في النصف الأول من العام.. 543 شخصاً ضحايا لمخلفات الحرب في سوريا

المقدمة

منذ بدء الحرب في سوريا، تسببت أطراف النزاع بقتل مئات الآلاف من الأشخاص, نحو 5% منهم راحوا ضحية مخلفات الحرب وذلك بحسب أرقام مرصد الألغام الأرضية.

إذ إن مخلفات الحرب في سوريا، واحدة من أخطر آثار الحرب الممتدة منذ أكثر من عقد، حيث تعمدت أطراف النزاع، وعلى رأسهم تنظيم “داعش”، خلال سنوات الحرب، زرع الألغام والأجسام المتفجرة بين مناطقها ومناطق الأطراف الأخرى من أجل حماية نفسها من الهجمات البرية المعادية, دون أن تشير إلى أنها منطقة خطرة وحتى لم تشارك المدنيين، في مناطقها، والجهات المعنية، خرائط توزعها, مما تتسب بزيادة حصيلة ضحايا مخلفات الحرب في البلاد.

كما أن مخلفات الحرب تعد انتهاكاً طويل الأمد بحق المدنيين، حيث إنها تشكل تهديداً على حياة السكان وسلامتهم، وخاصة الأطفال لجهلهم بماهيتها وخطرها على حياتهم، بالإضافة إلى الأضرار البيئية، ولاسيما تلوث التربة بمواد المتفجرات الخطرة، والحرائق في الأراضي الزراعية وبالتالي آثار اقتصادية سلبية، وكل ما سبق يعد انتهاكاً آخر ينعكس على الحالة النفسية، بسبب ما يثيره ذلك من خوف وقلق مستمر لدى السكان ويتسبب في تقيد حركة التنقل.

وتعتبر عملية تطهير المناطق من الألغام والأجسام المتفجرة واحدة من أطول العمليات بعد الحروب, حيث تستغرق عقوداً من العمل وبإشراف دولي, بالإضافة إلى المسائلة وإجراءات التحقيق التي ستخضع لها الجهات التي زرعت الألغام وارتكبت جرائم حرب منتهكة للقانون الدولي الإنساني, ولكن قد يكون الوضع مختلفاً في سوريا كونها غير موقعة على اتفاقية حظر الألغام، وبالتالي فإن الجهات التي تسببت بمقتل آلاف الأشخاص من خلال الألغام التي زرعتها قد تفلت من العقاب.

ويستند التقرير نصف السنوي الصادر عن قسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس, على قواعد بيانات القسم التي تم فيها توثيق الانتهاكات الناجمة عن مخلفات الحرب المتفجرة في مختلف مناطق سوريا، ذلك بالاعتماد في الدرجة الأولى على المعلومات التي حصل عليها بشكل مباشر من المراسلين الميدانيين, بالإضافة إلى التقارير والأخبار الصادرة عن الوكالة وشهادات من الضحايا وذوييهم ومصادر أمنية وحقوقية.

ضحايا مخلفات الحرب

سجل قسم الرصد والتوثيق في النصف الأول من العام الجاري، مقتل وإصابة 543 شخصاً بسبب مخلفات الحرب المنتشرة في سوريا، نسبة 70% منهم مدنيون, حيث بلغ عدد الوفيات 288 والإصابات 255.

إذ بلغ عدد الضحايا المدنيين من المجموع العام، 389 شخصاً، منهم 206 قتلوا و183 أصيبوا, بينهم 55 طفلاً قتلوا وأصيب 74 آخرون, كما قتلت 16 سيدة وأصيب 7 أخريات.

و الضحايا العسكريون بلغ عددهم 154 شخصاً، قتل منهم 82 وأصيب 72 آخرون. توزع العدد على القوى المتواجدة على الأرض في سوريا، فقتل في صفوف القوات الحكومية 46 عنصراً وأصيب 39 آخرون، ومن هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” قتل 3 عناصر وأصيب آخر، أما فصائل المعارضة الموالية لتركيا قتل 1 عنصر وأصيب 5 آخرون، ومن قوات سوريا الديمقراطية قضى10 عناصر وأصيب 10 آخرون، وأيضاً قتل 20 وأصيب 10من الفصائل الموالية لإيران, كما قتل 2 من القوات التركية وأصيب 7.

وتوزع الضحايا في سوريا على المدن التالية وأريافها: وسجلت دير الزور أكبر عدد لضحايا مخلفات الحرب وبلغ عددهم 228، حيث قتل 137 شخصاً وأصيب 91، وفي حماة قتل 48 وأصيب 39, وفي حمص قتل 35 وأصيب 32 آخرون.

أما في حلب بلغ عدد الضحايا 39 شخصاً قتل 18وأصيب 21, وفي الرقة 37 شخصاً قتل منهم 15وأصيب 22، في الحسكة 20 شخصاً قتل منهم 9 وأصيب 11, في إدلب 19 شخصاً، قتل منهم 11 وأصيب 8, وفي ريف حلب الشمالي 15 شخصاً، قتل منهم 4 وأصيب 11، أما في درعا 15 شخصاً قتل 4 وأصيب 11, وفي دمشق 9 أشخاص قتل منهم 4 وأصيب 5, وفي القنيطرة 5 أشخاص، قتل منهم 1 وأصيب 4, وفي السويداء قتل شخصان.

وبالنسبة لأطراف النزاع المسؤولة عن وقوع ضحايا بمخلفات الحرب التي زرعتها, بلغ عدد ضحايا مخلفات الحرب التي لم تحدد الجهة المسؤولة عنها وسجلت كجهة مجهولة 330 شخصاً، قتل منهم 174 شخصاً وأصيب 156, يليها تنظيم “داعش” وبلغ عدد ضحاياه 178، قتل منهم 101 وأصيب 77, وفصائل المعارضة الموالية لتركيا مسؤولة عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 11 آخرين, من ثم حكومة دمشق مسؤولة عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 5, والقوات التركية 6 أشخاص قتل 3 وأصيب 3 آخرين, وهيئة تحرير الشام مسؤولة عن مقتل 3 أشخاص وإصابة آخر, والفصائل الموالية لإيران مسؤولة عن مقتل 1 وإصابة 2 آخرين.

وأكبر حصيلة للضحايا سجلت في آذار/ مارس، معظمهم كانوا من جامعي الكمأة حيث بلغ عدد الضحايا خلال الشهر 156، قتل منهم 89 وأصيب 67, يليه نيسان/ أبريل وصل عدد الضحايا فيه لـ 144 شخصاً، قتل منهم 95 وأصيب 49, ومن ثم كانون الثاني/يناير، إذ بلغ عدد الضحايا 89 حيث قتل 41 وأصيب 48, وفي شباط/فبراير 77 شخصاً قتل منهم 31 وأصيب 46, وفي أيار/مايو، 41 شخصاً قتل 15 وأصيب 26, وفي حزيران/يونيو قتل 17 وأصيب 19.

بالرغم من أن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام الألغام, إلا أن أطراف النزاع السورية تستخدمها كسلاح حرب أساسي لتحصن نفسها من هجمات معادية, وتعتبر الأطراف وعلى رأسها تنظيم “داعش”، جهات منتهكة للقانون الدولي الإنساني, ومرتكبة لجرائم ترتقي لتكون جرائم حرب, كونها لم تلتزم بشروط استخدام السلاح والذي يفرض عليهم إعطاء تحذيرات وتوعية المدنيين في المناطق القريبة ووضع إشارات تحذير على حدود أماكن انتشار الألغام ليتعرف المجتمع عليها, ومنح المعلومات عنها من نوعيتها حتى آلية إزالتها وخرائط توزعها, وهذا ما لم تلتزم به أطراف النزاع وتعمل على الزرع العشوائي لها مخلفين مئات الضحايا المدنيين سنوياً.

ولإعادة الأمان للمناطق المزروعة بمخلفات الحرب، وللحد من استمرار الخسائر البشرية، على السلطات والمنظمات الإنسانية والجهات المعنية المتخصصة بذل جهود مركزة في تحديد مواقع المتفجرات والعمل المضاعف للتخلص النهائي من كل أشكال مخلفات الحرب، بالإضافة إلى حملات التوعية بمخاطر الألغام والمخلفات غير المتفجرة, من خلال تعريفهم بآليات التعرف إليها وكيفية التصرف معها لتعزيز حمايتهم ودعم الأمان والاستقرار في المنطقة.