إتاوات هيئة تحرير الشام تقيد الحياة الاقتصادية في إدلب

هاني سالم ـ إدلب

(متل المنشار طالع آكل نازل آكل)، عبارة أطلقها عبدو مصطفى، صاحب محل ألبسة في مدينة إدلب، عبر فيها عن استيائه من سياسة فرض الضرائب والإتاوات التي تنتهجها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، “لتفريغ جيوب التجار وملء خزائنها”، على حد وصفه.

يقول “مصطفى” (56 عاماً) لنورث برس: “كل الضرائب في العالم تدفع مرة واحدة إلا نحن في إدلب، ندفعها مرتان، الأولى عند المعابر والثانية في المحلات”.

وهذه الإتاوات، قيدت من حركة التجارة “بشكل كبير”، كما يقول “مصطفى”، إذ إنهم باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما، “إما أن نرفع سعر بيع القطعة لتغطية الضرائب والتكاليف، وبالتالي انخفاض عدد الزبائن، أو أن نتنازل في السعر وبالتالي خسائر موكدة”.

و”المصيبة” كما يصفها التاجر، هي أن “الهيئة تدَّعي تنشيطها ودعمها للقطاع الاقتصادي، لكن على ما يبدو تتكئ بشكل كبير على جيوبنا تحت مسمى ضرائب القطاع التجاري والصناعي”.

“ضرائب أخرى”

وبين رشيد حزوري (41 عاماً) وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية الأساسية بالجملة، قيمة الضريبة التي دفعها لهيئة الضرائب عن العام 2022، إذ “بلغت 3000 دولار”، اعتماداً على رأس مال المحل الذي لا يتجاوز ضمن القيود القانونية “35 ألف دولار”.

ويضيف لنورث برس: “لا تكتفي الهيئة بهذا، بل تفرض ضرائب أخرى، أبرزها ضرائب المعابر وعلى رأسها ضريبة معبر الغزاوية، حيث نلتزم لكل 1 طن من السكر 35 دولار علما أنها مادة أساسية للمواطن وكذلك الأرز 30 دولاراً للطن، إضافة للزيوت بقيمة 3 دولار على كل تنكة زيت (20 ليتر)”.

ولم يتوقف ذلك هنا، “بل تأتينا إتاوة النظافة المربوطة بفاتورتي المياه والكهرباء حيث تبلغ فاتورة النظافة لوحدها 5 دولار شهرياً”.

وينوه “حزوري”، إلى أن الضرائب المفروضة عليهم كمحلات تجارية، “تسقط عن منافسينا من التجار أصحاب المحلات التجارية أو المشاريع المحسوبين على هيئة تحرير الشام، مما يجعل منافستهم لنا في الأسواق كبيرة وبالتالي هامش ربحهم أعلى وقدرتهم على التحكم بأسعار السوق أكبر”.

“أكبر الأزمات”

وتعتبر الضرائب المفروضة على محلات الصرافة من “أكبر الأزمات” التي تعيشها عجلة الاقتصاد في إدلب، بحسب ما قال عماد الصالح صاحب مكتب الأمانة في مدينة إدلب.

وأضاف لنورث برس: “نحن كأصحاب محلات صرافة ملزمين قسراً بتقديم جداول مالية بشكل يومي وأسبوعي بكافة الحوالات والتصريفات المالية لجهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام”.

ويلتزم أصحاب محلات الصرافة بدفع 2 دولار عن كل 100 يورو تحويل مالي وارد أو صادر يتم تحميلها على المستفيد، إضافة لمبلغ 3000 – 3500 دولار أمريكي يتم دفعها سنوياً كضريبة تجارية عن محل الصرافة استناداً لرأس المال الموضح بمشروع الترخيص، بحسب “الصالح”.

وأشار “الصالح” إلى أن جهاز الأمن العام هو المشرف والمراقب الأساسي للضرائب التي تقتطع من أصحاب المحلات التجارية بغض النظر عن ماهية منتجاتها، خلافاً للقوانين التي تعتمدها حكومة الإنقاذ بوجوب تولي لجنة مدنية مكلفة بعملية الجباية.

“واجب قسري”

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة لمحلات الصرافة، إذ إنه، وبحسب صاحب محل الصرافة، “من الواجب القسري علينا لتفعيل العمل في الصرافة والحوالات وضع نسبة 25% من رأس مال محل الصرافة في بنك الشام التابع لهيئة تحرير الشام كضمان عمل، بحيث يتم سحب المبلغ من قبل صاحبه بعد حل وإلغاء محل الصرافة، وهذا يعتبر تجميداً لرأس المال بدل أن يتم تدويره”.

وتستمر مسيرة الضرائب لتتجاوز المحلات التجارية وتصل إلى البسطات، حيث يلزم أصحابها بدفع ضريبة سنوية تقدر بـ100 دولار، إضافة للالتزام بدفع فاتورة النظافة التي تقتطع مع أجرة المساحة التي تشغلها البسطة في إدلب.

وتتم مصادرة البسطة في حال استحقاق الضريبة وامتناع صاحبها عن الدفع، بحسب ما ذكر تيسير الشويط، صاحب بسطة فواكه في سوق مدينة إدلب.

وبحسب ما قاله مصدر إداري في حكومة الإنقاذ، فإن تحرير الشام تعتمد على الضرائب في تمويل نشاطاتها وتحركاتها ورواتب قياداتها وعناصرها، وتعتبر هي المتصرف الأول بها.

 وتقدر كتلة الضرائب التي تجنيها هيئة تحرير الشام سنوياً في مناطق نفوذها بصورة عامة وبناءً على جرد العام 2020 ـ 2021، بـ”أكثر من 70 مليون دولار من الضرائب والرسوم الخدمية”، بحسب المصدر.

بالإضافة إلى جانب الاستثمارات الكبيرة التي تمتلكها الهيئة في مدينة وريف إدلب وريف حلب الغربي، وما تقتطعه من الواردات الإنسانية العينية والنقدية التي تدخل لصالح منظمات إنسانية في الداخل.

وتهب جميع أموال الضرائب، لصندوق المركزية (صندوق مال الهيئة) خلافاً لما تنص عليه القوانين والأحكام المنصوص عليها في نظام عمل حكومة الإنقاذ، إذ يعتبر مجلس شورى هيئة تحرير الشام، الذي يتزعمه أبو محمد الجولاني، مع مسؤوله الأمني أبو ماريا القحطاني، هو الجهة التي تمنح حق التصرف بأي مبلغ ضمن هذا الصندوق، بحسب المصدر.

وأضاف المصدر لنورث برس: “هذا ما يبرر تكليف الجهاز الأمني العام التابع لهيئة تحرير الشام بعملية المراقبة والإشراف على تحصيل الضرائب المستحقة من المكلفين”.

تحرير: تيسير محمد