لتحقيق اكتفاء ذاتي.. سكان مخيم الركبان يستغلون المساحات الرعوية
محمد الحمصي ـ مخيم الركبان
لم يجد حسين، عملاً لنفسه سوى تربية المواشي مستغلاً المساحات الرعوية الواسعة، في مخيم الركبان، ليحقق بذلك اكتفاءً ذاتياً له ولأسرته.
حسين الخالدي (45 عاماً)، اسم مستعار لأحد أفراد عشيرة بني خالد، جاء من ريف حمص الشرقي عام 2016، واستقر في منطقة الركبان، بعد أن أغلقت المملكة الأردنية حدودها في الشهر الثامن من ذلك العام.
ولأن طبيعة المنطقة صحراوية ولا تصلح للعمل، لم يجد “الخالدي”، كغيره من النازحين في تلك المنطقة، سوى تربية المواشي أو الاتجار بها للتسمين.
ويقول لنورث برس: “خلال سبع سنوات ازدادت الثروة الحيوانية في المنطقة بشكل كبير حتى أصبحت تغطي احتياجات الأهالي من اللحوم ومشتقات الحليب في مواسمها”.
وعلى المثلث السوري العراقي الأردني، وفي صحراء الحماد السوري بالذات، حكمت ظروف الحرب التي نشبت في سوريا على مدار السنوات الماضية على أرض الركبان أن تكون مخيماً للنازحين الفارين من النزاع.
وبداية كانت هذه الأرض ممراً إنسانيا باتجاه الأردن وذلك في عام ٢٠١٢ و٢٠١٣، أما في الشهر الثامن من عام ٢٠١٦، أغلقت الأردن حدودها بوجه القادمين من الداخل السوري، لتصبح أرض الركبان مركز تجمع للقادمين الذين باتوا محاصرين فيه، فلا الأردن يسمح لهم بالدخول إليه، ولا الحكومة السورية تسمح لهم بالعودة.
وبعدها بدأ يتشكل مخيم سمي “مخيم الركبان”، وواجه ساكنوه حصاراً فرض عليهم من طرف القوات الحكومية وحلفائها.
ويعتمد سكان المخيم اعتماداً كبيراً جداً على ما ينتج من الأغنام والماعز، وخصوصاً في أوقات الحصار الخانق الذي تفرضه قوات الحكومة السورية على المخيم.
كما يساعد بيض الدجاج والحبش وغيره، في توفير الطعام لقاطني المخيم، “ولولا أن هذه المنتوجات موسمية، أي لا تتوفر على مدار العام، لكان أهل المخيم وصلوا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي”، بحسب “الخالدي”.
وتنتشر تربية المواشي بين سكان المخيم بجميع مكوناته، ولكن من يملك الكم الأكبر هم من أبناء عشيرة بني خالد، كونهم من أبناء البادية السورية، وخصوصاً من كانوا يسكنون منطقة العليانية الواقعة جنوب مدينة تدمر.
ويصل عدد الأغنام والماعز في منطقة ال٥٥كم التابعة لقاعدة التنف الدولية والتي تضم مخيم الركبان إلى ١٥٠٠٠ ألف رأس وأكثر، وهناك نحو ٦٠% من سكان تلك المنطقة يملكون عدداً من الدجاج والحمام وربما الحبَش مما يوفر لهم بعض البيض وكذلك اللحوم.
ورغم كمية الأبقار القليلة، إلا أنها “تساهم وبشكل ممتاز في توفير كمٍّ لا باس به من الحليب ومشتقاته”.
ولا يتجاوز عدد الأبقار في المخيم الـ10 رؤوس، إذ أن سكان المخيم لم يتمكنوا من الحصول إلا على أبقار مهجنة لا تصلح للرعي، بل يجب وضعها وتربيتها في الحضيرة وتقديم الأعلاف لها.
ويملك محمد التدمري، (52 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد النازحين من مدينة تدمر ويقيم في الركبان منذ سبع سنوات، رأسين من الأبقار وعدد جيد من الأغنام يتجاوز المئة.
ويشتكي “التدمري”، من نقص الأدوية البيطرية واللقاحات الصناعية “نتيجة الحصار”، ويقول لنورث برس: “هذا ما يحد من ازدياد الثروة الحيوانية، كما يجب”.
أما عن توفر الأعلاف، فيضيف: “في السنين التي تكثر فيها الأمطار لا نحتاج إلى الأعلاف أبداً كون المراعي وفيرة ونقوم بزراعة مساحات من الحبوب وخصوصاً الشعير، أما في سنيِّ المحل نعاني الأمرين من غلاء الأعلاف وتهريبها ويتراجع عدد القطعان إلى النصف”.