أزمة في الكهرباء والماء.. كيف يؤثر انخفاض منسوب الفرات على سكان منبج؟
فادي الحسين – منبج
يتذمر محمد من كثرة انقطاع الكهرباء في مدينة منبج، حيث أنها تأتي لمدة ساعتين أو ثلاث في اليوم، ثم تعاود الانقطاع لليوم الثاني وسط ارتفاع كبير بدرجات الحرارة.
يقول محمد رزق (34 عاماً) من سكان منبج، بأن وضع الكهرباء في منبج “سيء للغاية”، كما أن مياه الشركة “قليلة”، حيث تأتي كل ثلاثة أيام لعدة ساعات وتعاود الانقطاع.
ويضيف الشاب لنورث برس، بأن أزمة الكهرباء ترافقها أزمة مياه، حيث أن السكان في المدينة يعانون من قلة المياه وانقطاعها لفترة طويلة، بالإضافة لعدم قدرة البعض على تركيب الطاقة البديلة لتشغيل محرك استجرار المياه (السنتر فيش).
لذا وصل سعر صهريج المياه لعشرين ألف ليرة، بالإضافة لعدم توافق بين موعد تغذية الكهرباء مع المياه في المدينة.
انقطاع مستمر
يشتكي سكان في منبج من الانقطاع المستمر للكهرباء في ضل الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة، وسط استمرار تركيا حبسها لمياه الفرات عن الأراضي السورية.
وبسبب انقطاع الكهرباء لا يوجد أمام السكان إلا الجلوس أمام المنازل أو تحت الأشجار، والبعض يستخدم المناشف المبللة يضعونها على رؤوسهم لتخفف عليهم حرارة الجو، يقول “رزق”.
فالكثير منهم لا يستطيع تركيب الطاقة البديلة، بسبب غلاء أسعارها حيث وصل سعر لوح الطاقة الواحد لما يقارب ال 90 دولاراً أمريكياً، ولا يستطيع شراءه إلا الأغنياء والتجار في المدينة، طبقاً لما قال.
وطالب الشاب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بالضغط على تركيا لفتح مياه الفرات اتجاه الأراضي السورية.
ويهدد الانخفاض المستمر لمياه الفرات جميع مناحي الحياة، كما أن حبس منسوب النهر منذ نحو أكثر من 30 شهراً يُنذر بكارثة إنسانية وبيئية.

ويعتبر سد تشرين الواقع على بعد 20 كم جنوب شرق مدينة منبج، ثاني أكبر محطة كهربائية في سوريا بعد سد الفرات في الطبقة.
والثلاثاء الماضي، قال إداري في سد تشرين على نهر الفرات، إن السد يتوقف عن العمل لمدة 18 ساعة يومياً، بعد استنزاف 85 بالمئة من منسوب البحيرة، متوقعاً خروجه عن الخدمة “بشكل نهائي” في أي لحظة.
وأضاف لنورث برس، أن سد تشرين يتوقف قرابة الـ 18 ساعة متواصلة، وتعمل به عنفتان من أصل ست، وباستطاعة اسمية بنسبة 70 بالمئة من استطاعة العنفة نتيجة انخفاض المنسوب والضاغط المائي بين البحيرتين.
وأشار حمادين إلى أنه يتم توزيع الطاقة الكهربائية بالحد الأدنى الممكن الذي لا يلبي حاجة استخدامها كعمود للاقتصاد أو للسكان، وخصوصاً في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
انخفاض ومضاعفات
كذلك تعاني هاجر ناصيف (29 عاماً) من سكان منبج، هي الأخرى كبقية سكان المدينة من انقطاع الكهرباء وانخفاض ساعات تغذية المدينة بالكهرباء التي يرجع سببها لانخفاض منسوب مياه نهر الفرات، بحسب مسؤولين في الإدارة الذاتية.
وتستمر تركيا بقطع مياه نهر الفرات منذ شباط/فبراير عام 2020، دون الاكتراث بمصير ملايين من السكان في مناطق شمال شرقي سوريا.
وبحسب الاتفاقية الموقعة بين تركيا وسوريا في العام 1987 تكون حصة سوريا من نهر الفرات 500 متر مكعب من المياه في الثانية، أما الآن لاتصل إلى الأراضي السورية سوى 200 متر مكعب من المياه في الثانية، أي ما يعادل نصف الكمية.
تقول “ناصيف” لنورث برس: “المعاناة الكبيرة للسكان بشكل عام في منبج هي انعدام الكهرباء، والزيادة في ساعات تقنين الكهرباء في المدينة، حيث أصبحت التغذية بالكهرباء منذ الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الثانية عشر ظهراً، وهي مدة “غير كافية” مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة”.
وزادت ساعات تقنين الكهرباء في مدينة منبج في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث وصلت ساعات التغذية في اليوم لأربع ساعات فقط من أصل 24 ساعة.
ويتم تغذية المدينة بالمياه كل ثلاثة أيام وتأتي قبل انقطاع الكهرباء بساعتين، حيث أن الكثير من سكان المدينة لا يستطيعون تعبئة خزاناتهم بالمياه، مما يجبرهم على شرائها من الصهاريج، وتبلغ قيمة تعبئة الخزان خمسة براميل ما يقارب الـ 20 ألف ليرة، الأمر الذي زاد في معاناة سكان المدينة.
وترى “ناصيف” أن تكاليف تركيب الطاقة البديلة أصبحت باهظة، وهناك الكثير من السكان ليس لديهم القدرة عليها، إذ أن غالبية السكان في المدينة من الطبقة الفقيرة، لا يستطيعون تأمين بدائل الكهرباء أو شراء المياه بشكل مستمر.
ويعيش غالبية سكان مدينة منبج ظروفاً معيشية صعبة تمنعهم من شراء البدائل للكهرباء مثل الطاقة الشمسية والمولدات بسبب ارتفاع أسعارها.
ويعاني سكان منبج من المياه الملوثة وغير الصالحة للشرب، خاصة أنها مجهولة المصدر، وتتسبب بحالة تسمم لدى السكان، وخاصة الأطفال وتضطرهم لدخول المشافي وسط تحكم من قبل أصحاب الصهاريج بأسعارها.
كما يشتكي إبراهيم المحمد (46 عاماً) من سكان منبج، من انقطاع الكهرباء بشكل مستمر على المدينة مما يزيد في معاناة السكان مع الارتفاع بدرجات الحرارة.
يقول الرجل، إن انقطاع الكهرباء يشكل عبئاً على سكان المدينة، وأن السبب يعود لقلة الوارد المائي في نهر الفرات بالقرب من مدينة منبج.
ويضيف أن معاناة السكان في المدينة كبيرة مع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة، مما يسبب الأمراض وخاصة لدى الأطفال، وأن المشافي ممتلئة بالمرضى نتيجة الحرارة الزائدة وانقطاع الكهرباء وانعدام وسائل التبريد لدى السكان.
وشهدت عموم المنطقة ارتفاعاً كبيراً بدرجات الحرارة حيث وصلت في بعض المناطق لما يقارب الـ 44 درجة مئوية، مما زاد في معاناة السكان في المنطقة مع انقطاع الكهرباء المستمر.