سياسة القمح مقابل دعم المحروقات خطة حكومية تبقي حقول السويداء بلا حصاد

رزان زين الدين ـ السويداء

“القمح مقابل المازوت” عبارة تختصر السياسة المتبعة من قبل الحكومة السورية مع مزارعي القمح في السويداء، في رسالة وصفها الكثير من المزارعين بأنها محاولة للتضيق على سكان في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية.

“لن تجني محصول القمح إلا إذا تم التعهد ببيعه للحكومة السورية”، بهذه العبارة عبر وسام العيسمي، اسم مستعار لمزارع من قرية امتان في الريف الجنوبي للسويداء، لنورث برس، عن حاله وحال الكثيرين من مزارعي القمح في السويداء بعد أن فرصت الحكومة السورية سياسة تقديم المازوت المدعوم مقابل بيع المحصول لمكتبة الحبوب التابع لها.

يقول “العيسمي” إن عدم تقديم مازوت مدعوم للحصادات، قبل تقديم تعهد للجمعية الفلاحية في القرية بإعطاء كمية مفروضة من مادة القمح لمكتب الحبوب، “منع الكثير من المزارعين من إكمال حصاد الموسم بعد أن تم حرمانهم من مادة المازوت وما تم استهلاكه منها سابقاً يحسب بالسعر الصناعي 5400 ليرة لليتر بعد أن قدمت الحكومة جزءاً من المازوت وتوقفت لحين شرائها الكمية المطلوبة من القمح”.

يشير المزارع إلى أنه طلب من قريته امتان “تسليم 22 طن لمكتب الحبوب وإلا ستحرم القرية من مادة المازوت المدعوم”.

“قرار معيب”

ويتم بيع كيلو القمح لمكتب الحبوب بسعر 2800 ليرة، في حين تجارز سعره بالأسواق 4000 ليرة، وبعبارات تعبر عن القهر واليأس من الوضع الحالي يقول بلهجته العامية: “منين بدنا نعطي الدولة من مونية البيت من لقمة أولادنا”.

ويشدد المزارع على أن قرار القمح مقابل المازوت “معيب”، فمادة المازوت “من حق الفلاح ولا تخضع لسياسة الدولة”، بحسب قوله.

وينوه إلى أن إنتاج الدونم هذا العام بشكل وسطي لا يتعدى 30 كيلو، وذلك الإنتاج القليل، بفعل المطر المتأخر وحبات البرد التي تعرض لها الريف الجنوبي للسويداء في أواخر أيار /مايو الفائت، والحقت أضراراً في المحاصيل.

ويضيف بأن أرضه التي تبلع مساحتها 30 دونماً تحتاج لحصادها على آلة الحصاد حوالي 2-3 ليتر مازوت، يقدر بأكثر من 70 ليتر مازوت لكامل الأرض، بسعر يصل  إلى حوالي 700 ألف ليرة، في حال لم يتمكنوا من إعطاء الدولة الكمية المفروضة على قريتيهم من مادة القمح.

ويبرر المزارع سبب الرغبة بالاحتفاظ بمادة القمح، بأن كمية المحصول قليلة لا تكفي لمونتهم بالإضافة أن معظم مزارعي السويداء يحتفظون بالقمح للبذار في العام القادم، فتعقيمها منزلياً أقل تكلفة من شرائها من مكتب الحبوب خلال موسم الزرع.

في حين كان إنتاج الريف الغربي والشمالي في السويداء جيداً نسبياً، وتم بيع مخصصات كل قرية من مادة القمح لمكتب الحبوب.

وقال مدير مكتب المؤسسة السورية للحبوب بالسويداء، المهندس باسل هنيدي، في تصريح لوكالة سانا الرسمية، إن كميات القمح المستلمة لغاية تاريخه بلغت نحو 5415 طناً من مركزي بلدة المزرعة ومطحنة أم الزيتون، مع استمرار استقبال المحصول ضمن هذين المركزين.

القمح للمواشي

وفي ظل الظروف الحالية المفروضة مع عدم وجود كمية كافية من القمح لإعطائها لمكتب الحبوب التابع للحكومة، يبقى مزارعو السويداء، أمام خيارين أحلاهما مر كما قال وسام العيسمي، “إما حصاد القمح عبر شراء المازوت من الأسواق السوداء وبسعر 9500 ليرة لليتر. وهذه التكلفة العالية لا تبقى هوامش ربح للمزارع، أو بيع القمح للمواشي بسعر يتراوح بين 45-55 ألف للدونم لتعويض الخسائر”.

ويقول: “دولة اقتصادها منهار لم يبق مرود لها غير الزراعة ومع ذلك تبتز المزارعين وتقاسمهم على أرباحهم وتعبهم”.

بعد السياسة التي فرضتها الحكومة والتي تقضي بشراء القمح مقابل المازوت يتخوف مزارعو السويداء على مستقبل الزراعة داخل المحافظة.

فسياسة المازوت المشروط ستطبق حتى على موسم الزرع، “من لم يقدم القمح لن يعطى مازوتاً للزرع”.

وهذا ما يتخوف منه سلمان الحناوي مزارع من قرية ذيبين في الريف الجنوبي للسويداء، بأن حرمان المزارعين من مادة المازوت سيؤثر على واقع الزراعة والتي تعد المورد الأساسي في السويداء.

وأشار “الحناوي” في حديث لنورث برس، إلى أن هذا الأسلوب بالمتاجرة بالزراعة “هو لمحاربة سكان السويداء، فرغم الظروف الأمنية والاقتصادية المتردية وانعدام الخدمات الأساسية إلا أن الحكومة ما زالت تحاول ابتزاز السكان”، بحسب قوله.

وأضاف أن مزارعي السويداء من الصعب عليهم تحمل حرمانهم من المازوت المدعوم الذي يباع بسعر  700 ليرة لليتر، فالزراعة بحاجة ماسة لدعم المحروقات،  بحسب ما ذكر.

وبين المزارع أن اعتماد فكرة المازوت المشروط، في موسم الزراعة “سيبقى حقول السويداء فارغة لا زرع فيها وسط تهديد فعلي لأخر مورد للسكان”.

تحرير: تيسير محمد