الإيزيديون في سوريا.. حقوقهم لا تزال منتهكة بفعل تركيا وفصائلها
غرفة الأخبار ـ نورث برس
سجلت خلال العام الجاري، انتهاكات مستمرة بحق الإيزيديين وممتلكاتهم ومعالمهم الدينية والثقافية، في مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا في سوريا.
وتعرض الأيزيديون في سوريا، لانتهاكات وُصفت بـ”الجمة”، وذلك خلال عقد من الزمن، تركّزت على يد القوات التركية، وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، بحسب تقرير لمنظمات حقوقية.
وبدأت الانتهاكات بحق الأيزيديين في سوريا، فعلياً، عقب الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد عام 2011، والتي تحوّلت خلال أشهر قليلة إلى نزاع مسلّح.
وشهدت مناطق تواجدهم في عفرين، ورأس العين/سري كانيه؛ أولى الهجمات.
وأخذت الانتهاكات بحق الأيزيديين أشكالاً وأنماطاً مختلفة، عقب العمليات العسكرية التركية في شمالي سوريا، والتي أدّت إلى تهجير عشرات الآلاف من السكان الأصليين للشمال السوري، ومنهم الأيزيديين.
انتهاكات مستمرة
وبدأت الانتهاكات بحق الكُرد في عفرين، ومنهم الأيزيديين، منذ اللحظة الأولى لسيطرة الجيش التركي والفصائل السورية المعارضة على المنطقة، وحتى يومنا هذا.
ووثقت نورث برس خلال الأيام الماضية، تخريباً تعرض له مزار ومقبرة الشيخ حميد الإيزيدية قرب قرية قسطل جندو في عفرين شمالي حلب، على يد فصائل معارضة مسلحة.
كما تم هدم مزار إيزيدي في قرية “قره جرنة” بعفرين الخاضعة لسيطرة المعارضة الموالية لتركيا.
نشرت وزارة الخارجية الأميركية، منتصف نيسان/ أبريل 2022، تقرير حقوق الإنسان في العالم. وأفاد بأن الفصائل المسلحة في مناطق سيطرة تركيا في سوريا استهدفت السكان الكرد والإيزيديين وغيرهم من المدنيين.
وشملت انتهاكاتها عمليات القتل خارج نطاق القانون، الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري للمدنيين، التعذيب، العنف الجنسي، عمليات الإجلاء القسري من المنازل، ونهب الممتلكات الخاصة والاستيلاء عليها، ونقل المدنيين المحتجزين عبر الحدود إلى تركيا، وتجنيد الأطفال، ونهب وتدنيس الأضرحة الدينية.
وفي آب/أغسطس من العام 2020، نشرت لجنة التحقيق الدولية، تقريراً مفصّلاً، تطرّق إلى الانتهاكات المرتكبة في عفرين، مشيراً إلى عمليات اعتقال من قبل فرقة الحمزة، لإحدى عشرة امرأة، بينهن امرأة أيزيدية وثلاث نساء كُرديات.
كما وثّقت عمليات احتجاز أخرى، لنساء أيزيديات، من قبل فصائل دعت تلك النسوة إلى “اعتناق الإسلام” في مناسبة واحدة على الأقل.
إجبار على الإسلام
وفي نيسان/ أبريل الماضي، قال كمال سيدو مسؤول ملف الشرق الأوسط في جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة، في تصريح ٍ خاص لنورث برس، إن تركيا مستمرة في “محاولاتها وسياستها الممنهجة” لفرض الإسلام على الإيزيديين في منطقة عفرين بسوريا.
وجاء تصريح “سيدو”، بعد نشر فيديو متداول، ظهر فيه شخصان من الديانة الإيزيدية في مدينة عفرين، يتوسطهما شيخ ويعلنان اعتناقهما للدين الإسلامي، جدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف “سيدو”، لنورث برس حينها، أن “الميليشيات الإسلامية” التي تسيطر على منطقة عفرين الكردية في سوريا، “تجبر أفراد الأقليات الدينية هناك على اعتناق الإسلام”.
وقالت “الدفاع عن الشعوب المهددة”، وهي منظمة دولية مستقلة تدعم حقوق الأقليات والشعوب الأصلية، وتتمتع بوضع استشاري في الأمم المتحدة، في بيان، إن الشخصين الذين ظهرا في الفيديو المتداول “تعرضا للابتزاز والتهديد بالقتل بشكلٍ متكرر، وإنهما يواجهان خيار الإسلام أو الموت”.
وجاء في البيان بعنوان “التحويل القسري في شمال سوريا”، إن المجتمع الديني الإيزيدي لا يتمتع بأي حماية على الإطلاق.
وذكرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية أن “بعض الإيزيدين يتم إحضارهم إلى المساجد لإجبارهم على اعتناق الدين الإسلامي، بينما يتم إغراء آخرين للتحويل”.
وأدّت العملية العسكرية التركية على عفرين، إلى تشريد قسري لحوالي 90% من سكان عفرين الأيزيديين.
اعتداء على المزارات
وتعرّضت العديد من المزارات الأيزيدية في عفرين، إلى اعتداءات مختلفة، من قِبل مجموعات مسلّحة معارضة، ولأسباب عديدة.
في الخامس عشر، من أيار/مايو 2020، قام عناصر من جماعة مسلّحة بنبش مزار أيزيدي في “قرية قيبار”، يُدعى (جيل خانه)؛ بقصد البحث عن الأثار، وكان المعبد بمثابة مزار تقصده العديد من العائلات بقصد التبرّك.
وحصلت “سوريون من أجل الحقيقة”، على شهادات تفيد بقيام نفس المجموعة المسلّحة بنبش مزار أيزيدي آخر في ذات الشهر في قرية قسطل جندو، وهو مزار “الشيخ حميد”، وتمّ تحديد المجموعة العسكرية، وعرف أنّهم يتبعون لفرقة “السلطان مراد” و”الجبهة الشامية”.
كما أفادت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، ومن خلال بحثها الميداني، أنّ العديد من القبور الأيزيدية في مقبرة “قرية قيبار”، تعرّضت للتخريب بشكل متعمّد من قبل عناصر فصيل “المعتصم بالله”؛ بعد انتهاء عملية “غصن الزيتون”، (أي خلال شهر آذار/مارس 2018).
وتعرّضت مقبرة “الشيخ حميد”؛ قرب المزار المعروف بذات الاسم، للتخريب عدّة مرات وبشكل متكرّر، من قِبل عناصر من الفصائل العسكرية المسلّحة أولاً (وتحديداً الجبهة الشامية)، ولاحقاً تكرّرت هذه الاعتداءات من قبل نازحين وافدين إلى المنطقة، رغم محاولة السكان المحليين ترميم شواهد قبورهم.
ولم تسلم المؤسسات الأيزيدية الدينية من الاعتداء والتدمير، فقد كشفت “سوريون”، ومن خلال تقرير لها، نُشر في الثاني عشر من نيسان/أبريل 2022، عن قيام منظمات كويتية وسوريّة؛ ببناء مدرسة دينية على أنقاض مبنى “الاتحاد الأيزيدي” بعد تدميره من قبل فصائل سوريّة معارضة عام 2018.
ووثّقت منظمة “أيزدينا”، أنماطاً مختلفة من الانتهاكات بحق الأيزيديين في عفرين، وتباينت ما بين الاستيلاء على منازل، أو الاعتداء على السكان الأصليين.
وفي سري كانيه/ رأس العين، في شمال شرقي سوريا، وبحسب “البيت الأيزيدي”، فقد كان عدد الأيزيديين في المدينة وريفها، نحو 3000 شخص، في عام 2012، موزّعين على حي”زردشت”، وقرى “الدريعي”، و”طليلية/تليلية”، و”الأسدية”، و”جافا”، و”دردارة”، و”تل صخر”، و”جان تمر”، و “شكرية”، و”قرية السعيد”، و”لزكة”، و”شيخ حمود”، وقرى أخرى.
ولكن وبسبب العملية العسكرية التركية رفقة فصائل معارضة عام 2019، والخوف من تكرار الانتهاكات بحقهم، هُجّر جميع الأيزيديين من المنطقة.
وتم حرمان الأيزيديين من تدابير الحماية الواجبة، وتعريضهم لممارسات معاملة لا إنسانية وغيرها من انتهاكات القانون الدولي الإنساني، من قِبل الفصائل المسلحة المُسيطر عليها من قبل تركيا.