ليلى الغريب ـ دمشق
انخفض الدولار ومعه غرام الذهب قبل العيد بالتزامن مع وصول مبالغ كبيرة من الحوالات قدَّرها بعض المختصين بنحو 800 مليون دولار، وعندما توقف تدفق الحوالات عاد الدولار ليحلق من جديد دون وجود ما يبرر ذلك سواء من أحداث اقتصادية أو سياسية، بشكل لم يترك مجالاً للشك بأن هنالك من يدير سعر الصرف ويتحكم به بشكل كلي.
هنالك من ربط بين شائعة رفع الأجور التي تم تداولها قبل العيد ولم تتحقق رغم تأكيدها من قبل أعضاء في مجلس الشعب، وبين ارتفاع سعر الدولار بعد العيد ووصوله إلى ما يقارب 10 آلاف ليرة، لتغطية الزيادة من خلال فروقات سعر الصرف.
الخبير الاقتصادي راسم خضر (اسم مستعار)، استعرض لنورث برس، بعض ما وصفها بـ”الحقائق” التي يجب على أصحاب القرار الاقتصادي الاعتراف بها، وأشار إلى أن تحرير سعر الصرف سيؤدي إلى انخفاض سعره بشكل حتمي مقابل الليرة السورية، ولكي يستمر هذا الانخفاض طويلاً يجب أن يكون هنالك حركة تجارية نشطة، وتصدير، وذلك للمحافظة على السعر الجديد المنخفض للدولار.
تحدد بالدولار
ولفت “خضر” إلى أن سعر صرف الدولار بالمصرف المركزي، “سيبقى سعراً وهمياً طالما بقي السعر للشراء فقط دون البيع”، فجميع أسعار البضائع الوطنية والمستوردة الموجودة في السوق تحدد أسعارها بالدولار، بينما يتم الدفع بالليرة السورية.
والبضائع المستوردة والوطنية وحتى المنتجات الزراعية ترتبط بالدولار، لأن فيها جزءاً كبيراً مستورداً، “وهذه الحقيقة يرفضها الكثير من أصحاب القرار، الأمر الذي يغرق الليرة بالمزيد من الانهيار”، حسب “خضر”.
سوق سوداء
ولفت عضو في غرفة تجارة دمشق، إلى أن “سياسية القوة لا يمكنها أن تحافظ على الأسعار ثابتة في السوق، واستخدام القوة والتهديد بالسجن والغرامات لن يجدي نفعاً عندما يرتفع سعر صرف الدولار، أو عندما ترتفع تكاليف مدخلات الإنتاج، وإلا ستكون النتيجة اختفاء البضاعة من السوق، وظهور السوق السوداء بسبب التدخل السلبي الهدام”، حسب قوله لنورث برس، وإلزام التاجر بالبيع بسعر التكلفة.
وأضاف دكتور في الاقتصاد، أن “الحكومة تعمل بما يعاكس حركة الأسواق التي تقوم على تقاطع العرض والطلب، فهذا هو المحدد الرئيسي لأسعار جميع البضائع”.
وأشار إلى أن السوق لا يأخذ تعليماته من القرارات الصادرة من وزير أو أي جهة حكومية بغض النظر عن دورها، وأن “ألف باء الاقتصاد، تؤكد أن السوق تتحرك بمنطق علمي أساسه تحرير الأسواق من القيود التي تكبلها”.
ينخفض تلقائياً
ولخص الأمر بتأكيده على ضرورة ترك الناس “تعمل وشأنها” لينخفض الدولار من تلقاء نفسه، دون تقييدهم والتضيق عليهم في معاملهم وتنقلاتهم وفي الأسواق وفي الاستيراد والتصدير وفي الزراعة وغيرها.
ودعا إلى تأسيس منصة لبيع وشراء الدولار وتحرير سعره تحت إدارة وإشراف المصرف المركزي بالتعاون مع البنوك والصرافين المرخصين للوصول إلى سعر التوازن الحقيقي بين العرض والطلب، وهذا ينتج عنه تخفيض سعر الصرف في السوق السوداء، وتحويله من عملة صعبة مرتفعة القيمة إلى سهلة وبمتناول الجميع، لأن “تجريم التعامل بالدولار يعيطه قيمة أكبر من قيمته الحقيقية بكثير”.