وضع قلق للزراعة في مناطق سيطرة الحكومة والبدائل بين المر والأمر

ليلى الغريب ـ دمشق

الحكومة السياسة في سوريا أمام خيارات أحلاها مر في ملف الزراعة وبدائل الأنواع الزراعية التي تتهاوى خلف بعضها. فالواقع المتردي لمحاصيل المزروعات الاستراتيجية في سوريا يجعلها أمام خيار البحث عن بديل رغم صعوبة ذلك.

وخرجت زراعة القطن ثم الشوندر السكري، الذي لم يوضع ضمن خطة الزراعة للعام القادم، وهنالك من يتوقع مصيراً مشابهاً ينتظر القمح.

وكذلك الحال مع إنتاج الحمضيات في الساحل، إذ أن الكثير من الأسر تعمل على استبدالها بالزراعات الاستوائية التي يشير زارعوها أنها أكثر جدوى من زراعة الحمضيات والبندورة البلاستيكية.

نقص الماء

تفرض التغيرات المناخية وشح المياه الذي ينتظر منطقة المتوسط ومنها سوريا، البحث عن بدائل لتلك الزراعات التي تحتاج للكثير من الماء، ويصبح  الأمر أكثر إلحاحاً بعد عام مثل هذا العام، حيث أن ملاءة السدود لم تصل إلى النصف رغم الأمطار التي سقطت مؤخراً، والتصريحات تشير إلى أنه لا يمكن تأمين ريات نظامية للمحاصيل الصيفية.

ولكن يشدد باحث زراعي، في حديث لنورث برس، على أن الخيارات “ليست سهلة”، إذ أن التوصل إلى زراعات بديلة للمحاصيل الاستراتيجية “ليس بالأمر الميسر”، لأن زراعة الشعير مثلاً الذي يقل استهلاكه للماء عن الذرة لا يعوض عن الحاجة لهذه المادة، وتأمينه لا يعوض عن استيرادها حالياً علماً أن الاستيراد ليس بالأمر الميسر.

وكذلك الحال مع القطن والشوندر السكري، وكمخرج، يطرح التوسع في الاعتماد على الري بالتنقيط، ولكنه يستدرك ويشدد أن هذه “لن تقدم الحل الأمثل لمشاكل نقص الماء الذي سيطال حتى هذا النوع من الري الذي يخفف من نسب الهدر”.

بدائل للحمضيات

مشاكل الزراعات الساحلية أيضاً جعلت الكثير من سكان المنطقة يبحثون عن بدائل، يقول المزارع يوسف المحمد من سكان الساحل، إنه استبدل بستانه من الحمضيات بحقل من الأفوكادو.

وبعد تجربته بهذه الزراعة، يقول إنها وفرت عليه الكثير من الضغط النفسي مع صعوبات تسويق الحمضيات وانخفاض أسعارها، على عكس المحصول الجديد من الزراعات الاستوائية، حيث باع كيلو الأفوكادو بمبلغ 75 ألف ليرة.

ولفتت المهندسة الزراعية في وحدة إرشادية بالساحل عليا حسن، لنورث برس، إلى أن هذه المنتجات لها استخدامات متعددة إضافة للغذائية يمكن استخدامها تجميلياً ودوائياً، وتدخل في صناعة المنظفات والصابون، ولذا يذهب غالبية الإنتاج للتصنيع وهذا يزيد الطلب عليها في الأسواق الخارجية قبل الداخلية، حسب قول “حسن”.

وأضافت أن استمرار هذه الأسعار الجيدة “سيساهم بزيادة انتشار هذه المزروعات سواء عن الحمضيات أو مزروعات البيوت البلاستيكية”.

مردودها أعلى

واستعاض المزارع نادر أحمد من طرطوس، عن زراعة البندورة في البيوت البلاستيكية بالمانغو والقشطة، لأنها تحتاج جهداً أقل خاصة مع أعاصير الشتاء والصقيع، وكذلك مردودها أعلى.

ويتوقع “أحمد” أنه بعد بضع سنوات سيقلع غالبية سكان الساحل عن زراعة الحمضيات بسبب حجم الخسائر التي تعرضوا لها خلال العقد الأخير.

ولا يستغرب أحمد أن يكون مستقبل الزراعات الاستوائية كما الحمضيات في حال ارتفع عدد المقبلين على زراعتها، إذ أن هذا الحال يتكرر منذ عقود، ففي السابق قلع المزارعون أشجار الزيتون لأنها لم تكن تحقق الجدوى من تعبها، وزرعوا بدلاً منها الحمضيات، والآن يقلعون الحمضيات لزراعة الأشجار الاستوائية.

وقد لا يكون مصير الزراعة الاستوائية مضمون، لأنها تحتاج لكميات كبيرة من المياه تفوق ما تحتاجه الحمضيات أو محصول البندورة، الأمر الذي يجعل مستقبلها في خطر مع مشكلة نقص الماء. كما أنها تحتاج لأكثر من 4 سنوات لتبدأ بالإنتاج.

تحرير: تيسير محمد