استدانوا المال لبناء منازل ودمرتها الحرب.. سكان في دير الزور يطالبون بالتعويض
ماهر مصطفى – دير الزور
يقيم صبحي في منزل استأجره، منذ أربع سنوات، إذ لم يستطع الرجل إعادة ترميم منزله الذي تضرر نتيجة الحرب التي دارت لطرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من منطقته عام 2019.
ينحدر عبد الرحمن صبحي من مدينة هجين 110 كم شرقي دير الزور، وهو معلم مدرسة ورب عائلة مكونة من تسعة أفراد، يعاني من وضع اقتصادي سيء.
يقول الرجل لنورث برس: “منذ عودتنا إلى مناطقنا في العام 2019 وأنا أقيم بمنزل استأجرته، يشكل عبئاً إضافياً على كاهلي متحملاً أجاره الشهري”.

وشهدت مناطق ريف دير الزور الشرقي آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، دماراً في البُنى التحتية بعد معارك قادتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بغطاءٍ جوي من التحالف الدولي، لتطرد عناصر “داعش” المُتَحصِّنين في آذار/مارس 2019.
تكاليف إزالة الأنقاض
يقول الرجل لنورث برس: “لا أملك مالاً أستطيع به إزالة الأنقاض من منزلي، وإعادة إعماره، فراتبي الشهري لا يكفيني لدفع أجار المنزل وبعض الاحتياجات”.
ويعود صبحي بذاكرته إلى ما قبل الحرب، “كنا نقيم في منزلنا المتواضع، الحرب دمرتنا واضطررنا للنزوح ودمرت منازلنا”.
ويضيف: “كنا نعتقد أن الحرب لن تستمر سوى أيام فقط كحال المناطق المجاورة لمدينتنا، ولكن استمرت لأكثر من عامين ولم يكن لنا صلة وصل في مناطقنا التي لا نعرف ما يدور فيها، سوى شاشات التلفزة التي ترصد لنا أخبار الحرب”.
بعد انتهاء المعركة في البلدة، وقبل السماح للمدنيين بالعودة إليها بسبب وجود فرق الهندسة العسكرية التي كانت تفكك الألغام التي زرعها عناصر التنظيم، كان أحد أقرباء صبحي، من العاملين في تلك الفرق، فقدم بعد يومين لقضاء إجازته، “وأتى ليطمئنني بأن منزلي لم يتضرر جراء الحرب، وكان ذلك موثقاً في مقطع فيديو”.
بعد ثلاثة أيام “جاءني خبر من الشخص ذاته، بأن الطيران عاود وقصف المنزل دون معرفة السبب”، فيما تداولت الأقاويل عن وجود نفق يختبئ فيه عناصر التنظيم تحت المنزل.
ويناشد صبحي، التحالف الدولي والجهات الحكومية المسؤولة والمنظمات الإنسانية لتعويضه عن منزله المدمر.
لا يستطيع السكان في ظل هذا الواقع الاقتصادي المتردي، تحمل مصاريف هدم ما تبقى من منازلهم وترحيل الأنقاض، متأملين من المنظمات الدولية مد يد العون لهم، وتعويضهم عن الضرر الكبير الذي لحق بمنازلهم جراء الحرب التي دارت في المنطقة.
ولاتزال دير الزور وخاصة المناطق أقصى الشرقية، الممتدة من هجين إلى الباغوز على الحدود السورية – العراقية، تحمل ندوباً كبيرة جراء الحرب الطاحنة التي كانت تدور في المنطقة واستمرت لأكثر من عامين، والتي تسببت بنسبة دمار تجاوزت الـ٧٠ بالمية من البنى التحتية، ومنازل المدنيين، كل ذلك الدمار يزيد عبئاً على أصحاب المنازل المدمرة الذين استنزفتهم فترات النزوح وأنهكتهم ماديا وجسديا.
ويطالب السكان المتضررون بتلك البلدات المنكوبة، المنظمات الدولية والتحالف الدولي بتعويضهم عن الدمار الذي لحق بمنازلهم، وإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة في المنطقة، مثل محطات المياه، والجمعيات الزراعية والطاقة الكهربائية، وشبكات المياه والصرف الصحي، والطرقات.
خيمة بجانب المنزل
يختلف حال عدنان العابد (45 عاماً)، عن سابقه، فلا يستطيع الرجل، استئجار منزل يأويه هو وعائلته بعد أن تعرض منزله للدمار نتيجة الحرب التي دارت في منطقته.
نصب الأربعيني الذي ينحدر من بلدة الباغوز خيمةً بجانب منزله الذي يلامس سقفه الأرض، ولا يزال يقيم فيها، منذ منتصف عام 2019.

يتذكر الرجل وهو يكاد أن يبكي، كيف استدان المال من أحد أقربائه عندما قام ببناء منزله قبل أن تطاله آلة الحرب.
يقول لنورث برس: “أقيم أنا وعائلتي حالياً بخيمة صغيرة جانب أنقاض منزلي المدمر، والذي لا أملك القدرة الجسدية ولا المادية حتى لإزالة تلك الأنقاض”.
وكأقرانه يناشد، التحالف الدولي والمنظمات الدولية بمساعدته لترحيل الأنقاض، أو تعويضه جراء هدم منزله بسبب الحرب التي كانت تدور في البلدة.