وساطة إفريقية كبيرة تعجز أمام الأهداف العسكرية لروسيا وأوكرانيا
أربيل – نورث برس
تصطدم الوساطة الأفريقية البارزة لوقف الصراع بين روسيا وأوكرانيا بإصرار كل من الطرفين المتصارعين على تحقيق أهدافهما العسكرية، حيث تدعو موسكو الإبقاء على الخارطة الحالية بعد سيطرتها على مناطق عدة جنوب شرقي أوكرانيا، بينما ترى كييف أن أي مفاوضات في المرحلة الحالية هي بمثابة تجميد للصراع و بالتالي خسارة كبرى لها.
وفي اجتماع تاريخي عقد في سانت بطرسبرغ، استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفد كبير من القادة الأفارقة أمس السبت لمناقشة جهود الوساطة للحرب الجارية في أوكرانيا.
وكان الاجتماع، الذي أعقب لقاءاً سابقاً بين الوفد نفسه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، بمثابة خطوة مهمة نحو إيجاد حل سلمي للصراع، حيث لاقت ترحيب موسكو وكييف لكن دون جدوى عملية حتى الآن.
وكان القادة الأفارقة يسعون للتوصل إلى اتفاق بشأن سلسلة من “إجراءات بناء الثقة” وأخبروا الرئيس الروسي أن الوقت قد حان للتفاوض بشأن إنهاء القتال، الذي قالوا إنه يضر بالعالم بأسره وبالقارة الأفريقية بشكل خاص.
وشكل الوفد الافريقي ممثلون من السنغال ومصر وزامبيا وأوغندا وجمهورية الكونغو وجزر القمر وجنوب أفريقيا.
وقدم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا خطة من عشر نقاط خلال لقائه مع الزعيمن زيلينسكي وبوتين على التوالي يومي 16 و17 حزيران/ يونيو، مع التركيز على تدابير بناء الثقة بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك الاعتراف بالحدود الدولية.
بالنسبة لروسيا فقد قدم بوتين للزعماء الأفارقة، قائمة بالأسباب التي تجعله يعتقد أن العديد من مقترحات السلام كانت “مضللة”.
وصبّ بوتين الماء البارد على خطة السلام، التي رفضتها كييف إلى حد كبير.
وتحدى بوتين افتراضات الخطة، وكرر موقفه بأن أوكرانيا وحلفاءها الغربيين هم من بدأوا الصراع وقال إن روسيا لم ترفض أبداً المحادثات مع الجانب الأوكراني، زاعماً أن كييف عرقلت هذه المحادثات.
وتقول موسكو إن أي سلام يجب أن يسمح بـ “حقائق جديدة”، مما يعني ضمها المعلن ولكن غير المعترف به دولياَ لخمس مقاطعات أوكرانية، أربع منها تسيطر جزئيًا فقط عليها، وهو ما تعتبره كييف “خط أحمر”.
وتضمن اقتراح القادة الأفارقة المكون من عشر نقاط عناصر رئيسية منها الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، واحترام وجهات النظر المختلفة، والبناء على الأسس القائمة للسلام، والحاجة الملحة لتسوية تفاوضية لإنهاء الحرب، وتسليط الضوء على تأثيرها الضار على القارة الأفريقية والمجتمع العالمي، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار السلع الأساسية وتكاليف الوقود.
وظهر وقف تصعيد الصراع كأولوية حاسمة للزعماء الأفارقة، وشددوا على أهمية الالتزام بمبادئ السيادة المعترف بها دولياً، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وضمان الضمانات الأمنية لجميع الدول المعنية.
وأخبر رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا نظيره الروسي بوتين أن القتال يجب أن يتوقف.
وقال بعد محادثات في سان بطرسبرج “يجب تسوية هذه الحرب من خلال المفاوضات ومن خلال الوسائل الدبلوماسية”.
ومع ذلك، أعرب الرئيس بوتين عن شكوكه فيما يتعلق ببعض تدابير بناء الثقة، بما في ذلك الاعتراف بالحدود الدولية، وهو ما رفضته أوكرانيا بالفعل.
قبل ذلك، وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الوفد الأفريقي في 16 حزيران/ يونيو في كييف، كرر زيلينسكي أن أي محادثات مع روسيا في المرحلة الحالية من الحرب ستكون في صالح روسيا.
ورفض الزعيم الأوكراني فكرة التفاوض في المرحلة الحالية بشدة، وقال “السماح بأي مفاوضات مع روسيا الآن بينما المحتل على أرضنا هو تجميد الحرب وتجميد كل شيء (..) نحن بحاجة الى سلام حقيقي وبالتالي انسحاب حقيقي للقوات الروسية من كامل أرضنا المستقلة”.
وجدد الرئيس زيلينسكي ضرورة قيام روسيا بسحب قواتها من الأراضي الأوكرانية المحتلة كشرط مسبق لمحادثات السلام، ومع ذلك رفض الرئيس بوتين بشدة هذا الشرط.
ويدور الخلاف الأساسي بين الجانبين حول إصرار روسيا على الاعتراف بـ “الحقائق الجديدة” الناتجة عن ضمها للأراضي الأوكرانية، وهو تأكيد رفضته أوكرانيا بشدة. وبالتالي، ترفض روسيا التنازل عن الأراضي التي ضمتها كشرط لبدء محادثات السلام.
بينما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن بعض التوافق مع الخطة الأفريقية، وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تحقيقها بـ”الصعب”.
ومع ذلك، أعربت روسيا عن اهتمامها بمواصلة الحوار مع الدول الأفريقية المعنية، لكن من الواضح أنها وأوكرانيا تصران على عدم البدء بمفاوضات قبل تحقيق أهدافهما العسكرية.