بسيارة قديمة.. رحلة بحث عن المياه في الحسكة

روبين عمر ـ الحسكة

بواسطة سيارتهم ذات الموديل والصنع القديم، مستخدمين الأواني والأسطل المنزلية، يقوم جودي وحسن، لم يتجاوزوا سن 15 عاماً، من حي الكلاسة بمدينة الحسكة، بالبحث عن المياه لنقلها واستخدامها في المنزل.

وفي سبيل تأمين المياه، يتناسى الطفلان حرارة الشمس الحارقة، متجولين في سيارتهم بحثاً عن المياه في الخزانات الموجودة في الحي.

وتقوم بعض المنظمات بوضع خزانات وملئها بالمياه بشكل دوري، ليقوم السكان فيما بعد بملء الأواني المنزلية من غالونات وأسطل وعبوات بلاستيكية، من تلك المياه، ثم نقلها إلى منازلهم.

ومثل باقي سكان الحسكة، لم تعد عائلة الطفلين، تفكر فيما إذا كانت المياه صالحة للشرب أو أنها مالحة ومرة من الآبار المحلية التي حفرها البعض منهم أمام منازلهم في المدينة.

ومع موجة الحرارة الشديدة ووصول درجات الحرارة لأكثر من 45 درجة مئوية خلال فصل الصيف، يعاني السكان من انعدام المياه نتيجة تحكم الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية الموالية لأنقرة بمحطة آبار علوك، المغذي الأساسي ومصدر مياه الشرب الوحيد للحسكة وتل تمر وأريافهما. والذي تسبب إيقافها بحرمان أكثر من مليون شخص من المياه الصالحة للشرب.

وتقول منال شامي (40 عاماً) والدة الطفلين، وتتألف عائلتها من 7 أفراد، لنورث برس: “يقوم أطفالي بجلب مختلف أنواع الفوارغ البلاستيكية والمعدنية والأسطل ووضعها في السيارة من أجل تأمين المياه”.

وتضيف “شامي”: “في حال لم يأمنوا مياه عذبة يقومون بجلب مياه مرة. مجبرون على ذلك رغم معرفتنا بعد صلاحيتها للشرب، في ظل انعدام الحلول”.

ومنذ سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، على رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض عام 2019، وبالتالي محطة آبار علوك، “نعاني نحن سكان الحسكة من نقص المياه”، تقول الأم.

صعوبة التأمين

ولقلة الخزانات الموجودة في حي الكلاسة، يواجه طفلا “شامي”، صعوبة في تأمين المياه، “في حال لم تتوفر المياه في الخزانات القليلة الموجودة في الحي يضطرون للبحث عن المياه في أحياء أخرى، وفي بعض الأحيان يعودون دون جلب المياه”.

وتقول: “همنا ومشكلتنا الوحيد هي كيفية تأمين المياه، ابني الصغير يعاني من وجع في الظهر ويضطر لحمل بيدونات كبيرة لنقل المياه”.

وتضيف: “نصف يومنا نقضيه في البحث عن المياه وتأمينها.. حتى أننا نهمل أطفالنا وأشغال منزلنا من أجل ذلك”.

وتقوم “شامي” وأطفالها الصغار بنقل المياه وإيصالها لبهو منزلهم، ليتم إفراغها في أحد الخزانات الكبيرة بسعة نحو 2000 ليتر، منتظرين توصيل التيار الكهربائي النظامي أو اشتراك الأمبيرات، حتى يقوموا بضخها بواسطة (دينمو/ نشال) منزلهم في الطابق الثاني من البناية التي يقطنون فيها.

وتحمِّل السيدة الجهات المسؤولة في المنطقة والمنظمات الدولية والمحلية، مسؤولية إيجاد حلول لإنهاء معاناة السكان في الحسكة، “نتمنى إيجاد حلول سواء من خلال ضخ مياه علوك أو أن تقوم منظمات بتأمين المياه”.

وتستشهد “شامي” على ضرورة المياه، بإحدى الآيات القرآنية، وهي: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، لتتساءل بعدها بلهجتها العامية: “وين الإنسانية وين الإسلام، تركيا التي تنادي باسم الإسلام، أين إسلامها؟ أبسط مقومات الحياة هي المياه، ويقومون بحرماننا منها”.

وفي الثالث من تموز/ يوليو الجاري، أعلنت المديرية العامة لمياه الشرب في الحسكة، المدينة منطقة “منكوبة” نتيجة قطع تركيا لمياه محطة علوك عنها مع اشتداد موجة الحر خلال فصل الصيف الحالي.

ومع استمرار فقدان الليرة السورية قيمتها وارتفاع أجور سحب المياه من آبار منطقة الحمة، وارتفاع تكاليف نقلها بواسطة الصهاريج نحو الحسكة وصل سعر الخزان 5 براميل بسعة 1000 لتر لأكثر من 15 ألف ليرة سورية.

وتقول السيدة: ليس لدينا قدرة مادية على شراء المياه، التي لا نعرف مصدرها، والتي تتسبب غالباً بأمراض كالإسهال وغيرها من الالتهابات المعوية. لكننا مجبرين في بعض الأحيان على ذلك”.

تحرير: تيسير محمد