عوامل عدة تؤثر على المحصول.. مزارعو القطن في الرقة يتوقعون “الخسارة”

فاطمة خالد – الرقة

أثناء سقايته لأرضه التي يزرعها بالقطن، لاحظ مصطفى، وجود إصابة في أجراس (عقد) النبتة التي بدأت بالتشكل والاكتمال، بنوع من الديدان.

وبعد البحث جيداً، تأكد مصطفى الحمود (50 عاماً)، مزارع من قرية ربيعة غرب الرقة، شمالي سوريا، من إصابة بعض شجيرات القطن في أرضه بديدان ضربت الأجراس المتشكلة فيها، والتي ستمنعها من النضوج.

ويشتكي مزارعو قطن في الرقة من وجود إصابات في محصول القطن، في ظل ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية وارتباطها بصرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية.

يقول “الحمود” لنورث برس، إن أسعار المبيدات الحشرية جميعها مرتبط بالدولار، أي أنه مجبر على شرائها وسعر الصرف غير المستقر قد يزداد إلى أضعافٍ عندما يريد الرجل إيفاء ثمنها.

ورش المزارع المبيدات الحشرية على محصوله للمرة الأولى فقط منذ عشرة أيام، ولكنه بحاجة إلى مكافحة مستمرة في كل يوم مرة، بالإضافة إلى مخصبات وغيرها.

ويضطر المزارع، حاله حال الكثير من مزارعي القطن، لاستدانة الأدوية من الصيدليات الزراعية، لعدم وجود “سيولة”، أي رأس مال، يشتري به مستلزمات المحصول، على أمل الإيفاء في نهاية الموسم.

وأثّر تدهور قيمة العملة السورية على المزارعين، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى أكثر من 13 ألف ليرة سورية، إذ انهارت العملة بمعدل الضعف تقريباً.

وزرع “الحمود” مساحة 12 دونماً يملكها، أمام منزله، ويحتاج الدونم الواحد من القطن من المبيد الحشري حوالي ليترين على الأقل، ناهيك عن أجرة العامل الذي يقوم بالمكافحة، والتي قد تتجاوز 5آلاف ليرة للدنم الواحد.

ووفقاً لمزارعين في المنطقة، قد تحدث الإصابة ببعض أنواع الحشرات في محصول القطن بسبب استخدام نوع بذار فاسد، إذ يؤثر ذلك فيما بعد على الموسم والإنتاج.

قيّم عمار السليمان (29 عاماً)، وهو مزارع من قرية ربيعة، نسبة إصابة أرضه بـ 70 بالمئة، وأرجع ذلك لأكثر من سبب، أهمها نوع البذار الذي استخدمه، إذ اكتشف أنه “فاسد”.

 وأُجبر المزارع على شراء بذور مرة أخرى لتلافي خسارة محصوله كاملاً، بعد فشله في المرة الأولى بنسبة 60 بالمئة، وفقاً لقوله.

ويقول لنورث برس: “أصبح المزارع هو الخاسر الوحيد اليوم، بسبب ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، ناهيك عن قلة المياه التي أثقلت كاهل المزارعين”.

وارتبطت الأسعار بصرف الدولار مع الحاجة للأسمدة والمبيدات، في وقت انعدم فيه الدعم لقطاع الزراعة من قبل المنظمات والإدارة الذاتية، وهذا يسبب خسارة كبيرة للمزارعين “الوضع من سيء إلى أسوء”، يقول “السليمان”.

ويرى أن إصابة المحصول مرتبطة بقلة المياه، إذ أفسح المجال أمام ديدان القطن للانتشار بشكل أكبر، إضافة لعدم تأثرها أيضاً بالمكافحة في بعض المحاصيل.

 وبما أن العامل الرئيسي بنجاح المحصول الزراعي كالقطن وغيره هو توفر مياه ري كافية، فقد أدى انخفاض مستوى المياه في قنوات الري لتعرض المزارعين لخسائر كبيرة.

ويقول أحمد العلي (26 عاماً)، مزارع من قرية الخاتونية غرب الرقة، إن هناك “إصابات خفيفة” -كما وصفها- في أرضه، إلا أنها لا تسبب معضلة كبيرة مقارنة بشح مياه الري.

يزرع “العلي” مساحة 150 دنماً، ويواجه صعوبة كبيرة في سقايتها في الوقت الحالي مع اقتراب الموسم من ذروته “تفتح الأجراس”.

يقول المزارع، إن قلة مياه الري، أدت إلى عطش المحصول بشكل كبير، كما أدت إلى تفتح الأجراس قبل أوانها تزامناً مع موجات الحر أيضاً.

ويضطر لانتظار دوره لسقاية الأرض، إذ أصبحت المياه تتوزع بـ “الدور” على بقية القرى والمزارع في المنطقة، “في حال تأخرت في موعد السقاية قد أخسر محصولي”.

تحرير: أحمد عثمان