الإهمال الحكومي يترك طرق دمشق السريعة في الظلام

هاني شهاب ـ دمشق

أصبح الإهمال الحكومي وتردي الخدمات العامة، ثنائية يعيشها الدمشقي من صباحه حتى المساء.

خدمات المياه والنقل والتعليم وكل مناحي الحياة ولكن هذه المرة الطرق السريعة(الأتسترادات).

مخاوف ملحة

تعاني الطرق السريعة في دمشق من نقص حادٍ في معدات الإنارة، ما يترك مساحات شاسعة من الطرق يكتنفها الظلام.

إن “فشل” الحكومة في معالجة هذه القضية ترك السكان في حالة من الشعور بالإهمال والإحباط, بحسب بعضهم، فقد تم تقديم العديد من الشكاوى إلى السلطات المحلية، لكن الوضع لم يتغير.

ونتيجة لذلك، أصبحت الحوادث، والحوادث المميتة, وحتى الحوادث الوشيكة شائعة بشكل مؤلم على هذه الطرق السريعة ضعيفة الإضاءة.

طريق المطار

يواجه المشاة، على وجه الخصوص، مستوى مخاطرة ينذر بالموت بسبب نقص الإضاءة، خصوصًا أنه يتعين على العديد من الأفراد، بمن فيهم موظفو المطار، المشي في وقت متأخر من الليل، من أجل اجتياز هذه الامتدادات المظلمة.

إن عدم وجود إضاءة مناسبة لا يعرض سلامتهم للخطر فحسب، بل يجعلهم أيضًا عرضة للأنشطة الإجرامية، بحسب أحد الموظفين، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لنورث برس،

ويضيف: “هذه المناطق وفي هكذا ظروف تتحول لمنطقة خصبة للسرقة والاعتداءات”.

من جانب آخر، لا يؤدي غياب الإضاءة إلى تعريض حياة مستخدمي الطريق للخطر فحسب، بل يعيق أيضًا جهود الاستجابة للطوارئ، حيث يصبح من الصعب على فرق الإنقاذ تحديد موقع ضحايا الحوادث ومساعدتهم على الفور.

يشير حازم شرف وهو (موظف في شركة على طريق المطار)، لنورث برس, أن “الإضاءة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على السلامة على طريقنا هذا، فالطرق السريعة المضاءة بشكل صحيح توفر رؤية واضحة، مما يسمح للسائقين برؤية العوائق والمشاة والمركبات الأخرى”.

أولويات

خلال العام الحالي، بذلت الحكومة جهودًا لتحسين إنارة الشوارع في مناطق مختلفة من دمشق من خلال تركيب 100 جهاز إنارة يعمل بالطاقة الشمسية.

وتم تنفيذ هذه التركيبات في شوارع منها، الميسات وتقاطع برنية والجسر الأبيض ودوار الروضة وساحة السفارة وطريق الربوة وجانب مستشفى الأطفال والطريق المؤدي من ساحة المواساة باتجاه ساحة الجمارك وساحة الشهبندر.

هذه المبادرة هي جزء من خطة محافظة دمشق لاستخدام مصادر الطاقة البديلة لإنارة الشوارع, لكن يبدو أن طريق المطار وهو طريق “رئيسي” قد تم إهماله، ما دفع البعض للتشكيك في تحديد أولويات الطرق التي لا يستخدمها المسؤولون الحكوميون بشكل متكرر.

محمد توفيق، موظف في شركة النقل، قال لنورث برس: “الأمر يتجاوز ذلك، فالموارد المحدودة وقيود الميزانية تعد عاملاً مساهماً, فالحكومة تخصص أموالًا للإضاءة في المناطق ذات الإقبال الأكبر أو التي تعتبر أكثر أهمية من الناحية السياسية أو الاقتصادية”.

وذلك ما يؤدي إلى تأجيل العمل في مناطق أخرى، مثل طريق المطار والطرق السريعة الأخرى، حيث لا يُنظر إلى تحسينات الإضاءة فيها على أنها أولوية!، بحسب “توفيق”.

فيما يضيف كامل محمد، وهو موظف في محافظة دمشق، في حديث لنورث برس: “تلعب البيروقراطية دورًا في مثل هذه العمليات، فمثلا تركيب أو صيانة البنية التحتية للإضاءة على الطرق السريعة وطريق المطار ينطوي على إجراءات معقدة وتنسيق مع إدارات متعددة ومواجهة تحديات فنية تؤخر التقدم أو تعيقه”.

ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان، أن يواصل السكان ومنظمات المجتمع المدني إثارة المخاوف والمطالبة باهتمام متساوٍ باحتياجات الإضاءة في جميع المناطق، بما في ذلك طريق المطار والطرق السريعة، لضمان سلامة مستخدمي تلك الطرق.

طريق دمشق- حمص

يشوب طريق دمشق – حمص زيادة مقلقة في الحوادث، تفاقمت بسبب تزايد عبور باصات البولمان وصهاريج المحروقات وسيارات النقل الكبيرة من خلاله.

ساهم أيضًا وقوع أحياء سكنية على جانبي الطريق السريع في زيادة الحوادث، ما يعرض حياة سائقي السيارات والركاب والمشاة على حد سواء للخطر.

استجابة للمخاوف المتزايدة، أخذت منظمات المجتمع المدني وسكان، الأمور على عاتقهم، حيث ظهرت مبادرات محلية لتركيب إضاءة مؤقتة على طول بعض امتدادات الطرق السريعة.

ولكن لا ينبغي لتلك الحلول أن تكون بديلاً عن الحلول المنهجية التي تقودها الحكومة، حسب عامر زويل، وهو سائق تكسي، إذ يقول: “من الضروري أن تعترف الحكومة بخطورة الوضع وتتخذ إجراءات فورية لتصحيح نقص الإضاءة على طرق دمشق السريعة”.

ويضيف لنورث برس: “لن يؤدي تخصيص الموارد لتركيب وصيانة إنارة الشوارع المناسبة إلى تحسين السلامة على الطرق فحسب، بل سيعيد الثقة أيضًا في التزام السلطات أو اهتمامها نوعًا ما (بسلامة) المواطنين”.

ليست رفاهية

مع استمرار النمو السكاني لمدينة دمشق، من الضروري أن تواكب بنيتها التحتية احتياجات سكانها.

الإضاءة المناسبة على الطرق السريعة الرئيسة “ليست رفاهية”، بحسب سكان في دمشق، ولكنها ضرورة لضمان سلامة وأمن جميع مستخدمي الطريق.

ويطالبون الحكومة بضرورة الاعتراف بمسؤوليتها والوفاء بالتزاماتها، ووضع حد للحقبة المظلمة من الإهمال، على الأقل ما يخصّ طريقي المطار وحمص السريعين.

تحرير: تيسير محمد