إحسان محمد/ رزان زين الدين ـ درعا/ السويداء
أعرب سكان في الجنوب السوري، أن الهيمنة التي فرضت على المنطقة عبر السلطات السورية المدعومة من حلفائها الإيرانيين كانت لتحجيم “مهد الثورة في درعا”، وانتقاماً لتمرد السويداء، وعدم انخراط شبابها بالدم السوري في رفضهم للخدمة الإلزامية.
وجاءت هذا الهيمنة عبر تنامي التوغل الإيراني في الجنوب والذي ما لبث أن تحول لساحة للصراع ومنطقة للابتزاز السياسي، فأصبح الجنوب السوري مصدراً للكبتاغون والفوضى عبر حدوده والتي يتخوف الكثيرون منها لحساسيتها الجيوسياسية.
مواقع إيرانية
مصدر في أحد الفصائل المحلية في السويداء، قال لنورث برس، إن تنامي الوجود الإيراني جاء كمحاولة “لتحويل الجنوب السوري كجنوب لبنان، رغم الاختلاف الأيديولوجي بينهما”.
ورغم هذا سعت إيران مؤخراً عبر تجنيد فصائل محلية تتبع للأمن العسكري، لزيادة فرض السيطرة، والتجارة بالكبتاغون وتهريبه بالإضافة إلى إحداث فلتان أمني، بحسب ما ذكر المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
وأضاف أن إيران تحاول تعزيز مواقعها في الجنوب السوري، لاستخدامه كورقة ضاغطة على دول الجوار.
وقال المصدر إن “هناك العديد من المواقع للميلشيات الايراني على أرض السويداء، أبرزها في مطار خلخلة في الريف الشمالي للسويداء، ومطار الثعلة غربي المدينة، بالإضافة إلى تواجدهم في منطقتي رادار تل القليب بالقرب من بلدة الكفر، ورادار تل صحن شرقي قرية الهويا في الريف الجنوبي الشرقي للمحافظة”.
وأصدرت قوات شيخ الكرامة، الجمعة الفائت، بقيادة ليث البلعوس نجل وحيد البلعوس مؤسس حركة الكرامة بياناً على صفحتهم الرسمية على فيس بوك، حول التواجد الإيراني في الجنوب السوري، وما وردهم من معلومات، وبتنسيق مع أحرار محافظة درعا وسهل حوران عن “حشد لقوات تابعة للحرس الثوري الإيراني، وميليشيات رديفة له في اللواء 129 قرب منطقة نجها في ريف دمشق الجنوبي”.
وأضاف البيان، أن حشد تلك القوات “جاء لبث الشائعات عن سعيهم لصد هجوم محتمل قد تتعرض له السويداء من الجهة الشرقية للمحافظة”.
ونوه بيان قوات شيخ الكرامة أن الهدف الأساسي من هذه الحشود، “هو خطة ممنهجة لضرب المحافظة على أكثر من محور والقضاء على ما تبقى من فصائل تقف لكرامة الجبل وأهله ولا تقبل بالذل والهوان”.
إيران والاستراتيجيات السياسية
على خلفية دراسة أعدها مركز جسور للدراسات بالتعاون مع مؤسسة “إنفورماجين” لتحليل البيانات، وتخلص المادة البحثية إلى زيادة المواقع الإيرانية العسكرية في سوريا التي وصل عددها إلى 570 موقعاً، وهو أكبر حجم نفوذ خارجي في الخريطة السورية.
ويعتبر الجنوب السوري له الحصة الأكبر في زيادة إيران لمواقعها.
ويرى الدكتور الأكاديمي فايز القنطار، أن الوجود الإيراني في البلاد والجنوب السوري بشكل خاص هو “مصدر قلق لدول الجوار”.
ويقول الدكتور إن “طموح الإمبراطورية الإيرانية في التوسع، كان أداة لتمزيق المنطقة وتحول الصراع فيها لصراع طائفي مذهبي”.
وينوه إلى أنه رغم التحذيرات المتكرر لضرورة إبعاد إيران عن الجنوب السوري والجولان ورغم تعهد روسي بذلك، إلا أنها “فشلت” في ذلك، وقوبل الضعف الروسي مؤخراً بتعزيز إيران لمواقعها في الجنوب السوري بشكل خاص.
أهمية الجنوب
تكمن أهمية الجنوب السوري، بحسب رأي “القنطار”، لكونه “مفتاح للخليج العربي، والذي يعتبر الهدف التالي للأطماع الإيرانية لاختراق تلك المجتمعات”.
وأشار إلى استخدام الجنوب السوري كمركز لتصدير المخدرات لدول الجوار، “بغية تفكيك مجتمعاتها قبيل السيطرة عليها”، ويقول: “النفوذ الإيراني يتسع كلما زاد الخراب في المجتمع”.
سياسة التوغل
العميد عبد الله الأسعد مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، أشار في حديث لنورث برس، إلى أنه “يوماً بعد يوم تأخذ إيران وميليشياتها مناطق مخفية جديدة في محافظة درعا”.
وأضاف أن هذه المناطق “كانت سابقاً قواعد لجيش النظام السوري، وتتخذها المليشيات الإيرانية مقرات لها وترفع عليها علم النظام السوري للتمويه”.
وأوضح “الأسعد” أن السياسات التي تتبعها إيران، “هي تعميق وجودها في المنطقة عن طريق الإخفاء والتمويه”.