان دور الترخيص محدوداً لتسهيل جهود الإغاثة عقب الزلازل المدمرة.

ومع انتهائه، لم يعد الأفراد والشركات الأجنبية قادرين على تقديم دعم مباشر لحكومة دمشق في جهود إغاثة الزلازل، إلا بتصريح محدد من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (أوفاك).

ولكن ما زال بإمكانهم تقديم المساعدة بموجب التراخيص العامة الحالية للأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى والمنظمات غير الحكومية، وفق ما نقلت وسائل إعلامية عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية.

وحذرت الوزارة، الأفراد والشركات الأجنبية من تقديم دعم مباشر لحكومة دمشق، من دون الحصول على تصريح من وزارة الخزانة الأميركية، وإلا فإنهم يخاطرون بتعرضهم للعقوبات.

وبعد الزلازل المدمرة، أصدرت الخزانة الأمريكية، ترخيصاً عاماً يسمح لمدة 180 يوما بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال والتي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا، بدءاً في الثامن من شباط/ فبراير.

وقال والي أدييمو نائب وزير الخزانة الأميركي في بيان صادر عن الوزارة، إنه “بينما يتجمع الحلفاء الدوليون والشركاء الإنسانيون لمساعدة المتضررين، أود أن أوضح تماماً أن العقوبات الأمريكية في سوريا لن تقف في طريق الجهود المبذولة لإنقاذ حياة الشعب السوري”.

وذكر أنه “بينما تحتوي برامج العقوبات الأميركية بالفعل على استثناءات قوية للجهود الإنسانية، تصدر وزارة الخزانة ترخيصاً عاماً شاملاً لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز أكثر على ما هو مطلوب لإنقاذ الأرواح وإعادة البناء”.

وشدد البيان على أن “الترخيص GL 23 يوفر التفويض الواسع اللازم لدعم جهود الإغاثة الفورية في حالات الكوارث في سوريا”.

ويتضمن الترخيص السماح بـ”معالجة أو تحويل الأموال نيابة عن أشخاص من دول أخرى إلى سوريا أو منها، لدعم المعاملات المصرح بها بموجب هذا الترخيص العام”.

وحاولت حكومة دمشق الاستفادة بشكل كبير من كارثة الزلزال لإعادة تعويمها عربياً ودولياً، إلا أن جهودها باءت بالفشل خصوصاً على المستوى الاقتصادي مع توسع الأزمة في مناطق سيطرتها لأعلى المستويات.

وأسهمت كارثة الزلزال بإعادة العلاقات العربية مع دمشق، وشهدت مطارات دمشق زيارات لوفود عربية، كما كسرت بعض الدول العزلة واستقبلت الرئيس بشار الأسد، لكن تلك العلاقات لم تسهم بتحسين الواقع الاقتصادي.

أنعش تجميد العقوبات قيمة العملة المحلية في بادئ الأمر التي سرعان ما عاودت للهبوط، إذ تحسنت قيمة الصرف من 7 آلاف ليرة، إلى 5آلاف خلال يومين، لكن مع قرب انتهاء تجميد العقوبات وتحديداً منتصف تموز/ يوليو الفائت، تدهور الليرة السورية بمعدل الضعف، دون أن يسهم الانفتاح العربي بتحسين الاقتصاد السوري.

وفي الخامس من آب/ أغسطس الجاري، أعلن التحالف الأميركي لأجل سوريا، أن الحكومة الأميركية أخطرت الكونغرس رسمياً استجابتها لمطالبه وعزمها عدم تجديد الرخصة العامة رقم 23 التي عُلقت بموجبها العقوبات على حكومة دمشق عقب الزلزال.

ووصف محمد غانم عضو التّحالف الأميركي لأجل سوريا، قبول الحكومة الأمريكية بإنهاء التجميد، في تغريدة عبر برنامج “أكس”، بـ”نكسة سياسيّة لـنظام الأسد وحلفائه” الذين طالبوا برفع العقوبات عنه طيلة الأشهر الماضية، وانتصاراً لجهود العمل السياسي لمنظّمات الجالية السورية الأميركية في واشنطن.

استغلت حكومة دمشق كارثة الزلزال، لكسر العزلة الاقتصادية والسياسية، دون الاكتراث للمتضررين، عبر الانفتاح العربي، ومناداة منظمات بتجميد العقوبات لإنقاذ المتضررين، وإرسال مساعدات إغاثية للمتضررين من الزلزال عبر طائرات وسفن من دول اعتمدت سياسة “القطيعة” طوال 12 عاماً.

منذ منتصف الشهر الفائت، انهارت قيمة الليرة السورية بمعدل 5 آلاف ليرة عما كانت عليه قبل ذلك، في ظل ذلك يعاني غالبية السوريين ظروفاً اقتصادية “متردية جداً”، فيما تتجه الحكومة السورية لرفع الدعم عن المحروقات والخبز ومواد أخرى.

كما رفعت أمس أسعار الأدوية بنسبة 50 بالمئة، وتترك بذلك السكان يواجهون ظروفهم القاسية، في الوقت الذي تمنح فيه موظفيها رواتب لا يتعدى وسطيها 180 ألفاً (حوالي 13 دولاراً أمريكي)، في حين تحدد الأمم المتحدة خط الفقر الأدنى بـ 57 دولاراً للفرد الواحد شهرياً.

إعداد وتحرير: أحمد عثمان