كوباني – فتاح عيسى – NPA
أعلنت “المنسقية العامة لإعادة إعمار كوباني” يوم السبت الماضي عن طرح شقق سكنية في مشروع “الحي الجديد”، للبيع والإيجار، وحددت (المنسقية) على صفحتها في الفيسبوك سعر إيجار المنزل بمئة دولار شهرياً مع مبلغ التأمين 500 دولار، دون تحديد سعر البيع.
و “الحيّ الجديد” عبارة عن أبنية جديدة تم بناؤها من قبل الإدارة الذاتية، بعد طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من قبل وحدات حماية الشعب من المدينة 2015.
الإعلان لاقى استهجاناً واسعا من قبل الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة الأسعار المرتفعة التي حددتها “المنسقية”، مقارنة بدخل المواطنين.
كما كان من المقرر أن يتم توزيع تلك الشقق على أهالي كوباني الذين تدمرت منازلهم وأيضا تخصيص جزء من ذلك الحي لـــ”عوائل الشهداء”، بحسب تصريحات المسؤولين في المنسقية لوسائل الإعلام في فترة إنشاء هذه المباني.
فإلى جانب قيام الإدارة الذاتية الديمقراطية وعلى مدار عامين بجمع “التبرعات” في الداخل السوري والشرق الأوسط وأوروبا عامة لإعادة إعمار كوباني، وتقديم المنظمات الدولية مساعدات متنوعة لعمليات إعادة الإعمار، كانت قد بُنيت هذه الشقق بتلك الأموال لتعويض المتضررين وغيرهم من عوائل “الشهداء”، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام طلب جميع المتبرعين حصصهم الربحية من المشروع كونه تحول لمشروع “استثماري”، بحسب مراقبين.
رفض
رفضت “منسقية إعادة إعمار كوباني” التصريح (لمراسل نورث بريس) بأية معلومات أو تفاصيل متعلقة بالإعلان الأخير حول بيع وتأجير الشقق السكنية.
هذا وكانت قد بلغت نسبة الدمار حوالي /45/ بالمئة من إجمالي منازل المدنيين، بالإضافة لدمار كبير لحق بالبنية التحتية للمدينة من شوارع وأرصفة ومرافق عامة (الحدائق والمدارس وشبكات الصرف الصحي والكهرباء والماء) إبان الحرب التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدينة كوباني في أيلول/سبتمبر 2014.
وقد عُقد مؤتمران حول إعادة إعمار كوباني، أحدهم في مدينة ديار بكر بتركيا، والآخر في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، بعد تقييم نسبة الدمار في المدينة بينما بقيت قيمة الأموال والتبرعات التي حصلت عليها الإدارة الذاتية لإعادة إعمار كوباني طي الكتمان، ولم يتم الإعلان عن حجم التبرعات والمساعدات، أو الأرقام في أي مناسبة.
وتعقيباً على الإعلان، استقصت وكالة “نورث بريس” آراء أهالي كوباني حول الموضوع، حيث أوضحت السيدة شهيبة عثمان (فقدت زوجها و ابنها في مجزرة كوباني حزيران/ يونيو 2015)، أنّ الشقق التي تم إعلان تأجيرها، “كانت مخصصة لعوائل الشهداء بحسب ما تم إشاعته بين الناس أثناء إعمارها، و كنا نأمل خيراً من هذا الخبر).
تعويضات خجولة
وأضافت شهيبة عثمان، (المقيمة حالياً في منزل كائن بحيّ مخصص كمتحف حرب في كوباني)، أنه تم تعويضها من قبل الإدارة الذاتية بأرض بنفس مساحة منزلها في “المتحف”، مشيرةً إلى أن “التعويض المالي الذي استلمته أربعة ملايين ومئتين وخمس وعشرين ألف ليرة سورية، لبناء منزلي الجديد لم يكن كافياً، فقمت ببناء المنزل دون تركيب الأبواب والنوافذ”.
وأوضحت عثمان أن الإدارة أمهلتهم حتى نهاية الشهر الجاري للخروج من “المتحف”، مشيرةً إلى أن بقاءها في منزلها بالمتحف كان أفضل لها، وأنها بحاجة لمساعدة لاستكمال تجهيز منزلها الجديد.
كما أشارت إلى أن “عوائل الشهداء الذين استشهدوا ذويهم في المجزرة، تلقوا معونات مالية (راتب) من مؤسسة عوائل الشهداء لمدة عام ونصف، ولكن تم إيقاف هذه المعونات بعدها”.
من جانبه قال محمد نور، المقيم في المتحف وهو أخ لمقاتل فقد حياته بحرب كوباني 2014: “عوائل الشهداء وخاصة المحتاجين منهم هم أحق بهذه الشقق السكنية”.
وأضاف محمد نور، والذي يملك محلاً صغيراً في حيّ “المتحف” لبيع المواد الغذائية، إلى أن خبر إعلان تأجير الشقق السكنية وبيعها، سيكون مؤلماً لعوائل الشهداء، كما أن أسعار الإيجار تعتبر خيالية ولا تتناسب مع دخل المواطنين في كوباني، والذي لا يتجاوز بشكل عام مئة ألف ليرة سورية”.
كما لفت إلى أن “توزيع الأراضي على الأهالي المقيمين في المتحف تم بشكل عادل نسبياً، لكن تعويضات البناء لم تكن مرضية للجميع”، مضيفاً إلى أن “الأهالي بحاجة للمزيد من الدعم لاستكمال بناء منازلهم بدلاً من المنازل التي تعرضت للتدمير أثناء الحرب”.
و يتمنى المواطن الكردي، الإدارة الذاتية، السماح له بافتتاح محل لبيع المواد الغذائية في الحي الجديد كي يتمكن من تأمين لقمة عيشه بعد خروجه من منزله في “المتحف”، حيث أن إصابته تعيقه من ممارسة أعمال تحتاج إلى جهد عضلي.
عوائل المتضررين
بدوره أفاد المواطن محمود عثمان علي المقيم في المتحف حالياً، في حديثه مع نورث بريس، أن “الأهالي المقيمين في المتحف كانوا يتمنون توزيع الشقق السكنية الجاهزة عليهم بدلاً من منازلهم التي تم تخصيصها كمتحف، خاصة أن الشقق تم بناءها من التبرعات التي وصلت باسم أهالي كوباني، ولكن لم يتم توزيع أي شيء على الأهالي”.
ومن جهتها أوضحت المواطنة بيركين رشاد، أن “مؤسسة عوائل الشهداء لم تعط وعداً بخصوص توزيع الشقق السكنية عليهم كعوائل شهداء، وأن الشقق التي كان من المفترض إعمارها، كانت ستوزع على جميع المواطنين المتضررين، لكن حجم المساعدات التي وصلت من الخارج لم تكن كافية”.