“إجازة الأمومة”.. نساء في دير الزور بين مصدر الرزق الوحيد والعائلة

إيمان الناصر – دير الزور

واجهت أماني، صعوبات معيشية بعد تركها وظيفتها، كانت قبل ذلك قد طلبت إجازة أمومة قبل ولادتها بأسابيع، بسبب تعب شعرت به في آخر فترة حملها، ولتتمكن من الاهتمام بطفلها في بداية ولادته.

تركت أماني العلي (27عاماً)، وهي من سكان قرية محيميدة 12كم غربي دير الزور، وظيفتها، بعد أن رُفض طلبها بالحصول على إجازة أمومة، لأنها “موظفة بعقد عمل” في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، ما سبب لها صعوبات اقتصادية.

تشتكي موظفات في مؤسسات الإدارة الذاتية بدير الزور، شرقي سوريا، من قلة فترة إجازة الأمومة، والتي لا تتجاوز الشهر بالنسبة لبعضهن، وكانت قبل 3 أشهر مدفوعة الأجر، ومن تتغيب عن الفترة المحددة تُعتبر بحكم “المفصولة” من العمل.

لم تكن تعلم “العلي” أن إنجابها وطلبها لإجازة لرعاية طفلها ستحولها إلى عاطلة عن العمل وبدون مصدر رزق، إذ تعتمد المرأة على الراتب لمساعدة زوجها، في الوقت الذي يعاني منه غالبية سكان دير الزور من صعوبات معيشية، تتطلب أكثر من دخل حتى يتمكنوا من تغطية مصاريفهم.

وينسحب حالها على غالبية العاملات في مؤسسات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ممن لا يحصلن على مدة كافية بإجازة أمومة خلال الفترة الأولى من إنجابها، لا سيما بعد أن قُلصت إجازة الأمومة من 3 أشهر إلى نحو شهر للولادة الطبيعية وشهرين للقيصرية، وهي الفترة التي لا تكفي لشفاء جراح إحداهن إذا ما اضطرت لإجراء عملية قيصرية.

وتطالب المرأة بتمديد فترة إجازة الأمومة مدفوعة الأجر، وطرح الإجازات لفترات طويلة براتب جزئي، حتى تتمكن الراغبة بالتقديم عليها، من العودة إلى عملها مرة أخرى والحصول على بعض المال، وحماية حقوق العاملين بالعقود كون “العلي” كانت منهم.

بينما أُجبرت حسنة الأحمد (33عاماً) وهي من سكان قرية الصعوة 22كم غربي دير الزور، وموظفة بإحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، على النهوض بعد حوالي شهر من إنجابها طفلاً بعملية قيصرية، رغم أنها كانت تحتاج أكثر من تلك المدة.

ونتيجة آلام شعرت بها، حاولت المرأة تمديد الإجازة، لكن طلبها قُوبل بالرفض، لذا اضطرت للدوام، أمام مخاوفها من خسارة مصدر رزقها الوحيد، وهو الراتب الذي تتقاضاه.

وترى أن الإجازة يجب ألا تقل عن شهرين، لمنح الموظفات الأمهات وقتاً كافياً لرعاية طفلها حديث الولادة.

وفي جانب موازٍ، قالت أسماء العبد الله مسؤولة الديوان في لجنة المرأة العامة في دير الزور، إن اللجنة مسؤولة عن إجازات الأمومة في منطقة المعامل، مشيرةً إلى أن نسبة الموظفات المتزوجات حوالي النصف.

وأضافت لنورث برس، أن “إجازة الأمومة يتم إعطائها حسب الحالة، حيث يتم إعطاء الولادة الطبيعية شهراً، أما إذا كانت الولادة عملية قيصرية فتُعطى الموظفة شهرين”.

وبلغ عدد إجازات الأمومة الممنوحة للموظفات في دير الزور خلال العام الماضي، 20 إجازة، أما في العام الجاري وصل عددها إلى 10، وفقاً لـ”العبدالله”، التي تحدثت عن مراعاة الوضع الصحي للموظفة، ومساعدتها “قدر المستطاع كي لا تخسر عملها”.

وأشارت إلى أن “اللجنة تحاول الحفاظ على جميع الموظفات، وتقديم الدعم المعنوي والمادي، من أجل إثبات قدرة المرأة على العمل وتقوية مهاراتها وتسهيل أمورها، والحرص على وجود العنصر النسائي في جميع الدوائر”.

فيما تقول عدالت عمر رئيسة هيئة المرأة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن من حق كل أم إجازة لفترة 3 أشهر وهي مُطبقة في الوقت الحالي.

وتضيف في تصريح لنورث برس، أن قرار تخفيض إجازة الأمومة كان “استثنائياً” ولفترة محددة، وفقط بالنسبة للمعلمات.

حيث أن معلمات وضعن أطفالهن في نهاية العام الدراسي، “لكن وليحصلن على إجازة مدفوعة لـ 3 أشهر، ادعين أنهن أنجبن في بداية العام الدراسي اللاحق”، بحسب “عمر”.

لكن نصرة الخلف (23عاماً)، من سكان قرية حوايج ذياب 14كم غربي دير الزور، التي كانت موظفة في المجلس المحلي بحوايج بومصعة، لم تستطع التوفيق بين عملها ورعاية طفلها، لذا تركت العمل، بالرغم من حاجتها له، في تأمين مستلزماتها وبعض المصاريف.

تقول المرأة التي عملت كموظفة في المجلس منذ أكثر من ثلاث سنوات، إنها أنجبت طفلها الأول قبل 6 أشهر، ولم تُمنح أكثر من شهر، لتعود إلى عملها بعد ذلك، لكنها فشلت في الموازنة بين عملها وطفلها.

وترى أن المدة قصيرة لا سيما لدى النساء اللواتي لم يسبق لهن تجربة الأمومة ورعاية الأطفال، وخلق لها ترك العمل مشكلة اقتصادية في الوقت الذي تحتاج فيه لدخل ثابت.

في ظل كل ما سبق، خسرت نساء عملهن نتيجة قصر فترة إجازة الأمومة، وحاجتهن لمدة أطول من ذلك، في الوقت الذي تحتاج فيه العائلة السورية من 5 أشخاص إلى أكثر من 4 ملايين ليرة لتغطية تكاليف وجبات الطعام شهرياً. وفق تقارير إعلامية.

وتُمنح إجازة الأمومة فقط للأمهات لفترة محدودة من الوقت في وقت الولادة (على الرغم من أنه يمكن للأب أن يأخذ فترة ما بعد الولادة من الإجازة في الظروف القاسية، مثل وفاة الأم أو مرضها). بحسب الأمم المتحدة.

تحرير: أحمد عثمان