“أمور غير مرئية” حياة متأهبة لنساء في المخيمات العشوائية في الرقة

فاطمة خالد – الرقة

في فجر كل يوم من أيام الصيف، اعتادت مطرة، على تغيير مكان نوم بناتها من أمام خيمتها إلى داخلها وذلك قبل شروق الشمس كي لا يراهن أحد المارة أو جيرانهم في الخيم المجاورة لهم.

تعيش مطرة المحمد (50 عاماً)، في أطراف مخيم المقص 3 كم جنوبي الرقة، مع بناتها الأربع وابنها وزوجها في خيمة واحدة، تستخدمها للنوم والجلوس والطبخ وحتى الاغتسال.

إلى جانب معاناة سكان المخيمات العشوائية على أطراف مدينة الرقة من الحاجة والظروف المناخية الصعبة، فإن النساء يعانين من أمور تُعد غير مرئية، من فقدان الخصوصية خارج الخيمة أو داخلها.

يعيش 150 ألف شخصاً منهم 76.775 امرأة و60.398 طفلاً في 58 مخيماً عشوائياً في الرقة، بحسب إحصائية حصلت عليها نورث برس من مجلس الرقة المدني.

حياة متأهبة 

تقول “المحمد” لنورث برس: “لا نستطيع أن ننام براحتنا أمام خيمتنا أو حتى في الداخل كون الخيمة مكشوفة للجميع الرايح والجاي يشوفنا”.

وتضيف المرأة بلهجتها العامية: “نتمنى ناخد راحتنا أقل شي بلباسنا بوقت الاستراحة والنوم، ولكن هذا شي شبه مستحيل في المخيم”.

وانعدمت خصوصية “المحمد” وبناتها، منذ خمس سنوات، عند نزوحها، رفقة عائلتها، من أرياف دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات حكومة دمشق وفصائل موالية لإيران، والعيش في مخيمات عشوائية بريف الرقة.

وتتزايد معاناة النازحات في المخيمات العشوائية في فصل الصيف، حيث تضطر أغلبهن للمكوث في الخيمة طوال النهار أو النوم فيها ليلاً مع ارتفاع درجات الحرارة التي تصل ذروتها في الرقة إلى 49 درجة مئوية، إضافة إلى قرب الخيم من بعضها.

تقول المرأة، إنهم مجبرين على المكوث والنوم بخيمة واحدة لعدم قدرتهم على شراء أخرى “في الصيف ننام أحياناً أمام خيمتنا ولكن لوقت الفجر فقط لنعود إلى داخلها حتى لا يرانا جيراننا والمارة من جانب المخيم”.

وكلما زاد عدد أفراد الأسرة زادت المعاناة كون الخيمة تبقى واحدة يعيشون فيها قد تكون ملحقة بأخرى صغيرة يستخدمونها للطبخ.

بشكل عشوائي

لا يختلف حال عائشة الجراد (37عاماً)، عن سابقتها، هي أيضاً إحدى ربات المنزل في مخيم المقص، مع أطفالها الثمانية وزوجها يعيشون بخيمة صغيرة، لدرجة أنهم لا يستطيعوا أن يقسموها لقسمين.

تعاني “الجراد” كما بقية النساء في المخيم من انعدام الخصوصية، فوجود العائلة كلها في خيمة واحدة واستخدام ذات الخيمة لأغراض أخرى كالطبخ والاغتسال يزيد من معانتها ويضيف أعباء أخرى.

وتقول لنورث برس، إن “قرب الخيم من بعضها وتموضعها بشكل عشوائي يمنع النساء من أخذ قسط من الخصوصية فقد تضطر لرفع أحد أطراف الخيمة ليدخل الهواء إليها في الطقس الحار إلا أنها في هذه الحال تكون قد كُشفت على الخيم المجاورة لها”.

وبالرغم من أن الخيمة تضمها فقط هي وزوجها وطفلها البالغ من العمر 5 أشهر، تشعر فاطمة المرعي (17عاماً)، بعدم الارتياح في خيمتها في كل أمور حياتها منذ السنة الأولى من النزوح.

وتقول لنورث برس: “في فصل الصيف رغم الحر الشديد اضطر للنوم داخل الخيمة التي تكون أشد حراً وحتى لا أستطيع رفع أطرافها لأنني سأكون مكشوفة على الخيم المجاورة وهذا أمر مرهق لنا ولكن لا حيلة لنا في شيء”.

ولم تتكلم النساء فيما سبق إلا بما هو ظاهر، فيما يخجلن من الحديث عن أمور أخرى تنغص حياتهن الخاصة مع أزواجهن، في ظل ثقافة مجتمعية لا تسلم منها حتى الأشياء الساكنة كالأقمشة مثلاً.

وبين انعدام الخصوصية ومعاناة النزوح إضافة إلى تحمل أعباء الحياة وصعوبة تأمين مستلزمات واحتياجات أسرهن، تبقى النساء في المخيمات الأكثر معاناة مع غياب الدعم والرعاية لهن.

تحرير: زانا العلي