مشروع استثمار مطار دمشق الدولي ينفذ بالإملاءات ويضرب القانون بعرض الحائط

ليلى الغريب ـ دمشق

معلومات شحيحة تسربت عن مشروع استثمار الخطوط الجوية السورية من قبل شركة تدعى “إيلوما” وهذا كل ما هو معلن عن الشركة.

لا يوجد الكثير من المعلومات عن تفاصيل العرض سوى أن الشركة التي ستستأجر المطار والخدمات التابعة له ستدفع لقاء ذلك مبلغاً لا يتجاوز 300 مليون دولار، ولمدة 20 عاماً.

وستحتفظ بالعاملين وتحسن أجورهم بنسبة تصل إلى 100%، وهذا ما يجده العاملون في المؤسسة البالغ عددهم نحو 3 آلاف عامل، “إجحافاً بحقهم”، لأن هذه الزيادة تعني أن أعلى راتب لن يتجاوز 250 ألف ليرة، وإذا تم مضاعفة الحوافز والمكافآت لن يصل إلى المليون ليرة، وهذا قليل جداً قياساً بما يتقاضاه كادر أجنحة الشام الذين يتقاضون أجورهم بالدولار، كما قال أحد العاملين في السورية لنورث برس.

غموض التفاصيل

شروط العقد لمنطقة هامة وحيوية مثل مطار دمشق الدولي، أثارت الكثير من الانتقادات سواء من حيث غموض المعلومات والتفاصيل عن الجهات المستثمرة، أو مضمون المسرب من معلومات والتي تشي بأن هذا المبلغ أقل من المطلوب بكثير.

كما أنه لا يحق لأي جهة أن تتصرف بمؤسسة ملك للشعب، مهما كانت ستقدم من خدمات أساسية لبنية المطار، خاصة أن مؤسسة المطار من المؤسسات الرابحة رغم كل الظروف السيئة التي تعمل فيها سواء من حيث آثار الحصار المفروض على سوريا، والذي جعل الدولة عاجزة عن تجديد أسطولها من الطيران، أو بسبب الفساد وسوء الإدارة عموماً، أو بسبب الضربات الإسرائيلية التي تجاوزت الثلاث ضربات موجعة للمطار.

مسؤول سابق في مطار دمشق الدولي، قال لنورث برس، إنه إضافة للملاحظات حول الطريقة التي سيتم فيها التعاون مع القطاع الخاص بموضوع استثمار المطار، ولكن من الواجب الاهتمام بالعامل البشري وعدم التعامل معه على تحسين وضعه “المخزي حالياً”، بل يجب معاملته كما بقية الشركات الخاصة من حيث الراتب والـتأمين الصحي، والتعويضات.

أما أن يتم التركيز على الطائرة والتحسين من وضع الطيار والمضيف والمهندس الفني، وأن يقتصر الاهتمام على خطوط التشغيل والتذكرة وزيادة الأرباح، دون أن ينعكس التغيير على الجانب المالي والتجاري، “فهذا لن يعني شيئاً سوى تغيير رب العمل”.

مخالف للقانون

أضاف المصدر أنه اطلع على العرض بين الجهتين وأكثر ما لفته هو “غياب الأسماء والتواقيع في تلك المراسلات بين الجهتين، وهذا أمر مخالف للقانون ويشي بأن الجهات التي تقف خلف المشروع تتجاوز مؤسسة الطيران والسورية أيضاً وربما الوزارة بحد ذاتها، وأن المشروع جاهز يطبق بالإملاءات”.

وأشار إلى أن هذه الآلية “لم تعد مقبولة”، إذ إنه من حق الناس أن تطلع على تفاصيل أي منشأة كانت ملك للشعب، ومن ثم تقرر مشاركة جهات أخرى بهذه الملكية.

في حين عقب أحد العاملين في وزارة النقل على هذا الرأي بالقول، إن “الشعب لا يملك أياً من هذه المؤسسات سواء كانت ملكيتها تعود للقطاع العام أو الخاص، لأن الإدارات تتعامل مع هذه المنشآت وكأنها ملكها، وعمليات السرقة والفساد وسوء الخدمة مستمرة، ويمكن لأي مسافر على متن الخطوط السورية أن يكتشف ذلك”، حسب قوله.

وتبين المراسلات بين الجهتين، أن الشركة المستثمرة ستحافظ على جميع الكوادر البشرية ولن يتم تسريح أي منهم وستعمل على تحسين مداخيلهم.

ولكن هنالك من لديه معلومات أخرى تشير إلى أن الشركة لن تحتفظ بالكوادر الموجودة، أو على أقل تقدير سيتم تهميشها، وسيكون للشركة كوادرها الخاصة بها التي ستنوب عن طاقم الضيافة والمهندسين وبعض الطيارين، وأن “العقد هو استثمار وليس تشاركية مع الدولة”.

وأن “المشروع المغفل من الأسماء يعود لتجار من سوريا، وأن المستفيد الوحيد هو المستفيد ذاته من  شركة أجنحة الشام”.

في حين بين خبير اقتصادي لنورث برس، أن تنفيذ المشروع بالصيغة المطروحة حالياً، “لأن هنالك معلومات تبين أنه بعد الضجة التي أثيرت حول الموضوع تم الطلب من وزارة النقل برفعه إلى هيئة تخطيط الدولة لإعادة دراسته”.

نقل الاحتكار

إن الصيغة الحالية تعني نقل احتكار خدمات الطيران في جميع المطارات السورية من مؤسسة عامة إلى مؤسسة خاصة، وأن هذا النوع من المرافق عندما يستثمر من جهات خاصة (قد تكون أجنبية أو أجنبية بلبوس سوري) يهدد الأمن القومي، بحسب الخبير الاقتصادي.

وأضاف أن العمل على نقل إدارة القطاع العام إلى شريك خاص “يتطلب التحقق من أن الشركات (الأشخاص) الراغبين في إدارة المرافق العامة، مؤهلين لتقديم العروض، من حيث الخبرات السابقة في ذات المجال، ولديهم الكفاءة المالية والفنية والموارد البشرية والتقنيات المتاحة”.

ومن ثم الإعلان عن المشروع واستدراج العروض من قبل العارضين المؤهلين، وبعدها التعاقد، الذي يأتي بعد تفاوض الجهة العامة مع العارض الفائز، ليتم التوصل إلى صيغة العقد، أما أن يعلن عن شركة مستثمرة دون أن يتم الالتزام بأي من هذه الشروط ودون وجود أكثر من شركة متقدمة للإعلان فهذا “مخالف للقانون”.

تحرير: تيسير محمد