بعد 3 سنوات على تطبيقها في دمشق.. قوائم منع الاستيراد تتسبب بزيادة الأسعار

ليلى الغريب ـ دمشق

اتهم أصحاب فعاليات اقتصادية اتباع سياسة منع الاستيراد لبعض المواد بـ”الفاشلة” وبأن هذه القوائم لم تحقق سوى المزيد من الاحتكار ونقص البضائع والتهريب.

وأن هذه النتائج تحصل منذ 3 سنوات التي مرت على تطبيق القرار، الذي تنص القائمة منه على مواد لا تقل عن العشرين مادة. وأن هذا الأمر نتج عنه خسارة الخزينة العامة لمليارات الليرات من بند الرسوم الجمركية، وكذلك تعطيل حركة العجلة التجارية.

نتائج غير مرضية

يضيف صناعي لنورث برس، أنه من الطبيعي أن تقوم الحكومة بوضع قيود على استيراد المواد الكمالية غير المنتجة عندما تكون بأزمة كما الحال في بلدنا، لكن منع استيراد مواد أو بضائع مولدة للدخل، ويوجد حلقات وسيطة كثيرة تعيش على تجارة وتوزيع تلك الأصناف فهذا تصرف غير اقتصادي.

وأن هذا النوع من التضييق لا ينتج سوى المزيد من الهجرة والهروب لرأس المال وأصحابه. وأن هنالك طرق أخرى لتخفيض كمية المستوردات غير المنع منها مثلاً رفع الرسوم الجمركية أو الضرائب، ولكن ليس منعها من الاستيراد بأي حال من الأحوال.

وكانت وزارة الاقتصاد قدمت مبررات لقرارات منع الاستيراد وحددتها بضبط القطع وتحويله لاستيراد المواد الأهم مثل القمح والمشتقات النفطية.

وكذلك الإشراف المباشر على المستوردات عبر تحديد قوائم يسمح باستيرادها وأخرى يمولها المركزي، ولم تنس الوزارة أن تؤكد على فكرة حماية الصناعة الوطنية، ودعم الصادرات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وكذلك تخفيف استيراد المواد الكمالية والمواد المصنعة محلياً، واستيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي، مقابل استيراد المواد الضرورية لحياة المواطن سواء غذائية أو دوائية.

لفئة محدودة

أحد التجار في دمشق، أشار لنورث برس، إلى أن كل المواد موجودة في الأسواق رغم قرار منع استيراد بعضها، وأن الجديد في الأمر أن “قرارات المنع جعلتها مواد غير متاحة سوى لفئة الأغنياء بعد ارتفاع سعرها بسبب وصولها مهربة، واحتكارها من قبل عدد محدود من التجار”.

واستشهد التاجر بالارتفاع الكبير في أسعار السيارات بعد منع استيرادها، بينما ظلت أحدث الموديلات تتجول في الشوارع السورية ولكن بأسعار خيالية.

ولفت التاجر إلى أن ضبط التهريب الذي تتحدث عنه الحكومة لا يمكن تطبيقه، لأن هنالك مساحات واسعة من الحدود ما زالت خارج سيطرة الدولة، ويصعب ضبطها.

وفي السياق ذاته، ذكر أحد المواطنين أن الكثير من ألواح الطاقة الشمسية المستخدمة في سوريا تأتي من إدلب تهريباً، لأنها ألواح أميركية وتعد أكثر جودة وأقل سعراً من مثيلاتها في الأسواق المحلية.

المعايير

في حين شكك عضو في غرفة تجارة دمشق بالغايات المتبعة من قرارات السماح والمنع، وتساءل عن المعايير التي تدفع الحكومة لرفع المنع عن الجوالات مثلاً، واستمراره على مواد أخرى تدخل في صناعة المواد الغذائية مثل الكاجو والتمور؟

واعتبر أنه يجب السماح باستيراد المواد الأساسية ومدخلات الإنتاج جميعها لجميع المستوردين، أما ما يتم اعتباره كماليات، فيمكن رفع رسومه الجمركية بما يضمن وجوده في الأسواق لمن يرغب باستيراده بشكل نظامي من جهة، ويضمن بقاء المنتج الوطني منافساً لجهة السعر من جهة أخرى.

وفي تعقيبه على آثار قرار قوائم منع الاستيراد، قال الخبير الاقتصادي إلياس حداد (اسم مستعار) لنورث برس، إنه لا يوجد أي مبرر لإصدار قرارات منع الاستيراد لأي سلعة سواء كان المبرر حماية الاقتصاد الوطني، أو ترشيد الاستهلاك، أو الحفاظ على العملة الصعبة كما تبرر الحكومة.

وبين أن أضرار هذه الآلية في العمل أكثر بكثير من فوائدها.

وعن الأضرار، قال “حداد” إن آثار المنع تظهر بعدة أشكال منها غياب عنصر المنافسة مع المنتج المحلي، وهذا يجعلهم يتراخون في تحسين الجودة أو المواصفة.

كما أن المنع يعني إشارة انطلاق لأسعار البضائع المستوردة سواء كانت في المستودعات أو تم استيرادها، وكذلك ارتفاع أسعار المنتج الوطني من السلعة ذاتها.

ولفت “حداد” إلى فكرة إضافية وهي احتمال قيام البلدان المنتجة للسلع الممنوعة من الاستيراد باتخاذ إجراء مماثل أمام البضائع الوطنية على مبدأ المعاملة بالمثل.

واقترح الاقتصادي زيادة الرسوم الجمركية، وإنشاء صندوق خاص للزيادة المقبوضة من الرسوم الجمركية، لدعم التوسع الصناعي للمعامل الوطنية التي تنتج نفس الصنف البديل للمستورد وتقديم تسهيلات مالية أو إعفاءات ضريبية.

تحرير: تيسير محمد