مؤيد الشيخ ـ إدلب
تفاجأ نعيم بمداهمة السلطات التركية، مطلع هذا الشهر للعمل الذي يعمل فيه بمنطقة الفاتح بمدينة إسطنبول، حيث ألقت القبض عليه وعلى جميع اللاجئين السوريين معه ويزيد عددهم عن 25 شخصاً.
ويقول نعيم الأحمد (23 عاماً) وهو من نازحي جبل الزاوية جنوبي إدلب، لنورث برس: “رغم أن معظم الشباب كانوا يحملون بطاقة الحماية المؤقتة إلا أنه تم نقلهم إلى مركز الترحيل القريب من المنطقة”.
ومنذ نهاية عام 2019، خرج “الأحمد”، للعمل في الأراضي التركية، لمساندة عائلته التي تركها خلفه في إدلب، إلا أنه الآن يتواجد في مدينة تل أبيض شمالي الرقة، بعد أن رحلته السلطات التركية.
وبعد حجزهم لأكثر من أسبوع، في مركز بالقرب من منطقة الفاتح، “جاء ضابط مسؤول يخبر جميع من في المركز، ويزيد عددهم عن 150 بأنهم سوف يرحلون تباعاً صباح اليوم التالي إلى شمالي سوريا، وأن الجميع مخير بالمنطقة التي يريد أن يذهب عليها” يقول “الأحمد”.
ويضيف: “هنا أدركت أنه لا مفر من المشكلة التي وقعت بها ولا خيار أمامي سوى الترحيل لذلك عندما جاء دوري من أجل اختيار المنطقة التي أريد أن أذهب إليها، فوجئت بأنهما خياران لا ثالث لهما، إما معبر تل أبيض شمالي الرقة أو رأس العين شمالي الحسكة”.
في البداية رفض “الأحمد” اختيار المكانين، فهو من إدلب، “لكنهم أخبروني أنه إما هذه المناطق أو السجن لمدة خمسة أشهر ومن ثم الترحيل إلى إحدى تلك المناطق، لذلك اضطررت للموافقة، وأنا الآن في تل أبيض”.
ويتساءل “الأحمد”، “إذن عن أي عودة طوعية يتحدثون؟
ويبحث “الأحمد” اليوم عن طريقة يتمكن بها من العبور إلى شمالي حلب، ومن ثم إلى عائلته في إدلب، حيث لا توجد بين المنطقة التي يتواجد بها وبين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمالي حلب سوى طرق التهريب المليئة بالمخاطر فضلاً عن أسعار التهريب العالية.
وبات المهربون يستغلون حاجة النازحين، ورفعوا تسعيرة تهريب الشخص من تل أبيض أو رأس العين إلى جرابلس شمال شرقي حلب من 300 دولار أمريكي إلى 650 دولار.
وعادت إلى الواجهة مؤخراً قضية الترحيل القسري للاجئين السوريين من الأراضي التركية إلى شمال غربي سوريا، في حملة هي الأقوى تشنها السلطات التركية ضد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها منذ سنوات.
وعلى الرغم من أنها ترحل السوريين قسراً إلا أنها تسمي ذلك “عودة طوعية”، حيث تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في آخر تصريحاته بأن أكثر من مليون سوري عادوا طوعاً إلى المناطق الآمنة على حدوده شمالي وشمال غربي سوريا.
ولا تختلف قصة عبادة النعسان (31 عاماً) وهو من مهجري ريف دمشق، كثيراً عن سابقه، إذ أنه هو الآخر اعتقل أثناء ذهابه إلى السوبرماركت القريبة من منزله في مدينة إسطنبول من أجل شراء بعض الحاجيات لمنزله.
إلا أن البوليس التركي قطع طريقه وألقى القبض عليه وعلى الفور قام بنقله إلى مركز الاحتجاز رفقة عشرات الشبان والنساء السوريين، حيث جرى احتجازهم لثلاثة أيام ومن ثم أجبروا التوقيع على أوراق “العودة الطوعية” إلى منطقة تل أبيض.
ولم تكن لدى “النعسان” مشكلة في الترحيل، لكنه طالب باصطحاب عائلته معه، لكن عناصر السلطة التركية رفضوا أيضاً.
ولحسن حظه، لم يتأخر “النعسان”، في مركز الاحتجاز حيث تم ترحيله بعد ثلاثة أيام، ليتمكن بعدها من إخبار عائلته بأنه في طريقه إلى شمالي سوريا بشكل قسري.
وأشار “النعسان” إلى أنه يقيم الآن في أحد المنازل القريبة من مدينة تل أبيض رفقة أكثر من 15 شخصاً من مختلف المناطق السورية جميعهم ينامون في غرفتين فقط، دون وجود أدنى مقومات للحياة أو العيش.
وقال مستنكراً: “الرئيس التركي قال إنه قام ببناء مئات آلاف الشقق السكنية للعائدين طوعاً إلى الشمال السوري، أين هي؟ لا نراها معظم! من رحل يبيت في العراء ولا يملك بطانية يتغطى بها، نحن الرجال نستطيع تدبر أمورنا لكن كيف للنساء أن تبات في الشوارع أو المساجد أو الحدائق؟”.
مصدر إداري عامل في معبر تل أبيض، قال لنورث برس، إن عمليات الترحيل مستمرة من الأراضي التركية إلى الشمال السوري ولا سيما تل أبيض، حيث يبلغ العدد الكلي للمرحلين من معبر تل أبيض منذ مطلع هذا الشهر 2300 شخص من بينهم نساء وأطفال. ويتراوح عدد المرحلين يوميا ما بين 75 و200 شخص جميعهم ليس لديهم أي أقارب في هذه المنطقة حيث أن السلطات التركية تجبر الجميع على العودة من معبر تل أبيض فقط.