“لم يستطيعوا التنفس”.. شبانٌ من القامشلي كانوا يقصدون أوروبا قضواً اختناقاً

متين حسن ـ ديرك

“لم يستطيعوا التنفس، اتصلوا بالمهرب ليخبر السائق كي يجد حلاً لهم، لكن تأخُّر السائق عليهم تسبب باختناقهم”، هكذا بدأ محمد شريف العمر، وهو والد الشاب محمد، الذي لقي مصرعه أثناء توجهه إلى إحدى الدول الأوروبية، بسرد تفاصيل الحادثة.

لم يسعف الحظ محمد، ورفاقه الثلاثة، في استكمال طريقهم إلى أوروبا، وانتهى بهم الحال، أنهم قضوا اختناقاً داخل السيارة التي كانت تقلهم إلى إحدى الدول الأوروبية.

والأسبوع الماضي، غادر الشبان الأربعة من تركيا قاصدين اليونان، وفي منطقة أدرنة الحدودية، لقوا مصرعهم، بسبب نقص الهواء في الصندوق المغلق للسيارة التي كانوا يستقلونها.

والشبان من ريف القامشلي شمال شرقي سوريا، وهم: “محمد العمر 25 سنة من أهالي قرية كرهوك التابعة لبلدة جل آغا/ جوادية، وعكيد سعدالله عباس من أهالي قرية كورتبان، ووائل أحمد رسول من قرية دوگركا- ديرك وفهد من أهالي قرى ديرك”.

الشاب محمد كان قد أخبر والده بأنه يريد الذهاب إلى ألمانيا حيث يقيم أخاه، يقول الوالد “العمر”: “قلت له حينها لماذا ستذهب؟ نحن لسنا بحاجة إلى شيء. فأجابني: كل الشباب يذهبون لا عمل ولا مستقبل هنا”.

وبحسرة يضيف الأب: “عندما كان صغيراً كنت أستطيع أن أفرض عليه رأيي، لكن الآن القرار كان قراره… لم يصل ابني إلى أوروبا وهذا كان قدره”.

وقبل مدة وصل الشاب محمد، إلى إسطنبول وبقي هناك حوالي شهر و20 يوماً، “اتصل به المهرب قال سنخرج اليوم إلى اليونان”.

استقلَّ الشبان الأربعة تكسي، ليصلوا إلى مكان الشاحنة التي ستنقلهم إلى اليونان، “قال المهرب لسائق التكسي سر ببطء الشاحنة متأخرة قليلاً لم تصل بعد”، بحسب ما يرويه الأب نقلاً عن ابنه وحينها كان آخر اتصال بينهما.

ويضيف الوالد لنورث برس: “بداية صعودهم في الشاحنة، اتصل محمد بأخيه في ألمانيا، وقال له معنا ماء وضعنا جيد”، وبعد ساعات من صعود الشاحنة أصبح الشبان الأربعة يعانون من صعوبة في التنفس بسبب الحر الشديد، لبقائهم ساعات طويلة في الشاحنة المغلقة تماماً.

ويروي “العمر”، ما أخبره به ابنه المقيم في ألمانيا والذي كان على تواصل مع أخيه “محمد”: “اتصلوا بالمهرب ليخبر السائق كي يجد حلاً لهم، لكن تأخُّر السائق عليهم أدى إلى اختناق الشباب الأربعة”.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، نشرت المنظمة الدولية للهجرة، أرقاماً صادمة وغير متوقعة حول أعداد ضحايا الهجرة غير الشرعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي.

وقالت المنظمة إن العام الماضي، سجل 3789 حالة وفاة عبر طرق الهجرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي أعلى حصيلة منذ العام 2017، والذي سجل آنذاك أكثر من 4 آلاف حالة وفاة.

وذكرت المنظمة أن أكثر من نصف إجمالي حالات الوفاة عالمياً بين المهاجرين كانت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي السابع من تموز/ يوليو الماضي، وبعد أكثر من شهر، وصلت جثامين ثمانية سوريين، إلى مسقط رأسهم في كوباني شمالي البلاد، كانوا قد لقوا مصرعهم في حادثة غرق قارب للمهاجرين قبالة السواحل الجزائرية.

وكان قارب يحمل نحو 25 مهاجراً غالبيتهم من كوباني، بينهم نساء وأطفال، انطلق من شواطئ مدينة الأرهاط التابعة لولاية تيبازة الجزائرية، باتجاه إسبانيا، نهاية حزيران/ يونيو الفائت، وأُبلغ عن غرقه بعد ساعات، حيث نجى طفل واحد من كوباني من بين ركاب القارب.

وبعد أن فقد ابنه، يجهش “العمر” بالبكاء، ويقول لنورث برس: “كل المهربين في البداية يسهلون الطريق أمامك، لكن ليس لديهم ضمير همهم الوحيد أن يأخذوا المال”.

تحرير: تيسير محمد