بعد الانتخابات.. سكة التطبيع بين أنقرة ودمشق اختلفت
أردو جويد – حلب
بدأت العلاقات بين سوريا وتركيا تتدهور تدريجياً بسبب الحرب ودعم تركيا لفصائل المعارضة السورية، وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين مساعي للتقارب وذلك قبل الانتخابات التركية.
واشتمل التقارب على زيارات ومفاوضات سرية وعلنية عدة، بالإضافة إلى المساعي الجارية لإعادة فتح الحدود واستئناف التعاون الاقتصادي عبر الأراضي السورية بعد إنجاح الملف السياسي.
وقال علاء سنكري وهو اسم مستعار لباحث سياسي بشؤون الشرق الأوسط، لنورث برس، إن الفتور وصل إلى العلاقات بين تركيا وروسيا في العديد من الملفات وأهمها الواسطة بين أنقرة ودمشق وسعي الروس من تقليل التوجه التركي نحو الدول الغربية.
وبين سنكري، أن العقبة الأكبر أمام التطبيع الكامل بين البلدين تتمثل في انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، حيث يصر الجانب السوري على أن تكون أي محاولات للتطبيع مرتبطة بانسحاب الأتراك وإيقاف دعم فصائل المعارضة المسلحة، “وهذا يعد شرطًا من قبل دمشق”.
وأشار إلى أن “شرط التفاوض يحجم أفكار رأس النظام التركي، كون أردوغان سياسي مراوغ ومناور بشكل كبير، وهو أثبت ذلك في أخر تصريح له بعدم سحب قواته من الأراضي السورية بذريعة محاربة الإرهاب بعد الفوز بالانتخابات الرئاسية التركية”.
وأضاف الباحث السياسي أن دمشق نئت بنفسها عن الانتخابات التركية ولم تقبل الوقوف مع أي جهة ضد جهة أخرى ورفضت زيارة المعارضة التركية لدمشق “وهذا يدل على سعي دمشق لبناء علاقة مبنية على التفاهمات والاتفاقيات الثنائية السابقة وفق أطر العلاقات الدولية”.
ومنذ بداية إعلان تركيا العمل على إعادة سكة المفاوضات إلى طريقها مع الحكومة السورية وتدخل الأطراف الداعمة للأخيرة لعودة المباحثات بما يخفف من معاناة الشعب السوري وتقليص مدة الحرب على أراضيها، وسعي موسكو للتطبيع بين البلدين، أرسلت موسكو رسائل واضحة بشأن هذا الموضوع من خلال اقتراح عقد لقاء بين الرئيس السوري ونظيره التركي.
وقال وضاح الأغا، وهو اسم مستعار لإعلامي وباحث في الشؤون السياسية بحلب، لنورث برس، إن أردوغان انقلب على بوتين، ونشوب الخلاف بينهم أوقف المفاوضات التركية السورية حتى على مستوى اللجان الفنية التي كانت تجتمع كل حين.
ورأى الأغا، أن على الرئيس الروسي زيارة تركيا ومسح خطيئة أردوغان في تسليم قادة كتيبة “آزوف” لأوكرانيا مطلع الشهر الماضي وخاصة بعد محاولة الرئيس التركي الاتصال بالكرملين حيث وصف بوتين، التوقيت بغير المناسب للاتصال.
وبين الباحث السياسي، أن الانقلاب التركي على مساعي روسيا في إتمام اللقاء على مستوى الرئيسين السوري والتركي، ونقض الاتفاق القاضي ببقاء قادة كتيبة “آزوف” في تركيا حتى انتهاء الحرب، يزيد التساؤلات حول تداعيات الواقعة التي يفاقمها عدم تلقي روسيا أي إخطار مسبق بتسليم المقاتلين إلى كييف.
وأشار إلى أن سعي دمشق لإعادة وتمكين التطبيع مع الدول العربية في أطر العلاقات الدولية “سيزيد من فرصتها في النجاة من الحصار الاقتصادي الخانق الذي أوصل السكان ضمن سيطرتها الى الفقر الأسود مما ينذر في كارثة وانفجار إنساني وتدخل السريع للمجتمع الدولي”.
وقال وليد الأحمد، وهو اسم مستعار لكاتب ومحلل سياسي بحلب، إن اللجان الفنية بين الدولتين السورية والتركية مستمرة في الاجتماعات على مستوى المخابرات العسكرية “وأسماء الذين يريدون المصالحة مع الدولة السورية من المجموعات الموالية لتركية أصبحت جاهزة”.
وأضاف الأحمد، أن الحكومة السورية تدرس إمكانية عودة هذه الأسماء دون محاسبة إلى الأراضي السورية “والاجتماعات التي تدور على المنطقة الحدودية مع تركيا في جبال كسب ستكون بوابة لعودة اللاجئين السوريين ضمن الاتفاقيات التي وصلت إليها هذه اللجان”.
ولا يستبعد المحلل السياسي “موافقة دمشق على ما تقوم به تركيا من ترحيل السوريين ضمن الاجتماعات وهو ما يزيد من فرصة الوصول إلى اتفاقيات سريعة تخدم الطرفين وتقليص الوقت المتفق عليه في تسليم مدينة إدلب للحكومة السورية”.
وبين أنه مع استمرار التصعيد التركي الحالي، يشكل هذا الوضع تهديداً للأمن والاستقرار في مناطق الشمال والجنوب السوري، “لذلك يجب تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة ولإعادة البلدين إلى طاولة المفاوضات على المستوى المطلوب”.