آردو جويد – حلب
“يا عمي على هل السنابل لازم يطلع الإنتاج أكثر من أربعة طن للهكتار الواحد، بس نص السنابل فاضية إذا طالع الهكتار 3 طن كتر خير الله”، بهذه الجمل يصف خالد شيخ الحديد (50 عاماً)، وهو مزارع من سكان بلدة أبو دريخة في الريف الشرقي لحلب، محصول القمح الذي لم يكن متوازياً في كل الأراضي.
وزرع “شيخ الحديد” مساحة أربعة هكتارات بالقمح، واحتاج إلى واحد طن من البذار من الكمية التي استلمها من الجمعية الفلاحية التي سلمته الكيلو الواحد بسعر 2700 ليرة سورية، وهي من استملت الكيلو في العام الماضي بسعر 1700 ليرة للكيلو.
ويواجه المزارعون في مناطق الحكومة السورية خسائر بسبب تضخم ارتفاع الإنتاج لموسم القمح عن العام المنصرم، وصعوبات عدة يتقدمها سعر البذار الذي سلم للجمعيات الفلاحية وإعادة شرائه منها بسعر غير متوافق مع الكلفة.
ولم تكترث اللجنة الاقتصادية في الحكومة السورية للخسائر التي لحقت بالمزارعين من كمية الإنتاج المتوقعة من محصول القمح والتسعيرة المتدنية للشراء، مما سيدفع البعض للامتناع عن الزراعة مستقبلاً.
كانت سوريا تحتاج إلى 2.2 مليون طن من القمح سنوياً، لإنتاج مادة الخبز فقط، وهي تنتج قبل الحرب ما يقارب ثلاثة ملايين وخمسمائة طن من القمح والفائض يحول إلى التصدير وخاصة القمح القاسي منه.
والعام الماضي، واجه المزارعون صعوبة وخسائر كبيرة نتيجة قلة الإنتاج وشح كميات الأمطار الموسمية واستلام الحكومة السورية الكيلو بسعر 1700 ليرة سورية مع منح مكافأة 300 ليرة لكل كيلو غرام يتم تسليمه من المناطق الآمنة بحيث يصبح الكيلو غرام 2000 ليرة سورية.
فرق تكاليف الإنتاج خلال عام
وشهد العام الجاري فروقاً كبيرة في تكاليف المحصول منذ بدء الزراعة وحتى موسم الحصاد، ما أثار استياءً لدى المزارعين في المنطقة.
ويقول “شيخ الحديد” لنورث برس: “ارتفع سعر أجور الحصاد إلى 600 ألف بعد أن كان 250 ألفاً في العام الماضي و75 ألفاً في العام الذي سبقه، حتى الأكياس أصبحت بـ 2000 ليرة سورية بدلاً من 700 ليرة وأجور نقله من الأرض للمستودع يكلف 4000 ليرة سورية”.
وعدم استقرار توفر المادة الأساسية وهي المازوت الذي يشكل العامل الكلي في العملية الزراعية لري الأراضي وعمل المضخات والجرارات والحصادات والتنقل الذي وصل في هذا الموسم لـ 7600 لليتر وحتى 8000 آلاف ليرة في ذروة الموسم.

ويشير المزارع إلى أن كميات الإنتاج لن توفر لهم مصاريف المعيشة للعام القادم ولا شراء بذار جديد للزراعة مع ارتفاع كلفة الفلاحة إلى 225 ألف ليرة سورية بعد أن كانت 100 ألف للهكتار الواحد.
وقرار تسعيرة الحكومة 2500 ليرة و300 ليرة مكافأة لشراء القمح “غير منصف للمزارع المتضرر. في العيلة قررنا ما نزرعه في السنة الجاية، خسارة وغبرة وقلة واجب”، يقول “شيخ الحديد”.
وتسعيرة شراء القمح التي حددتها اللجنة الاقتصادية في الحكومة للموسم الحالي هي 2500 ليرة سورية لكل 1 كيلوغرام، متضمناً تكاليف الإنتاج مع هامش الربح، ويضاف إليها مبلغ قدره 300 ليرة سورية لكل 1 كيلوغرام كحوافز تشجيعية لزراعة وتسليم القمح، بحيث يصبح السعر النهائي 2800 ليرة سورية لكل 1 كيلوغرام.
الحكومة تتأمل موسماً وفيراً
المساحات المزروعة ضمن الحيز الجغرافي في مدينة حلب لموسم القمح المروري بلغت 93 ألفاً و429 هكتاراً حصد منها حوالي 45 ألف هكتار وبلغت المساحة المزروعة للقمح البعلي حولي 38 ألف و600 هكتار.
وتوزعت في منطقة منبج شرقي المدينة حوالي 40 ألف هكتار والباب 13 ألف هكتار ومنطقة سمعان غربي المدينة 25 ألف هكتار ومنطقة أعزاز شمالاً نحو 10 آلاف هكتار و35 ألف هكتار في مناطق السفيرة والبادية.
ويقول محمود العلوش (60 عاماً)، وهو مزارع من سكان بلدة الحاضر في الريف الجنوبي لحلب، بأن موسم القمح للعام أفضل من العام الماضي، لكن المحصول تضرر بعد صبر ثماني أشهر، إذ احترق القمح بسبب العاصفة المطرية الأخيرة خلال شهر أيار/ مايو الماضي.
ويأمل “العلوش” أن يكون هناك تعويض من صندوق الزراعة للمتضررين من العاصفة، إذ زرع 80 دونماً وتكلف عليها 10 أكياس من سماد اليوريا 46، والسماد الأسود لتحسين نوعية القمح ودعم المحصول.
ويضيف “العلوش” لنورث برس، أنه سلم للمركز المعتمد للحكومة نحو 6 طن من القمح الطري ويخشى أن تتأخر الحكومة في سداد المستحقات عبر البنك الزراعي لأن زراعة المواسم الصيفية تحتاج إلى دعم مالي لاستمرار العمل.
ومنذ بدء استلام الموسم، أعلنت مديرية الزراعة في حلب عن افتتاح ثمانية مراكز منتشرة في أرياف المدينة لسهولة وصول المزارعين لها.
وقال أحمد الأحمد وهو اسم مستعار، لموظف في مؤسسة الحبوب بحلب، لنورث برس، وصل إلى المراكز في حلب نحو 200 طن من القمح الطري والقاسي، وتم فصلهم عن بعضهم ونقل كميات منها إلى مديرية المطاحن وأخذ عينات من جميع المسلمات للتحليل ضمن مخابر المؤسسة.