مزارعو الرقة يتوجهون لزراعة أشجار “ورق العنب”

مصطفى الخليل الرقة

يتحضر المزارع إبراهيم، فور شروق الشمس، كل يوم لجني محصول ورق العنب من حقله ثم التوجه باكراً بشاحنته الصغيرة لبيعه في أسواق الخضار في مدينة الرقة.

يقول إبراهيم العلي (35 عاماً) من ريف الرقة الجنوبي، إن حقل أشجار ورق العنب العائد له والبالغ خمس دونمات وصل عمره ثلاثة أعوام، وأن هذا العام هو الموسم الأول لجني محصول جيد منه.

وتعد شجرة ورق العنب أحد أنواع أشجار العنب المعروفة، لكنها لا تثمر عناقيد عنب، إذ إنها تنتج أوراقاً فقط، ويُقبل الناس على شراء هذه الأوراق “طازجة” لإعداد أكلة معروفة في عموم سوريا وبلاد الشام تدعى محاشي “اليبرق” ويعتبر ورق العنب أحد أهم مكوناتها، وذلك بعد لف تلك الأوراق بشكل أسطواني بحجم إصبع اليد، ثم حشوها بالرز واللحم.

وتقوم بعض العائلات الميسورة بشراء كمية كبيرة من أوراق العنب في فترة الصيف وذلك بغية تخزينها كمؤنة للشتاء بعد وضعها في علب زجاجية ثم غمرها بالمياه المملحة وإضافة الخل لها بهدف تخزينها وحفظها لأطول مدة ممكنة.

أصناف فرنسية وأميركية

يقول المزارع وهو أب لثلاثة أطفال، لنورث برس، إن “الدونم الواحد من حقل ورق العنب ينتج ما بين 300 إلى 400 كيلو غرام خلال الشهر الواحد بشكل متوسط”.

ويصل سعر كيلوغرام الواحد من ورق العنب في أسواق الرقة حالياً، ما بين 4000 إلى 5000 ليرة سورية بينما يباع بسعر أغلى في أسواق مدينتي منبج والقامشلي، بحسب “العلي”.

ويخطط المزارع أن يزرع باقي أرضه والتي تبلغ 10 دونمات، بأشجار ورق العنب في العام القادم، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى التكلفة الباهظة لزراعة محاصيل القمح والذرة الصفراء والقطن.

ويعدد “العلي” أصناف شجرة ورق العنب المعروفة في المنطقة، قائلاً: “في منطقتنا يوجد صنفان لشجرة ورق العنب، الأول فرنسي، وهو الأكثر طلباً في الأسواق، وذلك لحجم أوراقه الكبيرة ونكهته المميزة المائلة إلى الحموضة الخفيفة، في حين أن الصنف الثاني الأمريكي وهو أقل طلباً في الأسواق”.

وتزرع شجرة ورق العنب مطلع فصل الربيع كل عام، عندما تكون بطول لا يتعدى 25 سنتمتر، ويحصل عليها المزارعون عادة من تقليم حقول ورق العنب القديمة، أو يشترونها من المشاتل الزراعية وتكون مزروعة بأصص أو ضمن أكياس بلاستيكية، فيما يتسع دونم الأرض الزراعية الواحد لحوالي 300 شجرة، طبقاً لـ “لعلي”.

ويفضل المزارعون في الرقة غرس أشجار ورق العنب بحقول مستطيلة أو مربعة الشكل ضمن خطوط طولية باتجاه الجنوب والشمال، وذلك بعكس اتجاه الرياح بعد وضع عوارض إسمنتية بارتفاع أكثر من مترين في كامل الحقل بمسافة ثلاثة أمتار بين العارضة والأخرى.

وفي العام الثاني من زراعتها يمدون أسلاكاً معدنية رفيعة تربط العوارض ببعضها البعض بغية تدلي أغصان شجرة العنب عليها بعد نموها.

ويصل ارتفاع شجرة ورق العنب لأكثر من مترين نهاية الموسم، لكنها تُقلم بشكل جائر مطلع فصل الشتاء من كل عام، كي لا تنمو كثيراً وذلك ليسهل على المزارع جني أوراقها.

ويلفت “العلي” إلى أن موسم جني أوراق العنب يبدأ في أول شهر حزيران/ يونيو، ويستمر حتى بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، وبين كل قطفة وأخرى مدة من 15 إلى 20 يوماً لكي تتجدد أوراق شجرة العنب مرة أخرى.

التربة اللحقية

ومنذ أكثر من سبعة أعوام غرس خالد الحسين (42 عاماً) من ريف الرقة الجنوبي أرضه البالغة مساحتها 6 دونمات بأشجار ورق العنب، وهي اليوم تعطي إنتاجاً وفيراً، بحسب تقديراته.

و”الحسين” هو الآخر كان يداوم كذلك على زراعة أرضه بمحاصيل الخضار الصيفية والشتوية، لكنه قرر التوجه مؤخراً إلى زراعة أشجار أوراق العنب، وذلك لنجاح زراعتها في ريف الرقة الجنوبي، ولقلة تكاليفها.

وتمتاز الأراضي الزراعية بريف الرقة الجنوبي بخصوبتها وتربتها اللحقية، ووفرة مياه الري فيها بسبب محاذاتها لنهر الفرات، وكذلك قربها من الأسواق التجارية في مدينة الرقة، وهي صالحة لزراعة كافة المحاصيل الصيفية والشتوية إضافة لانتشار زراعة الأشجار المثمرة فيها في الآونة الأخيرة.

وأشار “الحسين” إلى أن شجرة ورق العنب تحتاج إلى دعم بالعديد من الأسمدة لكي تنمو وتنتج بشكل جيد، ومنها الأسمدة الفوسفاتية واليوريا، إضافة لحاجتها الضرورية للأسمدة الطبيعية خاصة في فصل الشتاء.

كما يعد من الضروري رش شجرة ورق العنب بشكل دوري أثناء موسم جنيها بالعديد من العناصر المعدنية مثل الحديد والزنك والمنغنيز، إضافة للمكافحة بالأدوية الحشرية وخاصة ضد العناكب، وذلك لأن حقول شجرة العنب تعد بيئة خصبة لانتشار هذا النوع من الآفات الحشرية بشكل متسارع، بحسب الحسين.

تحرير: زانا العلي