في “تل البيعة” شرقي الرقة مخيم مهمل كيف يعيش النازحون فيه؟
فرات الرحيل – الرقة
“عايشين من قلة الموت”، هكذا يصف فايز، حاله في أحد المخيمات العشوائية شرقي الرقة، في الوقت الذي يعاني فيه الرجل وأقرانه ظروفاً “سيئة”.
فايز السهو (71عاماً) نزح من ريف حمص إلى مخيم تل البيعة نحو 5 كم شرقي الرقة، شمالي سوريا، منذ أكثر من 5 سنوات، هرباً من القصف وظروف الحرب، لكن خلال الآونة الأخيرة تردى حال الرجل وأقرانه، بسبب قلة المساعدات.
ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية في ريف الرقة، من ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، نتيجة تراجع الدعم وقلة عدد المنظمات التي ترعاهم.
يقول “السهو” لنورث برس: “كنا سابقاً نستلم حصصاً غذائية، بشكل دوري كل شهر، إلا أنه منذ أكثر من ست أشهر، لم نر أي مساعدات، ولم تتوجه لنا أي منظمة تعيننا على سوء الحال”.
ويسكن الرجل في بيت من الخيش “مخاط من شوالات”، بسبب عدم تقديم أي خيام لهم، ولا يستطيع تجديد بيته، بعد تمزقه نتيجة الأحوال الجويّة، بسبب ارتفاع سعر “الشوال” الذي يُباع بـ 19 ألف ليرة، في الوقت الذي يعاني فيه من صعوبات اقتصادية.
يأتي “سوء” حال النازحين في الوقت الذي أجبرت أزمة التمويل غير المسبوقة في سوريا، برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة على إعلان تخفيض المساعدات المقدمة إلى 2.5 مليون من أصل 5.5 مليون شخص يعتمدون على الوكالة لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية.
وساء حال “السهو” وأقرانه منذ إغلاق معبر اليعربية، في تموز/يوليو 2020، وهو المعبر الواصل بين شمال شرقي سوريا والعراق، أغلق عقب فيتو روسي صيني، ولا يزال الإغلاق مستمراً إلى اليوم.
وينتهي التمديد الأخير لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا، في تموز/يوليو المقبل، ومن المقرر أن يتم حينها التصويت في مجلس الأمن على آلية لإدخال المساعدات إلى السوريين.
ويرى مسؤولون في الإدارة الذاتية، أن استمرار إغلاق معبر اليعربية، يفاقم الوضع الإنساني لمئات آلاف النازحين، وتجاهل الوضع الإنساني لهم يزيد من الأعباء الإنسانية نتيجة لإغلاق المعبر، الذي أثر بشكل سلبي على مئات الآلاف.
بينما تضطر مسيرة الحمود (48عاماً)، وهي نازحة في ذات المخيم، للعمل لساعات طوال، خلف “ماكينة الخياطة”، لتعين زوجها الذي يعمل حارساً بإحدى الأراضي الزراعية في المنطقة.
لكنها تشتكي من عدم قدرة غالبية النازحات ممن يخيطن لديها على وفائها أجرة الخياطة، لعدم توفر المال لديهن، رغم أن أجرتها لا تتعدى الـ 10 آلاف ليرة.
ويعمل النازحون في المخيمات العشوائية، بالأراضي الزراعية القريبة من مخيماتهم، وغالباً ما تكون أعمالهم موسمية.
ويوجد في الرقة 58 مخيماً عشوائياً، يعاني غالبية النازحون فيها من صعوبات معيشية، وظروف إنسانية “كارثية”، خاصة بعد انسحاب منظمات من العمل في الرقة، ورغم نداءات الإدارة الذاتية بدعم المخيمات العشوائية التي يقطنها نحو 90 ألف نازح، إلا أنها لم تلق استجابة.
ويقطن في مخيم تل البيعة 346 عائلة، منهم 1739 طفلاً، و1385 امرأة، ويوجد فيه 11 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب إحصائية لمجلس الرقة المدني.
ولتخيف معاناة أقرانها، افتتحت براءة الخلف (23عاماً)، والتي نزحت مع ذويها من منطقة معدان شرقي الرقة إلى مخيم تل البيعة، عيادة صغيرة داخل خيمتها، لمساعدة الحالات الإسعافية، داخل المخيم دون مقابل.
تحاول الفتاة أن تساعد جيرانها بتخفيف مصاريفهم، مستفيدة من خبرتها في التمريض، إذ أنها تعمل بإحدى المشافي الخاصة في مدينة الرقة، ولكن صعوبة الظروف المعيشية لذويها، تُجبرها على الإقامة في المخيم.
تقول إن الوضع المعيشي “المأساوي” للنازحين، دفعها لمعالجة بعض الحالات والإشراف عليها، لا سيما أن المخيمات العشوائية تفتقر للخدمات الطبية، لذا فإنهم أكثر عرضة لانتشار الأمراض والأوبئة.