مع اختلاف العام دفنا في اليوم ذاته.. عائلة عفرينية هربت من الموت فلاحقها
القامشلي – نورث برس
في حي شعبي بمدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، لا يزال مهاباد خليل يعيش في صدمة وهو يستقبل المعزين بعد أن ابتلع البحر شقيقه شيار وزوجته وولديه قبالة السواحل الجزائرية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
يقول مهاباد وهو الشقيق الأكبر لشيار من تحت خيمة العزاء بينما يخيم الحزن على محياه، لـنورث برس: “شقيقي كان يبحث عن حياة أفضل، لكن الموت لاحقه”.
وشغلت قصة وفاة عائلة شيار (34 عاماً) الذي ينحدر من مدينة عفرين شمالي حلب، رواد التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بعدما مثلت إحدى قصص مآسي الحرب والتهجير والموت سوية في سوريا.
قصة مأساة
بعد الهجوم التركي برفقة فصائل المعارضة المسلحة الموالية له، على مدينة عفرين والتي انتهت بالسيطرة عليها في آذار / مارس 2018، نزح شيار الذي كان متزوجاً قبلها بعام إلى مدينة القامشلي.
وسعى شيار برفقة زوجته زوزان علي وطفله آزاد الذي ولد عقب النزوح، لتأسيس حياة جديدة، حيث كان شيار يعمل كمصور في فضائية محلية، قبل أن ينتقل لاحقاً للعمل في محل للحوالات المالية، بينما كانت زوجته معلمة مدرسة.
وفي ذات الأيام خرجت زوزان وهي حامل بجنين، برفقة ابنها للترويح عن نفسهم في الحديقة العامة بالقامشلي، لتصاب بطلقة طائشة أثناء احتفالات بنجاح الطلاب في مرحلة البكالوريا، لتقلب حياة الأسرة الصغيرة رأساً على عقب.
وفقدت زوزان إثر هذه الحادثة حياتها، لتقع هذه المأساة كصاعقة على العائلة التي كانت تحاول التأقلم مع واقعهم الجديد، وتشكل بالتالي حالة نفسية سيئة لدى الزوج شيار.
ويروي مهاباد حالة شقيقه عقب وفاة زوجته “لقد انهار نفسياً كان يزور قبر زوجته صباحاً ومساءاً، كانت حياته بسيطة فهو وزوجته كانا يعملان ويساعدان بعضهما”.
واستطرد بنبرة غاضبة: “الاحتفال بالرصاص أمر خاطئ، فأخي وعائلته أصبحوا ضحية لهذه الفرحة الطائشة، هناك ألف طريقة للاحتفال، توفيت زوجة أخي ولا نعلم من سيكون اللاحق”.
في ذات اليوم
عقب الحادثة بفترة وجيزة، تزوج شيار من سيدة مهجرة من مدينة سري كانيه (رأس العين) في محاولة للبدء بحياة جديدة.
إلا أن وفاة زوجته الأولى، دفعه للهروب من الواقع والهجرة إلى الخارج ليتوجه إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، وبعد 6 أشهر توجه إلى الجزائر.
وعقب مكوثه نحو عام في الجزائر، رزق بطفل أسماه أياز، قبل أن يبدأ بشد الرحال للتوجه إلى أوروبا عبر البحر بحثاً عن حياة أفضل لأسرته، بحسب شقيقه.
وفي ليلة يوم الرابع من تموز / يوليو، غادر شيار وزوجته وولديه الجزائر نحو إسبانيا على متن قارب يحمل 18 راكباً، إلا أن رحلتهما سرعان ما انتهت بغرق القارب بعد قطع مسافة 30 كم في عرض البحر.
وقضى في الحادثة 15 سورياً بينهم عائلة شيار، بينما معظم المتوفين الآخرين كانوا من مدينة كوباني.
والجمعة الماضي، وري جثمان شيار وزوجته جميلة عبدالباقي وابنه شيار، الثرى، بالقرب من قبر زوجته الأولى في إحدى مقابر القامشلي، بعد استعادت جثامينهم من قبل الإدارة الذاتية بالتنسيق مع منظمات أممية، فيما وري جثمان ابنه أياز في الجزائر لرفض السفارة السورية استقباله لعدم إدراج اسمه في السجلات السورية.
إلا أن الملفت أن تاريخ دفن شيار في القامشلي صادف نفس يوم وفاة زوجته الأولى، وذلك في اليوم السابع من تموز/ يوليو.
ويقول مهاباد بينما يجاهد بحبس دموعه: “أخي لم يكن في باله السفر، لو كان ينوي السفر كان سيسافر عندما كنا في عفرين، لكن نحن متمسكين بأرضنا، حيث يتوفر فرص العمل والأمان”.
ويضيف بحسرة: “وفاة زوجته كانت نقطة تحول في حياته التي دفعته للمخاطرة للهروب من الواقع، لكنه لقي حتفه في البحر”.