بقي طريح الفراش لسنوات ثم فارق الحياة.. طفل سوري ضحية رصاصة تركية

دلسوز يوسف ـ القامشلي

في حي الهلالية بمدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، تجهش هيفا فلمز بالبكاء على طفلها عبدالله الذي أغمض عينيه عن الحياة بعد سنوات من افتراشه الأرض بسبب شلل أقعده جراء إصابته بطلقة نارية من قبل الجندرمة التركية أثناء عودته من المدرسة قبل خمس سنوات.

وتقول الأم من منزلها وهي تحمل صورة ابنها وتحيط بها عدة نساء من الأقارب لنورث برس: “منذ خمس سنوات وابني كان يعاني من إصابته حتى انتهى المطاف بتفتت جسده، ذاق العذاب كثيراً”.

ولم تتخيل العائلة المفجوعة أن تاريخ الـ 20 من أيلول / سبتمبر 2018، يحمل نبأ سيئاً حول حياتهم إلى مأساة بعد إصابة ابنهم البكر عبدالله أحمد ذو الـ 12 ربيعاً حينها، برصاصة لحرس الحدود التركي ‘‘الجندرمة’’.

وأصيب الطفل عبدالله بطلقة نارية متفجرة أثناء عودته من المدرسة، لترديه أرضاً محاطاً ببركة من الدماء بعد أن اخترقت الرصاصة أطرافه.

تسببت هذه الحادثة بفقدانه لأحدى كليتيه وضرر في نصف الكلية الأخرى، بالإضافة إلى كسر في العمود الفقري وقطع بشرايين النخاع الشوكي، بحسب العائلة.

لكن وبعد معاناة ورحلة علاج استمرت لخمس سنوات بين سوريا وإقليم كردستان العراق، فقد الطفل عبدالله حياته بعمر (17 عاماً)، وذلك يوم السبت الماضي.

وتقول الأم المفجوعة: “لقد فعلنا كل ما بوسعنا لإنقاذ حياته، لكن للأسف عبدالله توفى. ابني كان طالباً بقي محروماً من المدرسة ولم يكن يستطيع اللعب مع أصدقائه لقد دمروا مستقبله”.

وأوقفت الرصاصة التركية مسيرة عبدالله عند المرحلة الابتدائية، الذي لطالما كان يصف من قبل أستاذته أنه ‘‘الأكثر اجتهاداً’’ بين أقرانه الطلاب.

وضمن مراسم تقليدية بمشاركة واسعة من الأقارب وسكان الحي، دفن عبدالله وهو الابن الأكبر للعائلة المكونة من أربع أطفال، في مقبرة قريته الملاصقة للحدود التركية السورية، الأحد.

وبعد انتهاء عملية الدفن، جلست والدته بالقرب من قبره وهي تواسي نفسها بينما تنهمر الدموع من عينيها ‘‘مكانك الجنة يا ابني’’، بينما كان والده يجلس في الطرف الموازي من قبر ابنه يمسح دموعه بيديه.

وفي خيمة العزاء، كان محمد نور(60 عاماً) وهو خال الطفل عبدالله، يستقبل المعزيين، ويسرد لنورث برس، حياتهم ضمن القرية التي تعتبر في مرمى نيران جنود الأتراك، ويقول: “عقب الهجوم التركي على عفرين شهدت المنطقة توتراً كبيراً، قريتنا لا تبعد سوى 500 متر عن الحدود، الجندرمة يطلقون النار بشكل عشوائي بين الحين والآخر تجاه قريتنا وكامل الخط الحدودي بهدف الإزعاج”.

ويضيف: “الحياة في القرية والمؤلفة من نحو 15 منزلاً صعبة والمزارعون يخرجون بصعوبة إلى محاصيلهم بسبب الخوف”.

ويشير إلى أن عبدالله كان ضحية “عداء تركيا لشعوب المنطقة وخاصة الشعب الكردي”، ويتساءل: “هل كان هذا الطفل البريء يشكل تهديداً للأتراك”.

ويشهد كامل الشريط الحدودي في مناطق شمال شرقي سوريا مع تركيا، توترات واستهدافات متكررة بينما لا تكاد تخلو الأجواء من المسيرات التركية التي تستهدف المدنيين وموظفي الإدارة الذاتية على الدوام.

وبحسب قسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس, قتل 10 أشخاص وأصيب 12 آخرون في شمال شرقي سوريا على يد الجندرما التركية، منذ بداية العام الجاري.

ومؤخراً، استهدفت طائرة مسيرة تركية في الـ 20 من حزيران / يونيو الجاري، سيارة إداريين في الإدارة الذاتية أودت بحياة يسرى درويش، الرئيسة المشاركة لمجلس مقاطعة القامشلي، ونائبتها ‘‘ليمان شويش’’، وسائقهم “فرات توما”، وإصابة الرئيس المشترك لمجلس المقاطعة “كابي شمعون”.

ويطالب السكان من القوى الضامنة لاتفاقية وقف إطلاق النار المتمثلة بالقوات الروسية والأمريكية، بوضع حد للانتهاكات التركية التي باتت تهدد حياتهم.

وطالب “نور” منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بوضع حد للهجمات التي تستهدف مناطقهم، وتساءل: “إلى متى يهاجمون المدنيين دون محاسبة”.

وقال: “تركيا هي جارة عدوانية ويجب تعويض الأضرار التي لحقت بعائلتنا وجميع المتضررين في المنطقة”.

تحرير: تيسير محمد