ما حال مزارعي الخضروات بريف القامشلي مع ارتفاع الدولار والتغير المناخي؟
دلسوز يوسف ـ القامشلي
على أطراف مدينة عامودا، بريف القامشلي، يتجول المزارع سيف الدين محمد، بين حقله من الخضروات الصيفية، متذمراً جراء تضرر مزروعاته بسبب التغير المناخي وانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة، بتلف معظم إنتاج ‘‘محمد’’ من الفليلفة والخيار ضمن مساحة 4 دونمات والتي تعد مصدر دخله الوحيد لإعالة أسرته المؤلفة من 11 شخصاً.
ويقول المزارع الأربعيني، وهو يتجول في حقله بقريته سنجق خليل: “هذا العام تكبدنا خسارة كبيرة بسبب الظروف المناخية ورخص الأسعار في الأسواق المحلية، فحتى الآن لم نستطيع تحصيل رأس مالنا”.
ويضيف لـنورث برس: “تضررنا كثيراً. قبل مدة اشتريت ظرف بذار الخيار سيء الإنتاج بـ 25 دولاراً، كما ارتفع سعر المازوت إلى 1700 ليرة سورية بعدما كنا نشتريه بـ 1200 ليرة”.
ومع انقضاء نصف الموسم، يشكو أغلبية المزارعين في منطقة عامودا، التي تشتهر بالمحاصيل الزراعية على مدار السنة، من أنهم لم يجنوا رأس مالهم من محاصيلهم الصيفية، التي ترفد الأسواق المحلية بمختلف أنواع الخضروات وتحقق الاكتفاء الذاتي.
إلا أن منتجات المزارعين المحليين، اصطدمت هذا العام، بالعوامل المناخية ولا سيما ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت لأكثر من 45 درجة مئوية في بعض الأحيان، الأمر الذي كبد الكثيرين خسائر في محاصيلهم.
ودفعت هذه المعضلة إلى جانب انهيار قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، إلى رفع أسعار الخضروات المحلية مؤخراً قرابة ألف ليرة وأكثر لكل صنف، بحسب تجار في سوق الهال لـنورث برس.
ويقول منتصر عبدالله وهو تاجر خضار بعامودا، إن ارتفاع الدولار والتغير المناخي “كبد المزارعين خسائر جمة”.
ويضيف لنورث برس: “حرارة الطقس أثرت على الخضروات مثل البطيخ الأحمر والأصفر، بينما الخضروات الأخرى جيدة نوعاً ما، البندورة بـ 1400 ليرة ارتفعت بعدما كانت بأقل من ألف ليرة خلال الفترة الماضية، البطاطا كانت بـ 1500 ليرة وحالياً باتت بثلاثة آلاف”.
ويشير إلى أن السكان يقبلون على الخضروات المحلية “بسبب رخصها مقارنة مع المستوردة ولا سيما أن شريحة كبيرة يعملون كعمال مياومة وقدرتهم الشرائية ضعيفة”.
وخلال الفترة الصيفية، تجد شريحة كبيرة من ذوي الدخل المحدود، فرصة للأقبال على الخضروات الصيفية للشراء والاستخدام اليومي أو حفظها كمونة في ظل ارتفاع أسعار المستوردة منها والتي تصل لضعف السعر المحلي.
ويستورد التجار المحليون الفاكهة فقط، إلا أنهم يشددون على تعرضهم لخسائر بسبب غلاءها وتلف جزء منها بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وفق ما قاله جميل شنكالي، وهو أيضاً تاجر للخضار في سوق عامودا.
ويقول التاجر الخمسيني من أمام محله لنورث برس: “تضرر موسم الخيار والبطيخ الأصفر والأحمر المحلي بنسبة 90 % هذا العام، البضاعة المستوردة كلها تأتي بالدولار وليست بالجودة المطلوبة فحتى نبيع المستورد تتضرر 10 % منها بسبب غلاءها”.
ويضيف: “الضرر هذا يؤثر علينا كثيراً، الفاكهة نضع 500 ليرة مربح لكل كيلو، ونخسر. مثلاً نجلب ستة صناديق من الدراق نبيع خمسة ونتلف واحدة (..) ونحن مجبرين على جلبها لتباع السلع الأخرى”.
أمام هذه المعضلة، يطالب المزارعون المحليون من الجهات المعنية في الإدارة الذاتية، بدعمهم بالمواد الأساسية، ليتمكنوا من الاستمرار في مهنتهم.
وفي قرية سنجق خليل أيضاً، يتفحص المزارع سليمان حمو، أوراق محصوله من الخيار بعدما تحول لونها إلى أصفر نتيجة درجات الحرارة العالية وقلة الاهتمام لغياب الدعم حتى يتمكن من سقاية محصوله.
ومن بين حقله الذي تبلغ مساحتها 5 دونمات، يقول لنورث برس: “نواجه صعوبة في تأمين المازوت وغلاءه، البذار والسماد باهظين الثمن، كما أن ارتفاع الدولار أثر سلباً على عملنا كمزارعين”.
ويضيف: “نبيع منتجاتنا بالليرة السورية بينما نشتري المواد بالدولار، كما أن أسعار الخضروات رخيصة”.
ويشكو “حمو” من غياب دعم الجهات المعنية للمزارعين في هذه “المحنة”، كما يسميها، ويقول: “منتجاتنا هي دعم للاقتصاد المحلي، لذا يجب دعمنا كمزارعين بالمواد الأساسية والمحروقات”.