نصف قرن على “الحزام”.. ذكرى أقسى تغيير ديموغرافي بشمالي سوريا

غرفة الأخبار – نورث برس

يدخل مشروع الحزام “العربي” عامه الخمسين، ما يعني نصف قرن على أحد أقسى أشكال التغيير الديمغرافي بقرار القيادة القطرية لحزب البعث، إزاء جغرافية على طول الحدود التركية مع سوريا، وقاطينها من المكون الكردي.

ويعتبر مشروع “الحزام العربي” في شمالي سوريا، الذي طبق في مثل هذا اليوم من عام 1974، إلى جانب ما تقوم به تركيا اليوم في المناطق التي سيطرت عليها في رأس العين (سري كاني) وتل أبيض وعفرين على وجه الخصوص، أخطر المشاريع التي نفذت حيال التركيبة السكانية في شمالي سوريا بعرض يصل إلى 15 كم وبطول نحو 300 كم.

هذا المشروع فرض الاستيلاء على  مساحات واسعة من أخصب الأراضي في الجزيرة والمتاخمة للحدود مع تركيا ومنحها لسكان قرى “المغمورين” من نهر الفرات، والذين جاؤوا بقرار(رقم 521) الصادر عن حزب البعث أنذاك، من محافظتي الرقة وحلب وتوطينهم  بجوار قرى كردية.

والعملية جاءت عبر سلسلة إجراءات زمنية مختلفة بدأت في عهد حكومة الرئيس جمال عبد الناصر من عام 1959 ولغاية 1963، وضمت ما يربو إلى عشر مستوطنات سبع منها على حوض الخابور واثنتين في منطقة ديرك والأخرى في منطقة الدرباسيّة ومن ثم تلتها مراحل أخرى.

وتم تنفيذ الأشد منها من قبل حزب البعث عام 1974، وضمت 36 مجمعاً أو مستوطنة على طول الشريط مع تركيا، وذلك بناءً على توصيات قيادات كبيرة في حزب البعث.

ولعل هذا  المشروع جاء مكملاً للإحصاء الاستثنائي السادس والخمسين، والذي جُرد بموجبه من الجنسية السورية أكثر من “300 ” ألف شخص من الكرد في منطقة الجزيرة بعد استيلاء “حزب البعث” على السلطة في العام 1963.

وكان الهدف غير المعلن من هذه الإجراءات هو “تغيير التركيبة السكانية في المنطقة المستهدفة والدفع بهم نحو التهجير القسري بشكل منظم، بعد سنوات قليلة من تجريد المئات من الجنسية وعدم منح تراخيص التملك والبناء وغيرها”.

وبالفعل تسبب مشروع الحزام طيلة الخمسين عاماً الماضية، بحرمان الآلاف من المزارعين الكرد من حق الانتفاع في أراضيهم ومصادرة آلاف الهكتارات من أراضي الملاكيين، مما أدى إلى إفراغ المنطقة وبنسب متفاوتة من سكانها الأصليين.

ويعرف القانون الدولي مثل هذه المشاريع على أنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وهذا التعريف جاء من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى.

وفي عمليات رديفة بعد مرور نصف قرن على مشروع الحزام السياسي، تعمل تركيا على تنفيذ عمليات تغيير ديموغرافي بالقوة، منذ ما يقرب الخمسة أعوام في مناطق عفرين، بعد السيطرة عليها من قبل فصائل سورية مدعومة من أنقرة في آذار/مارس 2018.

ونشرت العديد من الوثائق التي تظهر حجم المشاريع التركية وبدعمٍ من منظمات قطرية وأخرى فلسطينية وكويتية، لبناء مجمعات سكنية لتوطين آلاف النازحين من مناطق أخرى في الداخل السوري جراء الحرب المندلعة في البلاد منذ عام 2011.

وتقول تركيا علانية، إنها ستواصل بناء “المشاريع السكنية” (المستوطنات)، في شمالي سوريا، لإعادة اللاجئين السوريين إليها “طوعاً”، بينما تدعو الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، كذلك منظمات حقوقية المجتمع الدولي، لمنع ما تقوم به تركيا باعتباره انتهاكاً صارخاً للتركيبة السكانية.

وبلغ حجم القرى الكردية المتضررة من مشروع الحزام العربي 335 قرية، بعضها أزيل وضُمّ إلى القرى المؤسسة حديثاً، وطالت الأضرار اللاحقة بالسكان الأصليين في منطقة الحظيرة أكثر من 150 ألف نسمة.

إعداد وتحرير: هوزان زبير