الرقة.. حرارة الصيف تسبب أمراضاً لنازحين في المخيمات العشوائية
فاطمة خالد – الرقة
تغسل خاتون أطفالها بالماء البارد كل يوم علّها تخفف عنهم شيئاً من حرارة الطقس، وتهوّن عليهم درجات الحرارة اللاهبة.
لم تستطع خاتون الهندي (35 عاماً)، وهي نازحة في مخيم المقص جنوبي الرقة، من منع إصابة أطفالها بالحمى، بعد تعرضهم لموجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة هذا الصيف.
يعاني أطفالها وعموم النازحين من ارتفاع في درجات الحرارة بشكل مستمر، الأمر الذي أدى لإصابتهم بالحمى والإسهال.
تقول “الهندي” إن معاناتهم ازدادت هذا الصيف، كما لو أنه لم يمر من قبل، لشدة حرارته، إذ ترافق مع أمراض أصابت الكبار والصغار.

وتضيف لنورث برس: “في كل عائلة بالمخيم حدثت إصابات بأمراض مختلفة، بسبب درجات الحرارة المرتفعة، وكان الأطفال الأكثر تعرضاً لها؛ لكون مناعتهم ضعيفة بسبب سوء التغذية”.
وتكمن معاناة الأم وأطفالها بغلاء المعاينات الطبية وأسعار الأدوية والتحاليل، في ظل ظروفهم المعيشية الصعبة، وسط افتقار المخيم للدعم في المجال الطبي.
وتسببت موجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة خلال تموز/ يوليو الفائت، بإصابات بأمراض كالحمى وأمراض جلدية، لنازحين في مخيم المقص جنوبي الرقة.
وتقطن مخيم المقص 260 عائلة، غالبيتهم من ريف دير الزور، حيث تسيطر القوات الحكومية والفصائل الإيرانية الموالية لقوات دمشق.
وفي خيمة مجاورة لسابقتها، أثقل المرض بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كاهل نسرين العلي (19 عاماً)، التي ما برحت أن ولدت طفلتها حتى أصابتها الحمى أيضاً.
تقول لنورث برس، إنها بعد أن ولدت طفلتها تزامناً مع بدء موجات الحر التي بدأت تشتد كل يوم أكثر، لم تعد تقوى على الحركة حتى بسبب الحمى التي نقلتها فيما بعد لطفلتها الرضيعة.
بقيت المرأة طريحة الفراش لمدة تجاوزت الـ 10 أيام، وسط الكثير من الأدوية والعقاقير الطبية، علّها تخفف عنها المرض، إلا أن مناعتها كانت أضعف من أن تتعافى سريعاً.
وتضطر “العلي” والكثير من النازحين في المخيم لوسائل بدائية للتخفيف من معاناتهم مع حرارة الصيف، منها ترطيب أماكن الظل حول الخيم والجلوس فيها بحثاً عن درجات ظل أبرد.
ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية ظروفاً معيشية وإنسانية صعبة، زاد من صعوبتها الصيف وما خلّفه من أمراض لهم.
ويعتمد غالبية نازحي المخيمات العشوائية في الرقة، على العمل في الأراضي الزراعية القريبة منهم لتأمين قوت يومهم في الصيف والشتاء إلا أن العمل تحت أشعة شمس الصيف زاد تلك المعاناة إلى أضعاف.
ولتأمين مصاريف عائلته اليومية، يضطر خالد المصطفى (19 عاماً)، للعمل ساعات طويلة في جني الخضروات الصيفية بالأراضي القريبة من المخيم، ما تسبّب بإصابته بـ”ضربة شمس”.
يقول الشاب لنورث برس: “بحكم عملي اضطر للبقاء ساعات طويلة في حرارة الشمس، كما اعتدت في كل عام، إلا أن هذا الصيف كان حارقاً ودرجات الحرارة كانت غير معتادة”.
“بحكم عملي اضطر للبقاء ساعات طويلة في حرارة الشمس، كما اعتدت في كل عام، إلا أن هذا الصيف كان حارقاً ودرجات الحرارة كانت غير معتادة”.
وانتشرت في المخيم حالات كثيرة؛ من الأمراض الجلدية كالحساسية والجرب واللشمانيا، إضافة إلى بعض حالات التسمم تسببت بها مياه الشرب الحارة، وفاقمت درجات الحرارة المرتفعة معاناة هذه الحالات بشكل أكبر.
وتفتقد المخيمات العشوائية في الرقة، لوجود مراكز طبية فيها تقدم الرعاية والأدوية المجانية، إضافة لانعدام الدعم من قبل المنظمات الدولية المعنية بالأمر.

ويعاني نازحو المخيمات العشوائية ظروفاً صعبة، نتيجة انسحاب المنظمات الإنسانية، وتراجع الدعم، في وقت تطالب فيه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بدعم النازحين.
وزادت قلة فرص العمل وانهيار قيمة الليرة السورية من معاناة النازحين، حيث ارتفعت الأسعار وفقدت غالبية العائلات السورية قدرتها الشرائية، بعد أن لامس الدولار الواحد حاجز الـ 13 ألف ليرة.