فادي الحسين – منبج
يتخوف خلف، من فكرة النزوح مجدداً والتي باتت تراوده بعد التصعيد التركي الأخير على المنطقة، خاصة أنه عانى الويلات منذ نزوحه من منطقته دير حافر.
يخشى خلف الموسى (49 عاماً)، وهو نازح يقطن مخيم منبج الشرقي القديم، من النزوح مرة أخرى من منبج، شمالي سوريا، في حال كان هناك هجوم تركي على المدينة.
وصعدت الدولة التركية في الآونة الأخيرة، من وتيرة القصف بالطائرات المسيرة والمدفعية على مناطق شمال شرقي سوريا، وقرى التماس في منبج، وأدى القصف لمقتل وإصابة العشرات من المدنيين والعسكريين.
أفضل السيء.. نزوح مستقر
يقول “الموسى”، إنه يتخوف من تكرار تجربة النزوح ومعاناته مرة أخرى، فقد ملّ الرجل الترحال لمرات عديدة منذ خروجه من منطقة دير حافر، إلى أن استقر في مخيمات منبج حيث يشعر بارتياح إلى حد ما.
نزح الرجل، لـ 7 مناطق، منذ خروجه من بيته، وهو لا يريد أن ينزح مرة أخرى من مخيم منبج، لا سيما أن الأمر بات مقدراً له (أي أن يكون نازحاً من بيته).
ومنذ عام 2017، نزح غالبية سكان منطقتي مسكنة ودير حافر الواقعتين بريف حلب الشرقي والجنوبي الشرقي، بعد سيطرة قوات الحكومة السورية عليها، على خلفية معارك خاضتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش”.
وفي الخامس عشر من آذار/ مارس عام 2018، أُنشأ مخيم منبج الشرقي الجديد في قرية الرّسم الأخضر، 10 كيلومتر جنوب شرقي مركز مدينة منبج.
ونتيجة مخاوفه يناشد “الموسى”، المجتمع الدولي لإيقاف الهجمات والحرب على مدينة منبج، ومساعدة ودعم النازحين في المخيمات.
النزوح كابوس يخشى النازحون تكراره
يتخوف جاسم الحسن (68 عاماً)، وهو نازح من دير حافر أيضاً ويقطن مخيم منبج الشرقي الجديد، من موجات نزوح جديدة بسبب الهجمات التركية على المنطقة، إذ أنه ذاق ويلاته ومراراته سابقاً.
يقول الرجل الستيني، إنهم في فترات النزوح السابقة، مروا بجوع وعطش وحر شديد داخل الخيم، حيث نزح لما يقارب الأربع مرات، ويصف الأمر بـ “الكابوس”.
ويضيف لنورث برس، بأنه في حال وقوع حرب في منبج، لا يعرفون إلى أين سينزحون مرة أخرى، ويقول بلهجته العامية “ما ضلت طلعة وين بدنا نروح”.
ويتخوف نازحون في مخيمات منبج من تكرار سيناريو النزوح مرة أخرى والعيش تحت وطأة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، عقب التهديدات التركية على المنطقة بشن عملية عسكرية على مناطق في الشمال السوري.
ذات المخاوف لدى أمينة الشريف (60 عاماً)، نازحة من منطقة دير حافر وتسكن في مخيم منبج الشرقي القديم، وهي الأخرى تتخوف من موجة نزوح جديدة “قد تأتيهم في أي لحظة”.
نزحت المسنّة، من منطقة دير حافر جراء قصف الطيران آنذاك عليهم، إلى منطقة دبسي عفنان لمدة شهرين ومن ثم لحقت بهم الحرب وأجبروا على النزوح إلى منطقة الحويجة في مسكنة، ومن ثم إلى منطقة السلحبيات في الرقة، لينتهي بها المطاف في مخيم منبج الشرقي القديم.
وتشعر أمينة بالارتياح لوجودها في مخيم منبج من ناحية الاستقرار وعدم النزوح، إلا أنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة، نتيجة قلة الدعم من قبل المنظمات.
ويعيش في المخيم الشرقي الجديد 625 عائلة بعدد 3395 شخصاً من منطقتي مسكنة ودير حافر، فيما يضم المخيم الشرقي القديم 387 عائلة بعدد 1795 شخصاً.
بينما يقطن في المخيمات العشوائية، 1935عائلة بعدد 9786 شخصاً من ذات المناطق، وفقاً لإدارة المخيمات في الإدارة المدنية في منبج.
“وين بدنا نروح”
ترى “الشريف”، أنه في حال حدوث حرب في منبج سيكون وضعهم “صعب للغاية”، وخاصة أنهم لا يملكون سيارة ليهربوا بها من الحرب، تقول بلهجتها العامية “وين بدنا نروح كل واحد بدو ينهزم بروحو”.
وتتأمل ألا يكون هناك نزوح جديد ولا تأتي الحرب مرة أخرى عليهم، لينعموا باستقرار وتبقى البلد واحدة، بحسب قولها.
وتشعر خيرية العلي (55 عاماً)، وهي نازحة من مسكنة وتقطن مع عائلتها في مخيم منبج الشرقي الجديد، بالارتياح لوجودها في المخيم، حيث لا حروب ونزوح كما في السابق.
تقول لنورث برس، إنه من الممكن أن يضطروا للنزوح مرة أخرى في حال كان هناك هجوم تركي، وأن النزوح مرة أخرى سيكون صعباً عليهم، لذا يتخوفون من تنفيذ تركيا لتهديداتها بشن عملية عسكرية ظهرت بوادرها مع التصعيد الأخير.
ونزحت خيرية، أربع مرات منذ خروجها من بيتها، كانت المرة الأولى من منطقة التويم في مسكنة إلى منطقة يعرب، ومن ثم إلى منطقة عين عيسى، ومنها إلى بلدة الجرنية، وانتهى بها المطاف في رحلة نزوحها في مخيم منبج الشرقي الجديد.
وتشعر المرأة بالخوف من حرب وقصف، إذ أنها ستضطر للنزوح مرة أخرى من مدينة منبج، ولا تعرف إلى أين سوف تذهب.
مخاوف تتعاظم
يخشى حسين، من اجتياح تركي محتمل لمنبج سيتسبب بموجات نزوح جديدة إذا ما حدث، حيث لا يدري أين ينتهي بهم المطاف، لأنه لم يعد لديه القدرة والاستطاعة على النزوح ومتاعبه.
يقول حسين المصطفى (56 عاماً)، من سكان مخيم منبج الشرقي القديم، بأنه نزح ثلاث مرات من منطقته دير حافر منذ عام 2015، حيث نزح إلى البادية ومن ثم إلى بلدة المنصورة في الرقة، لينتهي به المطاف في مخيم منبج الشرقي القديم.
ويشعر الرجل بالأمن والاستقرار، بتواجده في مخيم مدينة منبج، ولا يتمنى أن يكون هناك حروب وقصف وموجات نزوح جديدة، فـ “لم يعد هناك مكان ننزح إليه”، بحسب قوله.
تلك المخاوف تعتري خالد العبد (26 عاماً)، نازح من مدينة مسكنة، ويقطن في مخيم منبج الشرقي الجديد، أيضاً، إذ أن التصعيد التركي وعدم الاستقرار في منبج سيؤدي لموجات نزوح جديدة في ظل قلّة المناطق الآمنة التي سيتجهون إليها.
ويصف النزوح والرحيل من مكان لآخر في كل فترة بـ “المشكلة الكبيرة”، حيث أنه نزح مرات عديدة والى مناطق كثيرة حتى استقر في مخيم منبج الشرقي الجديد. ويتمنى، بأن لا يكون هناك أي حروب أو نزوح لمكان آخر، وأن تبقى حالة الاستقرار التي يعيشونها في مخيم منبج.
ولـدى مديحة العمر (43 عاماً)، نازحة من دير حافر وتسكن في مخيم منبج الشرقي القديم، ذات المخاوف التي تعتري سابقيها، حيث تخشى المرأة من العودة للنزوح مجدداً من مكان لآخر.
تلك المخاوف التي تجتاحها، مصدرها تجارب النزوح السابقة ومعاناتها في ظلها، حيث للنزوح مشقات ومتاعب، خاصة أن غالبية النازحين يعانون من صعوبات اقتصادية.
ونزحت “العمر”، من منطقة دير حافر إلى العديد من الأماكن حتى وصلت مع عائلتها إلى مخيم منبج الشرقي القديم، حيث استقروا فيه.
وتأتي مخاوف من موجات نزوح جديدة في ظل ما تعانيه المخيمات من أوضاع “مأساوية”، نتيجة تقاعس المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة عن تقديم الدعم الإنساني والإغاثي، والذي فاقمه انسحاب منظمات إنسانية.