العاصمة دمشق تعج بالدراجات النارية وضجيجها

ليلى الغريب ـ دمشق

لا صوت يعلو فوق “ضجيج الدراجات النارية في شوارع العاصمة دمشق.. دراجات تتجول  كما لو أنها في قرية نائية من هذا البلد”، هكذا وصف أحمد الذي يسكن في حي البرامكة، الحال الذي وصلت إليه العاصمة.

في منتصف الطريق وعلى جانبيه وعلى رصيف المشاة وفي الحارات وكل الأماكن تنتشر الدراجات النارية، تعيق الحركة وتسبب الكثير من المخاطر لراكبيها ولحركة السير عموماً، “أما عن ضجيج صوتها فحدث ولا حرج”، يقول أحمد.

ولكن بالمقابل، الواقع الاقتصادي السيء وصعوبة المواصلات تجعل وجود الدراجات النارية يفرض إيقاعه بقوة ليس في الأرياف أو المحافظات النائية، وإنما في العاصمة أيضاً.

رغم المنع

يقول الشاب ياسر أحمد، الذي يستخدم الدراجة النارية، إن أكثر ما يدعوا للاشمئزاز هو الحديث عن منع الدراجات النارية، وكأنها المشكلة الوحيدة في البلد.

ويضيف “أحمد” لنورث برس، إنه وآلاف العساكر غيره ليس لديهم وسيلة للتنقل من وإلى مكان خدمتهم سوى الدراجة النارية، إذ أنه لا يوجد مواصلات لهم، ولا يمكنهم استخدام التكسي، لذلك سيظل “الموتور” وسيلة النقل شبه الوحيدة المتاحة لهم، ولن يتمكنوا من الاستغناء عنه مهما صدرت قرارات منع.

أسر كاملة

تستخدم الدراجات النارية لنقل أسر بكاملها وقد سجلت إدارات المرور عشرات حوادث السير التي قضت فيها أسر مع أولادهم كانت تنتقل من مكان لآخر على الدراجة النارية.

يقول شرطي مرور يقف على مدخل مدينة جبلة، إن من يتابع حركة الدراجات النارية يكتشف مدى اعتماد الأسر عليها، وأن هنالك الكثير من طالبات الجامعة يتم نقلهن عبر الدراجة.

ورغم الظروف الخانقة التي تفرض انتشار استخدام الدراجات النارية، إلا أن هنالك الكثير من المشاكل في استخدامها، حيث يكثر استخدامها من قبل شبان في عمر المراهقة، ويعمدون إلى الاستعراض بقيادتها، عن طريق “تشبيبها” أي رفع الإطار الأمامي مع سرعة زائدة الأمر الذي يتسبب بحوادث دائمة، وإصابات كثيرة.

في حين تشير السيدة أحلام العلي، لنورث برس، أنها لا تستطيع النوم قبل أن يعود جارهم بعد منتصف الليل من عمله، لأن صوت دراجته يوقظها من “عز نومها”، إذ أنه يقوم بإدخال الدراجة إلى داخل بيته، وهذا يعني ضجيجاً مضاعفاً لدفع الدراجة لتجاوز عتبة منزله.

وباتت السيدة تفضل فصل الشتاء لأن إغلاق النوافذ “يرحمها من ذاك الضجيج اللعين”، بينما في الصيف تظل تلك الأصوات في أدنيها دون أن تعتاد النوم على ضجيجها.

في حين يصف عضو في جمعية الوقاية من حوادث السير، استخدام الدراجات النارية بـ”الشر الذي لا بد منه”، لأنها غير آمنة ومخاطرها كبيرة، ولكنه يشدد لنورث برس، أنه لا بديل عنها لصعوبة اقتناء سيارات خاصة ولصعوبة استخدام المواصلات العامة.

ويعود ليشدد على أن هنالك استخدامات “غير قانونية” للدراجة يساعد عليها “سهولة حركتها وصغر حجمها كاستخدامها في عمليات النشل والسرقة”.

مهربة نهاراً

غالبية الدراجات الموجودة في سوريا مهربة رغم وجود معمل لتصنيع الدراجات، ولكن فارق السعر يجعل المهربة أكثر طلباً، وما يحصل مع الدراجات النارية يتكرر مع كل المواد المهربة، حيث أن هنالك من يتمكن من إدخال عشرات الدراجات المهربة التي تباع في أماكن معروفة للجميع، ولكن عندما تتابع الجمارك الموضوع تصادرها من الأفراد بعدما تكلفوا مبالغ كبيرة لشرائها.

ضابط سابق في مرور دمشق، أشار إلى أنهم، “يقدرون ظروف الناس ويتجنبون مخالفة الدراجة التي تقل أسرة مثلاً، وتتحرك على أطراف المدينة، في حين أنهم لا يتساهلون مع شبان زعران يتسببون في ازعاج الناس ويتحركون ضمن المدن”.

وشدد على أن ظاهرة الدراجات النارية انتشرت كثيراً بعد الحرب، وأن الظروف تفرض عليهم غض الطرف عن مخالفة الدراجات، لأنها تستخدم من قبل شبان في الجيش.

وأضاف لنورث برس، أن “المخالفات تصبح أقل في الأرياف، لأن استخدام الدراجات يكثر أيضاً في الأرياف والبيئات الزراعية، إذ لا يمكن لأي مزارع أن يستغني عنها لأنها تخدمه في متابعة محاصيله ونقلها”.

وأشار المزارع يوسف أحمد، لنورث برس، أن الطريق المؤدي إلى سوق الهال في قريته يشهد ازدحاماً كبيراً بحركة الدراجات النارية المحملة بالخضار من الساعة الرابعة مساءاً وحتى السابعة والنصف، وذلك لتجنب تكاليف نقلها بسيارات مأجورة.

تحرير: تيسير محمد